| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الثلاثاء 2/2/ 2010

 

 أرق القتلة!!

رشيد كَرمــــــة 

حدثني صديق (....) حول مقالة أخيرة كنت قد كتبتها ماذا عن الكميائيين الذين شاركوا المجرم (علي حسن المجيد) الذين لازالوا يسرحون ويمرحون في ارض الله الواسعة في أرجاء شتى من العالم؟وأغلبيتهم يخالفونه في المذهب والمعتقد والإنتماء.ولقد كان الرجل صادقاً فيما رأى أن مجمل ما كتب من دراسات ومقالات تصب بشكل وآخر وخصوصاً ما بعد إزاحة نظام (صدام حسين) المُباد يُحَّمِلُ مذهباً بحد ذاته مسؤولية ما جرى. والحقيقة أن الأمر لايحتمل صب كل اللعنات على مذهبٍ محترمٍ كان القتلة يدعونه زوراً وبهتاناً.فليس كل قاتلٍ في زمن الطاغية الأهوج كان سُنياً,كما أن اعداداً غفيرة من أتباع المذهب كان من ضحايا هوس السلطة, وأقول للصديق المعاتب أن ليس كل من أرتكب جريمة القتل بحق ضحايا المقابر الجماعية من المذهب الآخر (الشيعي) بمنأى عن السلطة الجديدة (البديل هو القانون ) تبعاً للفعل الذي قام به من مؤازرة وتنفيذٍ لقتل جماعي فهناك أسماء كبيرة وعديدة تنتمي للمذهب الأخير أوغلت تعذيباً وفتكاً وقتلاً بأبناء مذهبهم أولاً وأبناء وطنهم ثانية ولسوف يجافيهم النوم طالما شاركوا وساهموا في تدمير (الإنسان ) العراقي ,العربي والكردي والتركماني والكلدو- آشوري , والأيزدي - والصابئي المندائي وكذلك الجيران العربي والإيراني ناهيك عن تأسيس منهج خرب ويخرب ولسوف يخرب بنيان الإنسان, طالما لم نشخص القتلة الذين أفتوا بقتل من يخالفهم النهج مجرد إجتهادهم بتطبيق العدالة الإجتماعية منذ ستينات القرن المنصرم , ولعل غضب الناس الآن أيها الصديق يتأتى من جراء بطش وإرهاب الآمنيين من النسوة والأطفال والفقراء بمفخخات تحمل بصمات " مذهبية"واضحة تعادي جملة وتفصيلاً لمذهب آخر يقف خلفه ربما - من يدعي - أنه البديل وهو غير محق قطعاً فنحن أخوة في الدين والتراث والإنسانية , واراهنك ان العراق يسموا على كل المذاهب , وسنغفوا على ضفاف انهارنا يوما ما ،إلا القتلة فسيصابون بالأرق رغم حصولهم على حق اللجوء هنا وهناك , ورغم ما سرقوا من أموال سوف لن تكفيهم من شراء علاج لأرقهم شأنهم شأن (حسان بن تبع) (*) فلقد كان بعيد الهمة شديد البطش فدخل إليه يوماً وجوه قومه وهم من " حُمَيّرْ" ،قال لهم : إستعدوا ! فلم يراجعه أحد - أي لم يعارضه أو يجادله أحد - لهيبته، فلما كان بعد ثلاثة خرج وتبعه الناس حتى وطئ أرض العجم ،وقال:لأبلغن من البلاد حيث لم يبلغ أحد من التبايعة...,فكلموا أخاه عمراً وقالوا له: كلم أخاك في الرجوع إلى بلده وملكه.قال: هو أعسر من ذلك وأنكرْ.فقالوا: فاقتله ونملكك علينا فأنت أحق بالملك من أخيك, وأنت أعقلُ وأحسنُ نظراً لقومك ...وأجمع الرؤساء كلهم على قتل أخيه (إلا) ذا رعين فإنه خالفهم... وأتاه بصحيفة مختومة قال : ياعمرو إني مستودعك هذا الكتاب فضعه عندك في مكان حريز وكتب فيه :

ألا من يشتري سهراً بنوم       سعيدٌ من يبيت قرير عين.
فإن تك حُمَّيرُ غدرت وخانت     فمعذرة الإله لذي رُعَين

ثم أن عمرا أتى أخاه وهو نائم على فراشه، فقتله وإستولى على ملكه فلم يبارك فيه وسلط الله عليه السهر وإمتنع من النوم ، فسأل الأطباء والكهان والعراف فقال له كاهن منهم : أنه ما قتل أخاه رجلٌ قط إلا ومنع نومه، فجعل يقتل من أشار عليه منهم بقتله، فقتلهم رجلاً رجلاً حتى إذا خلص إلى (ذي رعين) فقال له :ألم تعلم إني أعلمتك ما في قتله ونهيتك وبينت هذا؟ قال: وفيم هو؟ قال :في الكتاب. فإلى الذين ينزون هنا وهناك وإلى الذين بدلوا أزيائهم وركبوا الموجة بعد أن تلطخت اياديهم بدماء الأبرياء وتنسكوا وتمسكنوا وأصبح المسواك والحج وإقامة الشعائربمناسبة ودونها والتردد على الحسينيات ديدنهم، أين المفر؟ فالأرق ملاقيكم حيثما تكونون فإنه أرق القتلة , وجبان ٌ منْ لم يؤشر عليكم حينما يأزف الموعد.


* من كتاب الأغاني (ابو الفرج الأصفهاني )
 


السويد 02022010
 


 

free web counter