| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأثنين 29/11/ 2010

 

 الفُقْرُ صفة العراق ! *

رشيد كَرمــــــة 
 

رغم وجود النفط والمعادن بإختلافها,عاش العراقيات والعراقيون الفقر, ويبدو أنهم ألفوه,ليس في هذه المرحلة السوداوية التي يتسيد فيها رجل الدين الجشع, وإنما منذ الأزل وحتى نشوء الدولة العراقية في عشرينات القرن المنصرم,وشكل الفقر الإقتصادي الذي لف العراق من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق, عاملاً موضوعياً وذاتياً لنشوء تجمعات سياسية,ومنها الحزب الشيوعي العراقي. غاية الجميع مكافحة الفقر, وإنتشال كرامة الإنسان العراقي, لما تتعرض له من الذل والعوز والمرض.ورغم حدوث طفرات نوعية كالتي حدثت بعد 14 تموز 1958,وما أعقبها نهاية السبعينات جراء عائدات النفط المهولة,ألا أن صفة الفقر والإقتصادي تحديدا لازلت شاخصة في البيوت العراقية, وفي الشارع العراقي .

يلاحظ بشكل جلي ان الفترة التي أعقبت 1958ـــ 1963 إزدهرت الحالة الإقتصادية وصرفت الأموال على التغذية المدرسية وبناء الوحدات السكنية وعمرت البنى التحتية,وشهدت فترة تسلط الدكتاتور الأهوج بالله (صدام حسين) منذ نهاية السبعينات وحتى الإحتلال الأمريكي عام 2003 صرف الأموال على شراء الذمم والرشوة الإجتماعية وتكميم الإفواه والتسلح الغير مبرر,ولازال الشارع والبيت العراقي يتعايش ليس مع الفقر الإقتصادي بل وأمتزج مع الفقرالثقافي والإجتماعي والعلمي بكافة فروعه رغم وجود مظاهر وأدوات المعرفة.

ظَللتُ لفترة طويلة أراقب ماتعرضه القنوات الفضائية, قد لانتفق على بعضها وعلى أهدافها وأغراضها,وشكوكها من مجمل العملية السياسية ,غير أنها تسلط الضوء على صرخة الناس من الفقر,فلقد شاهدت على مدى شهور لقاءات متلفزة لشرائح متنوعة من مكونات شعبنا العراقي من الكوت وسامراء والرمادي والحلة وكربلاء والبصرة وكركوك, الإستنتاج الأرأس هو محنة الناس من الفقر, والبحث عن بديل.

أسَرَّتني عراقية نبيلة,جاءت قبل شهور لرجلٍ ميسورٍ (سارقْ **) في كربلاء ما بعد 2003 قريب من أكثر من حزب ديني (طائفي) تشكي حالها وحاجتها.أجابها: والله والإمام (.....) لقد تفَطّرَ قلبي وتكَسّرَ خاطري ,ولا املك غير الدعاء لك واوصيك بالصلاة وزيارة (........) وولى وهو يتمتم....هذا واحدٌ من البهائم التي تعيث فسادا في العراق بعد الإحتلال الأمريكي الذي وعدنا بإطلالة الديمقراطية والعدالة الإجتماعية والتقدم الحضاري.إنه الفقر الإخلاقي المضاف لصفات الفقر الذي ذكرته في بدء المقال, وهو بلا شك (الفقر) الذي تشيعه وتتبناه أحزاب الإسلام السياسي قاطبة ؟؟؟؟.

عدت الى التراث الإسلامي ووجدتُ الفقرُ, كالح السواد,لذا تمنى علي بن أبي طالب أن يقتله, ولكن ليس بعقليتنا الحاضرة نحن, بعد فلسفة تفكيك النصوص, فالفقر سببه رجل وإمرأة (بشرٌ) مثلنا وليس محض وهم كما تخيلها هو والأقدمون !!!

وفي التراث أيضاً أن (إبن دُرّاج ***) جاء إلى باب (علي بن زيد)وهو من المقربين لدى المأمون وأبناءه في العصر العباسي فقال: يأبا سعيد ما أهديت إلي من النوادر؟قال: مرت بي جنازة ومعي إبني , ومع الجنازة إمرأة تبكيه, وتقول :بك يذهبون,إلى بيت لافراش فيه ولا وطاء , ولا ضيافة, ولا غطاء , ولا خبز, ولا ماء.فقال لي إبني: يا أبتِ إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة. فقلت: وكيف ويلك ؟ فقال لأن هذه صفة بيتنا.

وهذه هي صفة العراق اليوم (الفقر) بكل أشكاله.فهل ينهض المارد العادل والعامل الجاد, بأدوات حديثة لمعالجة الفقر,إن لم نقوى على وأده حفاظاً على ماتبقى من كرامة وشهامة وإعتزاز؟


الهوامش :
* للموضوع صله لذا أسقط فيه المسلسل التأريخي للفقر والغور فيه.
** (سارقٌ) أكيدْ .لأنه إعتمد التقية في زمن الطاغية والأهوج بالله(صدام حسين) وحصل على مغانم ,لفتاوٍ كثيرة ولقب واعظ سلطة جائرة, ثم ما لبث إن حصل على أضعافها في الزمن الحالي ولم يعرق ولم يبتل له جبين من كنز الأموال المودعة في بنوك عدة عربية وعالمية وهو محظي لدى الحكومة الحالية وسيكون كذلك لدى الحكومة المرتقبة ؟؟؟؟ !!!!!!!!
*** إبن دُرّاج,يقال له له عثمان وهو مولى كندة وكان في زمن المأمون له شعر مليح وأدب صالح وأخبار طيبة, من كتاب الإغاني لأبو فرج الأصفهاني .
 


السويد 29 تشرين الثاني 2010

 


 


 

free web counter