| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

                                                                                   الأثنين 26/3/ 2012

 

(صُبحي) رجلٌ غريبُ الأطوار يستعجل القُمَة

رشيد كَرمــــــة 

إسمه (صباح) من منطقة النعمانية ـ الكوت ـ إعتاد على إسم (صبحي) (1) ولعله إختار هذا الأسم بغية التغيير الذي حصل في مجمل حياته ،ولكي يهرب نهائيا من تأريخ عاشه هو نسي إسمه الحقيقي، بل نسى عائلته في لواء الكوت نهاية الستينات, شاهدته يوماً ينكر إبنه المُشتاق إليه والباحث عنه بل ضربه وشتمه،  عشق (صبحي) بغداد وهام بحب شاب مجنون "مختل عقلياُ" إسمه (ناطق) (2) وكان مغرما بسيارته (الفولكَا) الروسية الصنع وتكنى (البعيرة) وهذا هو لقبها في العراق، وكان يتحدى من يجرؤ على ذكر سوء الصناعة الروسية مهنته سائق سيارة أجرة, وأوكل لطيبته وعفويته بإدارة وجمع إستئجار بيت يقع بالقرب من ساحة الطيران. كنا مستأجرين في الدار ذاتها أشقاء (ميثم ومحمد علي كَلة  , وأنا ورضا كَرمة) تلاميذ إعدادية وجامعة ، وطلاب معرفة, نتأبط دائما وأبدأ، زادنا المعرفي بكرةَ وأصيلا، لم يحدث أن إستوقفنا (صبحي) صباحاً، مستفهما عن ضيوفنا الكثر ممن تقطعت بهم سبل الوصول لديارهم وأستسهلوا المبيت عندنا من مسرحيين وفنانين تشكيليين  وشعراء وأدباء باتوا معروفين الآن،وهذا شئ مفرح ومدعاة فخر في آن واحد  .

غير أنه يقف مساء كل ليلة, وينادرنا وهو في سعال حاد نتيجة أول مصة عرق مستكي بـ (نطقطق وصبحبح) أي (ناطق وصبحي) ويكون جادا وحاداً بالسؤال عن موعد إنعقاد مؤتمر القُمة, ونصحح له أنها ليست قُمة بل قِمة لأن القًمة نفايات وأوساخ (زبالة) والقِمة هي ألأعلى مكاناً , ونشرح له ما تعني من مفردة بأسلوب وطريقة يفهمها كالمقارنة بين الوادي وقمة الجبل مثلاً والنتيجة ضاعت محاضراتنا على الرجل ولم ينجح في اللفظ الصحيح.

ويلح متى تنعقد القًمة ؟ سأله الراحل المأسوف عليه الشيوعي المغامر (ميثم مهدي كُّله) الذي تعرض لأبشع تعذيب من البعثيين السفله في كربلاء نهاية السبعينات, ماذا تريد من مؤتمر القِمة ؟ وسألته أنا كاتب هذه السطور : ما علاقتك وأنت مجرد (صبحبح ونطقطق) بمؤتمر قِمة يتداول شأناً سياسياً خاصاً لحكومات سلطوية يتقاطع مع حاجات عامة الناس وأنت ونحن من العامة المظلومين والمحاصرين بين مطرقة السلطة وسندان الحاجة ومنها الحرية.

وكانت إجابته واضحة وصريحة وغريبة الأطوار كما هو وتكاد تكون في مفهوم الثقافة العامة كاريكاتورية : أريد من مؤتمر القُمة أن يخفضوا سعر العرق المستكي لأن الكثير من العراقيين بأمس الحاجة إليه، وأكثر العراقيات يستفدن من هذا! ضحكنا منه وهذا خطأ وكان المفروض أن نبكي لأن مؤتمرات القُمة العربية تحديداً لم تعالج المشاكل الإجتماعية العربية ــ الإسلامية  الملحة بل هي تكرس سياسة السلطة الحاكمة , وهذا ما حصل وسيحصل في مؤتمر القُمة القادم في بغداد العراق الذي يعاني هو وأهله الكثير في كل المجالات، فهل من (صبحي) جديد غريب الأطوار يطرح شؤون عامة ذات قيمة ونفع ومنها سعر المشروبات الروحية والحريات الشخصية وحقوق الفرد في الفكر والإنتماء إن وجدت في ظل الفتاوي الخاصة التي تتحايل على العامة ؟

الهوامش:
(1) (صبحي) : أُحرِقَ جسده تعذيباً في دوائر مخابرات البعث وهذه هي سياستهم  إنتقاماً من المنتقدين وإن كانوا على غرار (صبحي)  لأنه لم يفرق بين القُمة والقِمة!
(2) ناطق  أحرق نفسه إنتحاراً في شارع الكفاح  إحتجاجاً على قُمَة لم تتداول شؤون العامة,والسؤال : كم من (ناطقٍ) الآن في عراق ما بعد الإحتلال الأمريكي ـ الإيراني أضف إليهم ماقبل 2003 الذين تذرعوا بِالقِمة وهم أكثر من قُمة؟.


 

السويد   26 آذار 2012


 

free web counter