| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 21/12/ 2011

 

مطار "بغدهار" الدولي!

رشيد كَرمــــــة 

حتى هذه اللحظة التي يُقرأ فيها تصوري وزيارتي لبغداد العاصمة العراقية بعد مضي ثلاث وثلاثون عاما على مغادرتها عنوة وهرباً من جحيم (حزب البعث العربي الإشتراكي) شطبتُ وأضفتُ وعدّلتُ مرات متتالية , تجاوبا مع الحقيقة والواقع , إنه ليس مطار ,وإنها ليست بغداد التي عهدتها وتآلفت معها وتعلمت منها ومن مسارحها,أنا من مواليد كربلاء , وأبي من مواليد الجعيفر ومن سكنة محلة الكريمات. لم أزر ولم اعرف ولم اشاهد مطار بغداد الجد والهزل والتأريخ العريق السابق وقندهار التخلف والدجل الحالي إلا ثلاث مرات , إحداهما في وداع الشهيد (سعدي مهدي كَله) الذي أعدمه البعثيون بعد عودته من ألمانيا كخبير في الإتصالات السلكية والاسلكية , وثانيهما في إستقبال إبن ضال (ح) قريبي من ناحية الأُم درس الهندسة في جامعة الموصل في سبعينات القرن الماضي وأكمل دراسته في لندن على حساب ووزر وجهد شقيقاته ومنهن (فتحية ورسمية) الأولى عملت كخياطة والأخيرة عملت كعاملة نسيج في سدة الهندية على أمل أن يسد الدين الشقيق المهندس ولم يفعل حتى هذه اللحظة!؟ وثالثها عام 2011 في التاسع والرابع عشر من كانون الأول ويا ليتني لم ازره ولم اعرف عنه ولم اشاهده, فلقد شاهدت العجيب والغريب. جنود إمريكان يفتشون كل شئ خاص بك وأعضائك الجسدية رجالا ونساء, كلاب بوليسية تبحث عن كل محتوياتك,نقطة سيطرة أخرى تبحث عن ما فات الأمريكان والكلاب ,نبشٌ في الحقائب وأصحابها ,نقطة سيطرة أخرى تبحث في الوثائق التي لم تخلو من تفتيش في نقاط السيطرة المارة الذكر, وسائقنا أعوق اليد,مما إستدعى دفع أجور لمن يحمل الحقائب على سطح السيارة وينزلها على عدد نقاط التفتيش !! فعجلتنا إمتلآت بالحقائب مما إستدعى وضع الحقائب فوق السيارة دون ربطها كي لا تقع ولا تهوى على أرضٍ لم تخلو من مطبات صناعية, كلاب ٌ أخرى تشمك وتكاد تنهشك في نقطة سيطرة أخرى ,جنود وشرطة يطالبوك والجميع بمعاينة جوازات السفر وبطاقات التذكرة,مدنيون ونظارات سوداء في سيطرة أخرى يسألون عن أسلحة,ومدنيون بأسلحة وكأنما أنت في إحدى الولايات ألأمريكية, وسيطرتان أخريتان تدقق في الراكبين وتتعرف على السائق, السيطرة الأخيرة غريبة نوعا ماً, يجتمع فيها كل المسافرين نساء ورجالاً دون أمتعتهم التي تًركتْ في مكان آخر, لا أعرف أهي الكلاب أم أجهزة معينة تفتش , خضعت كما غيري لتفتيش جسدي, ووثائقي. لم أجد من بوابة دخول المطار, وحتى صعودي للطائرة, إبتسامة رضا, أو إبتسامة تحية ومجاملة, الجميع من العاملين في صالة المطار, يحملون شعار ذهبي على صدورهن وصدورهم (يا حسين) بدلاً من شعار الخطوط الجوية العراقية مثلاً, المرافق العامة اوسخ وأقذر مما يتصور العقل,إنها عاطلة تماما , وفي مدخل باحة المطار بالقرب من العيادة الطبية, التفتيش يتم بأساليب قمعية ومذلة ولم تنم عن وعي للأمن العام, موظفة قبيحة الشكل بحجاب لا تملك قلماً كي تدون ملاحظتها القيمة والنافذة, بل تسألك الإستدانة وتبرعت لها بقلم من النوع الممتاز, بعد مماحكة جدية مني, وأظنها لم تشعر بالخجل .
تعرضتُ لوعكة صحية حقيقية, مما إستدعى لسؤالي عن عيادة الطبيب, رهنت جواز السفر السويدي للضابط (الحسيني) المسؤول هدرت ساعة ونصف من الزمن أتلوى من الألم والطبيب الدكتور (زياد) في إجازة غير شرعية كما أخبرني الموظف (ضياء) الذي يتلهى بمشاهدة أفلام وألعاب تسلية من حاسوب أمامه. حانوت فقير في صالة إنتظار المسافرين, يبتز المسافرين العملة الصعبة,والأكل الرديئ. السوق الحرة, لتجار الحلويات والعطور الرخيصة والمغشوشة, وكذا أردأ أنواع السكائر, والقندهاريات والقنداهريون يستعرضون قيافاتهم جيئة وذهاباً أمام حسرة الناس وشكواهم, الخطوط النمساوية وكادرها, أبعد ما يكونوا من الأخلاق, ومن حسن المعاملة, وجمال المهنة , فلقد منعوا ثمانية أشخاص من بينهم أنا وزوجتي من رحلةٍ يوم 9 -12-2011 بسبب تأخرنا في عرقلة التفتيش الذي حصل لأمرأة عجوز في السبعينات وتطوعنا جميعا لمساعدتها وكان بيننا وبين موعد الإقلاع ساعة زمنية بالتمام والكمال. حتى الغربيون الذين وجدوا في ضعف السلطة العراقية رواجا لهم وفي أوضاعهم الإقتصادية صاروا قندهاريون, ومع الأسف الشديد, وهذه هي الضريبة التي ندفعها وسندفعها مقابل عزل دكتاتور وجلاد مستبد تمسح تارة بقيم عربية وإشتراكية وتارة أخرى بقيم إسلامية,فهل يتعظ السلطويون الجدد ويعلموا ان بغداد العراقية لا يصح أن تكون ولا تصبح قندهار الأفغانية!


 

السويد 21 كانون الأول عام 2011

 

free web counter