نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

 

 

 

 

الثلاثاء 21 / 3 / 2006

 

 

 

الموقف......والذكرى

 

رشيد كَرمة

اطلُ على دفتر مذكراتي اليومي بين آونة وأخرى , مفتشاً عن اشياء وملاحظات عابرة حدثت هنا وهناك ومن النادر جدا ًان أعثرعلى مدونة ًدون تأريخ .
فلقد أصبح هوس التأريخ يقلقني , كما يقلق الناس جميعا ومنذ غابر الأيام دون ان ينتبهوا لذلك حتى وان شحت أدوات الكتابة وندر( الكتاتيب ), لذا فليس من الغريب ان تؤرخ الأحداث بما توافق او تصادف من حوادث او كوارث طبيعية وبيئية وإجتماعية فلقد سميت ألأيام عند أهلنا بما سدت عليهم من جور وظلم وحيف واصبحت أيام الجدري وأيام غرق بغداد و( دكَة رشيد عالي ) ويوم سحلوا نوري السعيد وأيام ابو طبر وحفرة العنكبوت , تواريخ مهمة حتى وإن خلت من أسماء وأرقام الأيام والأشهر والسنين , فلقد حفرت - بضم الحاء - تلك الوقائع في ذاكرة الناس وبعمق .
وتلفني الحيرة أزاء نسيان الكثير ممن لم يكلفوا أنفسهم عناء المراجعة والتذكر والتصفح عما تحمله وعاناه المتعلمون من أذى جراء مواقفهم المبدأية أزاء مختلف الأمور ومنها الشأن ألوطني .
ولعل المنصف للأمور سيجد ان القوى الوطنية العراقية وأحزاب ومنظمات وتجمعات التيار الديمقراطي المشتت ومنها تحديدا الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته الطلابية والفلاحية والعمالية لم تدخر جهدا في تأدية مهماتها ومنها مقارعة الظلم اينما وحيثما كان , ومن السهولة بمكان الوقوف على هذه الحقيقة عبر النظرالى قوافل الشهداء والمغيبين منذ 1934 وحتى هذه اللحظة من المخاض العراقي ( العسير).
وقد لفت إنتباهي اوراق ُُعليها كتابات وملاحظات كنت قد دونتها منذ أعوام خلت ومنها أوراق رسمية مذيلة بأختام وتواقيع من الشرطة السويدية ومن الجهات ذات العلاقة توافق فيها على الطلب المقدم من قبل كاتب هذه السطور بتنظيم مسيرة سلمية ضد الحرب وضد الدكتاتورية وهو الشعار الذي كان سائدا في الشارع العالمي ولعل الذاكرة لم تزل طرية ,إذ جابت عواصم العالم ملايين من البشر تندد بالحرب والتدخل والإحتلال , ولم يكن اليسار العراقي والتنظيمات الديمقراطية والقوى الوطنية العراقية إستثناء فلقد شارك العراقيون والعراقيات بهذا الجهد ولم يكن بالإمكان تجنب ماحدث كما لم يأسف اي فصيل ديمقراطي عراقي على مصير الدكتاتور صدام حسين وبطانته , عكس اليسار العالمي الذي لم يكشف حتى هذه اللحظة طبيعة حزب البعث العربي ( الإشتراكي ) كما انه لم يهتدي الى عقدة الجلاد الذي رهن مصير وطن بأكمله بنوازعه الشريرة ومن هنا لابد ان نفرق بين صراخ من إكتوى بنار الدكتاتورية وبين صراخ من لم يكتوي بها وهذه هي الطامة الكبرى كما ان الأمر يبدو واضحا وجليا أزاء الإحتلال ,فلم ترحب القوى الوطنية بأي شكل من أشكال الإحتلال . فعلام التهم تطلق جزافا ؟ وعلام هذه المزايدات ؟
ولأن بدى للبعض ان مجرد مشاركة التيار الديمقراطي والحزب الشيوعي في العملية السياسية هوقبول ضمني بالإحتلال لهو وهمٌُ وخلطٌُ للمفاهيم ليس إلا ...
وإذا كان قد ساد الشارع العراقي جو من الخيبة والإحباط بفعل عوامل داخلية وخارجية عديدة أغرقت البلاد ببحر من الدماء وتهيئ لحرب أهلية طاحنة فان مسؤولية ذلك يتحملها المحتل( المشرع دوليا ) من جهة والجماعات الإسلامية المتناحرة من جهة أخرى ولا أدل على ذلك عجز جميع الأطراف من تشكيل حكومة وحدة وطنية سواء كانت فيها الإستحقاقات الإنتخابية هي الفيصل ام سواها ...
كما ان الأمر لا يحتمل المجاملة ,والتعامل بالحوار الديمقراطي وبأساليبها ومنها الشفافية آخذة بالشيوع بشكل وآخر فليس بالضرورة وليس من الحكمة التعلق بشعارات كنا قد عملنا بها في ظروف معينة ورفعنا من خلالها ( لا للحرب لا للدكتاتورية ) فالحرب قد وقعت ولا بد من شكر لمن أزاح أبغض دكتاتورية عرفتها الشعوب ومنها شعوب المنطقة وتحديدا العراق بكامل أطيافه ومكوناته . وآن الآوان ان نتصدر المرحلة بشئ من الواقعية ونعمل من أجل الحرية من الإحتلال الذي سيساهم ان لم يكن قد ساهم في تهميش دور اليسار العراقي الضارب أطنابه كامل التراب العراقي .
فلقد ساهم الإحتلال في تقوية الطائفيين كما انه يهدد اي ( الإحتلال ) بعودة دكتاتورية من نمط آخر يحفظ لها مصالحها ويخلصها من ورطة ( العراق ) واستبعد تحالف الولايات المتحدة ألأمريكية مع العلمانيين العراقيين على المدى القريب فللولايات المتحدة الأمريكية أجندة اسهل لها التحالف مع تيارات إسلامية لاتهمها المصلحة الوطنية بقدر ما تهمها المصلحة الطائفية !!!
ولله في خلقه شؤون .......