| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الثلاثاء 21/10/ 2008



 الديمقراطية ,,,,
(4)

رشيد كَرمـــة

إستكمالاً للأجزاء أو الحلقات الثلاث * التي تناولتُ فيها الديمقراطية كأحدث لغةٍ مقبولةٍ خلقها العقل البشري , أود في هذا الجزء الأخير , أن اشير إلى أن قانون التطور البشري لم يسر أو يتجه إلى الأمام دون مصاعب أو عراقيل أو حتى إلى توقف وربما تراجع كما هو حاصل اليوم , ومؤشر العودة الى " الغيب " سواء في الشرق أو الغرب دليلٌ ناصعٌ .
ومع هذا فإن الضرورة والحاجة تدفع دائما بإتجاه [ ما صَلـُح َللزمن القديم لا يصلح للزمن الجديد ] .
ولغة الحداثة اليوم يجري تسطيحها , بل طمسها عبر وابل من الفرمانات التي فاقت مثيلاتها بلغة الهمجية والبربرية والعناد الذي يبديه كهنة الدين سوف لايصمد أمام إصرار المكافحين من أجل العدالة والحرية والمساواة . (( يشكل هذا البحث , إشادة لامناص منها لجدية الشهيد الشيوعي " كامل شياع " علني وفيت ُولو جزء يسير من خلال هذه المادة بإجزائها الأربعة دينا ً معرفيا ً لجهوده من أجل الثقافة الجديدة ولغتها الأحدث الديمقراطية )) . سبق أن أشرنا إلى أن الكتاب الذي ألفه كل ٌ من " أنتوني نيغري , ومايكل هارت " يعتبر الإمبراطورية ولدت فـي الأزمة وتظهر كأزمة , أزمة الإمبراطورية حاضرة في كل مكان , وهي مرادف للفساد ليس بالمعنى الأخلاقي للكلمة , حيث يكون الفساد نقيض الإصلاح .
فساد الإمبراطورية حالة موضوعية تشير إلى سيرورة تحلل دائمة ـ سيرورة تشكٌل وتفٌتت ـ وخلق وإضمحلال , والفساد ليس سمة جديدة في الإمبراطورية الناشئة وليس هناك إستثناء يميزها عن سواها إذ تعددت الإشارة إليه في الأدبيات الكلاسيكية ’عن أحوال إمبراطوريات الماضي , فساد الإمبراطورية المعاصرة جوهري كامن في طبيعتها , وناشئ عن وجودها الهجين , ومترافق مع دورها في إعاقة بروز الحاجات الإنسانية وتعطيل سبل بلوغها .
لكن ذلك الفساد لا يعني أن الإمبراطورية سائرة نحو زوال وشيك وإن هناك نهاية معلومة تنتظرها , فنظام عملها يحتم وجوده من حيث كونه أكثر من مجرد ظاهرة عارضة في السياق أو إنحراف مؤقت في المجرى العام .
الإمبراطورية تنتعش من خلال نشر التناقضات التي يفضي اليها الفساد , وتغدو مستقرة بفضل عدم إستقرارها وهجانتها وإختلاط مكوناتها , الفساد يرادف صيرورة تغيٌر ومسخ دائمة , صيرورة تتناقض مع الرغبة الإنسانية لإنها تنطوي على مُكون بنيوي مخالف لكل سياسة موجهة لخدمة حياة الإنسان , عناصر الفساد الشامل تظهر في أجهزة السلطة ....
الكنائس والطوائف , جماعات الضغط للطبقات السائدة , مافيات الفئات الإجتماعية الصاعدة مرتكبي الفضائح , التجمعات المالية الكبيرة , الصفقات الإقتصادية , الفساد إجمالاً ينتج ينتج عــن إستحالة ربط السلطة بالقيم , وتلتقي مظاهره وأسبابه في أربعة محاور :

أولا ً: تعارض الخيار الفردي الأناني مع علاقات الجماعة والتضامن في عملية إنتاج سياسة الحياة الفردية في مستواها اليومي الملموس .

ثانيا ً: الإستغلال المميز لنظام الإنتاج القائم على خصخصة ثمار العمل الجماعي , مما يغلب الطابع الفردي والخاص على الطابع العام والمشترك لسياسة الحياة .
الرأسمالية بهذا المعنى هي نظام للفساد والإفساد .

ثالثا ً: التحريف الأيديولوجي للمعاني ضمن عملية التواصل اللغوي في مجتمع الإعلام والصورة , الأمر الذي يؤثر سلبا ًعلى سياسة الحياة ذاتها .

رابعا ً: توظيف الحكم الإمبراطوري للإرهاب كسلاح لحل النزاعات المحدودة والإقليمية.
في هذه المظاهر والأسباب تجري , حسب رأي " نيغري و هارت " عملية إفساد منظم للجوهر الخاص بالجمع عبر تذريره أو توزيعه في وحدات صغيرة , وإعاقة فعله الموحد , ولئن تم تحديد الفساد في التقاليد البرجوازية الحديثة إرتباطا ًبمعايير أخلاقية قويمة يُحتكم إليها ’ فقد غدا في زمن الامبراطورية ظاهرة مشاعة أو على الاقل , لم يعد سببا ًكافيا ً لتغيير حكومة متهمة به مثلاً.

الفساد هو ممارسة القيادة دون الرجوع إلى عالم الحياة , المفارقة الصارخة التي تلازم الإمبراطورية أنها بينما تستفيد من علاقة التعاون التي تتيح للأجساد إنتاجية أعلى ومتعة أكثر تعمل دون كلل على إعاقة هذه الإستقلالية التعاونية أو حتى على تدميرها .
قبل أن نختتم هذا العرض المكثف , لابد أن نشير إلى أن الكتاب إحتوى مسائل كثيرة جديرة بالنقاش , نختار منها مسألتين : الأولى تتعلق بوصفه حرب فيتنام كآخر مغامرة للإمبريالية الأمريكية قبل عبورها نحو طور الهيمنة الإمبراطورية . غير أن ما يظهره تدخلها العسكري الأخير في العراق , يوحي بخلاف ذلك , القوة الوحيدة في العالم لم تلجأ إلى تلك الحرب تعبيرا ً عن فكرة الحق الشامل العابر للدول القومية ’ بل لإعتبارات إستراتيجية خاصة بأمنها القومي , كما إن تلك الحرب , بمقدماتها ونتائجها المتحققة على الأرض , لم تسهم في إعادة تشكيل العلاقات الدولية , بل أججت فيها تصدعٌات وخلافات وصراعات خطيرة , سياسية وفكرية , تكاد تغطي العالم بأجمعه .
المسألة التي تبدو غير واضحة في الكتاب , تتعلق بتأشير الخط الفاصل بين الدور الإيجابي للهيمنة الإمبراطورية والدور السلبي للإمبريالية والإستعمار ,,,, فهل يجوز التنبؤ بالإستناد على المعطيات الراهنة إن الهيمنة الإمبريالية الأمريكية المكشوفة تهئ بشكل غير مباشر أو غير مقصود , مقدمات نشوء هيمنة إمبراطورية لا تستقر حدودها دون تحقيق مُثل المساواة والحرية عالميا ً؟
وهل يصح الإعتقاد بأن جوهرالهيمنة الرأسمالية الغربية أعمقُ بكثيرمـــــــــــــــــن الظاهرة الإستعمارية ومن مشاريع حركات التحرر الوطني ؟
وماوجه الإختلاف بين فكرة الإمبراطورية وفكرة " فرانسيس فوكوياما "عن نهاية التأريخ حيث يبدو أنه لاتوجد , في نهاية المطاف , سوى غاية واحدة لايحول تعدد أسمائها دون تحكمها بمصائر المجتمعات والثقافات ؟
المسألة الثانية , أن مشروع نقض الإمبراطورية , أي المشروع التحرري للجمع , لايتحقق إلا بحصول إجماع عليه , والاجماع هو نوع من التعالي عن الشروط الملموس للوجود الاجتماعي. خلاف ذلك,سوف لن يكون هناك مشروع منظم للفعل والحياة.
اذا كانت غاية هذا المشروع هي العدالة (العدالة التوزيعية التي دعا اليها ارسطو اوالعدالة الاشتراكية التي دعا غليهاماركس)فان العدالة لاتظهرالاكجدل بين ما هو كائن وما ينبغي ان يكون, اي بين البعد الحال او الملازم للتاريخ والبعد المتعالي عنة. فهي ان تحققت بشكل ملموس , تظل دائما ناقصة وقابلة لتجاوز ما هي علية,وهذا سر قوتها الذي حدا بمفكر شكاك كجاك دريدا الى ان يعتبرها المفهوم الوحيد غير القابل للتفكيك!. كذلك حين يعتمد المؤلفان مفهوم الجمع كبديل عن الشعب او الامة او الطبقة,فانهما يريدان الاشارة الى حقل غير متجانس للوجود, حقل ذوات مستقلة , وعلاقات مفتوحة. لكن الجمع قد يبقى قوة قائمة بذاتها ومنكفئة على نفسها, لو لم تحركة قضية عامة ذات دافع تحرري كي يتحول الى قوة لذاتها ذون وجوذ قضية ووعي ثوري لايكون هناك معنى راسخ لتمردات الجمع ولا لطموحة الى مجتمع عادل هذه القضية العامة التي ان نسميها قوة الحياة العدالة المساواة او الحرية هي ليست قضية للواقع ومحصورة في اطارة فقط انها تصبح قضية عامة بقدار تبنيها ما هو ممكن وغير متحقق بعد ازاء القوى البشرية الخليطة وغير الموحده التي يمثلها الجمع المعاصر ينبغي ان تنطوى القضية على فكرة متعالية على شرطي الزمان والمكان والافكيف يتاتى لها ان تمتلك قدرة توجيه الفعل والحيات والتاريخ اختتم هذا الاستعراضى بالقول ان كتاب امبراطورية فيه الكثير من الامل والحكمة اما كوجود وكمعنى واما حكمتة فهي عدم استباق التاريخ بنظرية جاهزة فالعبرة او العاقبة لا تاتي الا في نهاية الطريق ان وجدت فعلا لهذا يفتتح صفحاتة الاولى بمقطع عميق الدلالة للمفكر الطوباوي الانكليزي وليام موريس يقول " قد يقاتل الناس في معركة ويخسرونها, غير ان القضية التي قاتلوا من أجلها تتحقق رغم اندحارهم ثم يتبين لاحقا ً أن تلك لم تكن القضية التي قاتلوا من أجلها ينبغي على أناس آخرين أن يقاتلوا من أجل ما قصدوه تحت إسم آخر"
قد يوحي هذا المقطع بنوع من الإلتباس , إلا أن فكرته بسيطة وتتضمن إمكانية إبدال الفاعل التأريخي أو القضية التأريخية , وقـــــد يصل الفاعل التأريخي ــ الطبقة , الأمة ,الحزب ــ إلى منتصف الطريق أو يفشل في بلوغ غايته , غير أن قصوره أو فشله ليس شأناً سلبيا ً ففي سياق صيرورة التأريخ يمكن أن يظهر دائما ً فاعلون جدد , كذلك قد لاتتحقق القضية بالصورة التي أرادها أصحابها , بل يجئ تحققها كنتيجة عرضية لصراع يتعدد المنضوون تحت راياته ويتكاثرون , وتزوغ قضيته وتتباين ملامحها مرة تلو الأخرى .
فــــي هــذا الإبدال والتناوب والتحٌول تتجسد جدلية حركة التأريخ التي حاول مؤلفا كتاب " الإمبراطورية " الإمساك بها وتلخيصها مــن القيود المثالية للتفكير الجدلي بنسخه المدرسية , فالحقائق والصراعات الملموسة عصٌية دوما ًعلى القولبة فــي معادلات مغلقة ذات نتائج محددة مسبقا ً


الروابط أدناه تشكل الأجزاء الثلاثة المشار اليها
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/RKarma/9dem.htm
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/RKarma/14dem2.htm 
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/RKarma/18dem3.htm 

 

السويد 21 اكتوبر 2008
 

¤  الديمقراطية (3)
¤  الديمقراطية (2)
¤  الديمقراطية (1)

 

free web counter