| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأثنين 20/10/ 2008

 

 الأدب التركماني

رشيد كَرمة

مرة ًأخرى يفوح عبق الصدق وأريج المحبة من تراثنا العراقي التركماني الرائع , فلقد أفرحنا ووحدنا التراث الوطني , كما ان الجالية العراقية قد تعرفت عن كثب على الأديب الرسام والقاص والإنسان ( فاضل ناصر كركوكلي ) في أمسية ٍ أدبية نادرة نظمها البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية فـــــــي مدينة يوتبوري السويد مساء 19 من الشهر الحالي تناول خلالها شاعر تركماني سكن الوطن ( العراق ) فؤاده وتآلفت روحه مع تراب كربلاء وعمد الى مزاوجة ٍ نقية ٍفريدة بين الإنتماء القومي والإصالة الوطنية في زمن ٍ إتسم َ بالمغالاة الطائفية ’ إنه الشاعر " فضولي " وكما وصفه المبدع ( فاضل كركوكلي ) فخر العراق وهوية التركمان .
وكنت ٌ في صغري قد عددته وليا ً من أولياء الله ’ كون قبره الذي لايبعد سوى أمتار عــــن ضريح سيد الشهداء (الحسين بن علي) فــي مدينة الطف غدا مزاراً لي ولغيري ولطالما سألتُ عنه وعن إنتماءه ومنجزاته ,متفرساً عبر ( شباك ) يطل على مثواه المغطى بقطعة قماش وأبيات شعر تتدلى من قبة ٍ منيرة ٍ دوما ً.
كما أن مقامه دخل في قاموس السياسة حيث لم يزر العراق وفد تركي إلا وقدم محييا ً وزائرا ً مرقده المتواضع الكائن في ماعرف بباب القِبلة متوسطا ً بين تل الزينبية وشارع صاحب الزمان .
ولا أختلف البتة مع من يضعه أو يصنفه ُ كشاعر ٍلكل الأزمان , هذا إذا أحسنا قراءة ًجديةً لما تركه من أثر ٍ أدبي قل نظيره سواء باللغة الأذربيجانية أو بالعربية وما بينهما بالتركية والفارسية .
يقول " نامق بابايف " في دعوته للإحاطة بأرثه العميق لابد من التأني والصبر والوقت الطويل لإكتشاف ما تختزنه وطنية هذا العراقي الذي واظب على قراءة الأدب العربي من وجهة نظر إنسانية , تقدمية بكل المقاييس , رافضا ً مدح السلاطين أو التقرب لهم , نائيا ً بنفسه عن غلواء التمذهب منحازا ً لما هو أجمل .
ولقد كان شجاعا ً وسط خراب المعارك الطاحنة بين الصفويين والعثمانيين معلنا ً تحمل المسؤولية , يقول في إحدى قصائده :

كلما تسفك ُ رماحك َ دَمي
تجرعه المدن ُ شرابا ً.... أنا أسير ُ بأرض ٍ
يشرب ُ فيها الدم ُ التراب ........

ولقد كان الشاعر ( فضولي * ) صريحا ً حد ان أحدا ً لم يجاريه في القول على الأقل آنذاك حين كان القتل ُ على المظهر والهوية , والإدعاء , شأن الزمن الحالي , مما يتطلب مـــــن فئة المثقفين العبرة والتعلم و الإقتداء ولقد كتب قصيدته ( ياقلبي .... لاتطأ سجادة الصلاة ) و ( آفة ٌ لك يافضولي قيدُ الإسلام ) والتي كما يقول " فاضل كركوكلي "القصيدتان لايمكن تأويلهما بالإستناد الى تلك المحنة التي حكمت الشرق الإسلامي و الذي تمحور مــــــع المظهر ضد الجوهر في إطار تلك التناقضات التي إبتعدت عن ماهية العلاقة الكونية مع الغيب وتحديدا خصوصية علاقة الناس مع الله بصورته المطلقة رمزا ًوحياة (( ولازال حتى يومنا هذا ))
ولاشك ان الكثير من الناس وخصوصا ً في محيطنا العربي وعلى وجه التحديد العراق قد تعرف على الأدب الكوردي والشعراء الكورد كـ( عبد القادر كَوي , وعبد الله كَوران , وشيركو بيكس ,,,,, ) كما أننا على دراية يالأدب الفارسي والشعراء الأيرانيون كالشيرازي وسعدي , بالإضافة الى قرائتنا وإطلاعنا للأداب العالمية الأنجليزية والروسية والفرنسية غير ان القليل منا قد إطلع على الأدب التركماني , ويعود الفضل للشيوعيين العراقيين على تسليط الضوء على ناظم حكمت وعزيز نسين وغيرهم ومن هنا تأتي دعوة المحاضر الى الإهتمام بالأدب التركماني ولا شك ان هذا المكون يشكل دعامة ًقوية ًللعراق وإلا لما كان هذا النسيج المتناغم في بلدة كركوك حيث القلعة والمصلى وأحمد أغا .
يجدر بالذكر ان ( فضولي ) المحتفى به كان يتقن أكثر من لغة وترجمته لمجنون ليلى بالأذربيجانية كانت ولا زالت أثرا ً مهما تفتخر به شعوب العالم وأكد البعض أنه شاهد باليه لهذه الرائعة الخالدة في موسكو قبل فترة كما ان اليونسكو قد إحتفلت به كرمزٍ فكري إنساني ناصرَ المرأة ** منذ زمن بعيد جدا ً , كما أنه ترك وصفا ًلمعركة كربلاء المعروفة إبان العصر الأموي ..
وبالرغم من شيوع إسم (علي شير ) على أنه أول من تناول مجنون ليلى باللغة التركية غير أن ( فضولي ) أعطاها شكلاً صوفيا ً متميزا ً.
كما ان قصيدة " الحَمام " كتبها على شكل قصة , يذكر أن ( فضولي ) كان عنوان رسالة دكتوراه تقدم بها عميد الأدب الإسلامي ( حسين المصري ) الذي تناول أيضا منجزا ً له بعنوان ــ التذمر ــ أو شكاية نامة .
بإختصار كانت الأمسية متميزة جدا من حيث إمكانية المحاضر ( فاضل ناصر كركوكلي ) بالإحاطة الكاملة التأريخية والمنهجية من جهة والمداخلات التي لم تخلو من الإهتمام والجدية والإطراء للأدب التركماني من جهة ثانية والتي توجت بإلقاء المحاضر مقطعاً شعريا ً باللغة التركمانية التي تتصف عموما ً بنغم ٍ موسيقي ٍ لايخلو من رومانسية وألفة , شأن التركمان كشعب ,,,
خلاصة القول أدعو أصدقائي المثقفين التركمان قبل غيرهم من تسليط الضوء على الأدب التركماني بمختلف فروعه , كما أتمنى أن تصل اللغة التركمانية إلى أسماع الناس شأنها شأن اللغة الكوردية .
وسواء إختلفنا في ولادة الشاعر في قرة تبه أو كربلاء ألا ان الشاعر عراقي الهوى والإلتزام وهذا ما أكده في إستطراده حيث كتب ــ لقد أبديت نفوري من الترحال عن بلدي وأرضي , والحقيقة لا أريد ان أحرم الآخرين من متعة التعرف على هذا الشاعر المهم ولكنني , أشد ُ على يد صديقي الجميل ( فاضل ناصر ) .


الهوامش
* فضولي : هو ( محمد بن سليمان 1483ــ 1556 )
اللقب كان محض إختياره الشخصي , يقول : في السنوات التي كتبتُ فيها الشعر , فكرت ُ كثيرا ً لأختار لقبا ً مميزا ًلي , وإطلعت ُ على الكثيرِ من الألقاب , فلم أستحسنها , وأخترتُ لقب أو صفة " فضولي " رغم أن الآخرين سوف لا يستسيغونها , ولكنني أفسر الأمر باللهفة والإلحاح على تعلمي وإطلاعي على مختلف المعارف والعلوم , هذا بالإضافة أن كلمة فضول تستقيم مع وزن فعول فنون وعلوم ,,,,
** لقد رفض بشكل قاطع تحويل المرأة إلى سلعة , ودمية مزدانة لأجل إشباع رغبات الرجل , وطالب المرأة بالثورة على المفاهيم الخاطئة وكسرالقيود التي تحيط بها , يقول الشاعر ( فضولي ) على لسان ليلى :

أنا أسيرة ومقيدة بالحصار
مسجونة بنقابي , موسومة بالعار
لا أقدر على عرض ِ مناشدتي ..
ولا الكتابة عن نفسي بإختياري ...
أنا مثل زهرة ٍ, وحيدة , وحائرة , مخنوق صوتي , تنزف دواخلي دما ً...'


السويد 20 آب عام 2008


 

free web counter