| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأربعاء 17/3/ 2010

 

 الخداع ما قبل وبعد الإنتخابات؟

رشيد كَرمــــــة 
 

ما قبل المعرفة وما بعدها,وما قبل الإختيار وبعده, وما قبل الإنتخاب "التصويت" وبعده,قرارٌ حاسم, يدلي به المرء,الإنسان - ذكراً و اُنثى - وقد تجتمع الصفتان في أحدهم أو إحداهن وهذا إستثناء.خاطرتي التي تُقرء الآن من وحي رسم كاريكاتير للفنان (حسان الجباري) يقول أحدهم سائلاً وبصدقٍ شديدْ وباللهجة العراقية :" وربما للمرة الأولى ينطق الصدق"( ما أكَدر أفهم,ماحققنه شي من وعودنا السابقة, وهم عادوا وإنتخبونه) أي بالعربية الفصحى ولتعميم الفائدة للإخوة العرب الأقحاح والأعاجم ممن يحسنون العربية الفصحى على اللهجات المحلية, يقول الدعي : لا أستطيع أن أفهم,وأعجبُ كل العجب,كيف تم إعادة إنتخابنا ونحن لم نحقق شئ من وعودنا السابقةـ.هنا لابد من معالجة منطقية وموضوعية لما حدث , فرسم الكاريكاتير عندنا, ليس ترفاً برجوازيا, أو مزحةً عابرةُ,أو"طيمشه ونيمشه"وإنما الجد وكل الجد,فيما يخص مستقبل العراق والعراقيات والعراقيين,فلا عجب ان تطرح تساؤلاتنا بشكل جاد وحاد وواقعية, فالخدعة كانت ولا زالت كبيرة,ولسان حالهم يقول:( دعهم يدلون بأصواتهم كيفما وأينما شاءوا,سنحذف أصواتهم طبقاً لقوانيننا) لذا لابد من سؤال,أين ذهبت أصوات ناخبي القوائم الديمقراطية الحقيقية؟ سألني رفيقي (زهير إيليا توما ) ماذا قبل المركز الإنتخابي وثائقي ولماذا حذف صوتي للقائمة التي رشحتها؟" وأنوه كما كتب غيري أن من على شاكلته كثيرون وتحادثت مع رفيقٍ طيبٍ آخر (صلاح....) حول نتائج وتوقعات القوائم الديمقراطية العلمانية,بواقعية ومنطقية جداً, ولكننا أغفلنا الخدعة بهذه الطريقة.لم نستبعد في حديثنا التزوير,والتلاعب,وضرورة التوازن, ولكنا لم نؤشر على ما هو أكثر من ذلك ولم نأمل أننا سنحصل رقماً خيالياً لأسباب موضوعية وذاتية,ولكننا عملنا وإجتهدنا في أكثر من ساحة وطرقنا بيوتا, وإكتشفنا سبلاً نظيفةً وحضارية,ولم نرشي أحد, ولم نغصب أحد, وعاهَدنا الكثيرون في خارج العراق وداخله ولربما فعلوا, ولكن لم يدرْ في خلدنا أننا سنكسب الكثير, فواقع العراق الحالي هو غيره في السبعينات, والستينات, والخمسينات, فالدكتاتورية الصدامية البعثية وحراسها الأمريكان ومموليهم أعاقوا حركة العدالة الإجتماعية تحت غطاء خطر الشيوعية.وهذا هو ديدن الرأسمالية العالمية ومن يدور في فلكها بالرغم من حججهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان!!!ولكي أُعزز فكرة ما ألجأُ الى الموروث الشعبي, وولوج التراث بين الحين والآخر أمر مهم ,لئلا يبدو للبعض أن ثمة شئ جديد في حياتنا المعاصرة,على الأخص في المشرق العربي والأمصار الإسلامية,فالحقيقة الجلية, القديم هو الجديد,ولكن بأساليب متعددة,وأشكال متنوعة,والتي إستطابها وإستحسنها الفنان التشكيلي العراقي الوفي (أبو بسام) في لقائي معه في مجلس فرح(مسار ومنال)في أحدى مناطق الثلوج في العالم .وأقتطفُ هذه اللمحة من المبدع (عبد الله بن المقفع)في مؤلفه الثر والفريد _كليلة ودمنة _ قال كليلة:زعموا أن (خًبُّأ *)ومغفلاً أشتركا في تجارة وسافرا, فبينما هما في الطريق,إذ تخلف المُغَفل لبعض حاجته,فوجد كيساً فيه ألف دينار,فأخذهُ,فأحسَّ به الخَبُّ,فرجعا إلى بلدهما , حتى إذا دنوا من المدينة.قعدا لإقتسام المال.فقال المُغَفل:خذ نصفه وأعطني نصفه,وكان الخَبُّ قد قرر في نفسه أن يذهب بالألف جميعه,فقال له: لانقتسم,فإن الشركة والمفاوضة أقرب إلى الصفاء والمخالطة,ولكن آخذ نفقة, وتأخذ مثلها,وندفن الباقي في أصل هذه الشجرة,فهو مكان حريز.فإذا إحتجنا جئنا "أنا وأنت"فنأخذ حاجتنا منه, ولا يعلم بموضعنا أحد,فأخذا منه يسيراً, ودفنا الباقي في أصل دوحةٍ, ودخلا البلد,ثُمَ أن الخَبَّ خالف المغفل إلى الدنانير فأخذها وسوى الأرض كما كانت,وجاء المغفل بعدذلك بأشهرفقال للخَبِِّ:قد إحتجت إلى نفقةٍ فإنطلق بنا نأخذ حاجتنا,فقام الخَبُّ معه وذهبا إلى المكان فحفرا,فلم يجدا شيئاُ.فأقبل الخبّ على وجهه يلطمه ويقول:لاتغتر بصحبة صاحب,خالفتني إلى الدنانير فأخذتها.فجعل المغفل يحلف ويلعن آخذها ولايزداد الخبُّ إلا شدة في اللطم. وقال:ما أخذها غيرك,وهل شعر بها أحد سواك؟ ثُم طال ذلك بينهما,فترافعا إلى القاضي,فاقتصَّ قصتهما,فادعى الخب أن المغفل أخذها,وجحد المغفل,فقال للخب : ألك على دعواك بينة ؟ قال: نعم الشجرة التي كانت الدنانيرعندها تشهد لي أن المغفل أخذها,وكان الخبُّ قد أمر أباه أن يذهب فيتوارى في الشجرةِ بحيث إذا سُئِلت أجاب,فذهب أبو الخُبِ فدخل جوف الشجرةِ,ثم أن القاضي لما سمع ذلك من الخب أكْبَرَهُ, وانطلق هو وأصحابه والخب والمغفل معه حتى وافى الشجرة,فسألها عن الخبر,فقال الشيخ من جوفها:نعم المغفل أخذها,فلما سمع القاضي ذلك إشتد تعجبهُ,فدعا بحطبٍ وأمر أن تحرق الشجرة,فاضرمت حولها النيران,فاستغاث أبو الخب عند ذلك,فاُخرِج وقد أشرف على الهلاك.فسأله القاضي عن القصة فأخبره بالخبر, فأَوقع بالخب ضرباُ, وبأبيه صفعاً, وأركَبهُ مشهوراً,وغَرَمَ الخِبَّ الدنانير!!!


الهوامش :
*
في الحديث : لا يدخل الجنة خَبٌّ ولا خائن. وفي القاموس العربي ولسان العرب الخبُّ : الخداع, وهو الجُربزُ الذ يسعى بين الناس بالفساد.
 


السويد 17آذار 2010
 


 

free web counter