| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الثلاثاء 17/3/ 2009

 

 هنا موسكو ,,,,,,

رشيد كَرمــــة

المكان باكستان , الزمان آذار 1988 , قذفت بنا حماقات الدكتاتورية البعثية وقائدها المقبور صدام حسين الى مشارق الأرض ومغاربها , وبعد جهد جهيد حطت رحالنا أرض البنجاب ومنها الى السند حيث وجدنا ابوابا ًعـــــــدة موصدة بفعل رشاوي عبد الله المؤمن وصحبه إلـــــــى مختلف المؤسسات والتنظيمات والهيئات والجوامـــــع والدول ومنها هيئة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة , وتحت سقف غرفة تكاد تتهالك على ساكنيها وهم من أشد معوزين عشرة بلدان فــــي العالم تآخينا , دون لف أو دوران ودونما قسم ٍ بإيمان ,كوردا ً وعربا ً وتركماناً مسلمين ومسيحيين مؤمنيين وملحدين وبتنا نقتسم رغيف الخبز محمصا ً بالزيت والفلفل والثوم والدموع , وعند المساء نشكل دائرة حول جهاز المذياع لنستمع إلى صوت كنا نعتقد هو الأقرب الينا من الوريد والأكثر قربا ًللحقيقة : هنا موسكو دارالإذاعة العربية , وهــــكذا تبقى أعناقنا مشرئبة حيثما تناهى صوت الأثير, عسى أن تحوي نشرة الأخبار فقرة عن العراق وحربها الضروس , أو نقدا ً وإن بين السطور لعنجهية حكومـــة آلت على نفسها علـــى أن لا تسمع أو تبصر ما لا يروق لقائدها , حتى وإن رشت غازات السيانيد والخردل مناطق العراق كله , فما بالك بقرية أو مدينة أو هور هنا وهناك ,,,,,,,

حمل لنا كاكة جعفر خبرا ً مقتضبا ً مع وافرمن الغضب والدموع من أن مدينته حلبجة قد تعرضت للسلاح الكيمياوي مما عجل من (إجتماعنا الطارئ ) حـــــــول الراديو الجهاز الوحيد الذي يربطنا مع العالم الخارجي ومع بدء البث باللغة العربية وإلــــى نهايته لأيام معدودات فاحت فيه رائحة شواء لحم الأكراد أطفال ونساء وشيوخ لم يحظ خبر إستخدام السلاح بأهمية تذكر , ورحنا ندير ظهورنا رويدا رويدا لأذاعة موسكو ومذيعها " فؤاد حبيب" مولين أفئدتنا إلى مونت كارلو و( هنا لندن ) وهناك وعند جهينة الخبر اليقين , وبتنا لا ننام ليالينا الموحشات إلا بعد أن نسمع سيلا من سباب وشتم ـ كاكه جعفر وكاكه برزان ـ ضد الشيوعية والشيوعيين ويوما بعد آخر إتسعت دائرة الهوة بين تآخينا وصار من الصعب أن تسمع آذان الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء والنوافل والوحشة وهي تحمل كره ضد الشيوعيين العراقيين والعرب لأن حكومة بغداد ( العربية ) ضربت بالسلاح الكيمياوي وراديو موسكو( الشيوعية ) لم يكتفي بالتعتيم وإنما نفى بعد أيام قلائل ذلك !

كان كاكة ( آزاد ) أكثر عقلانية بعد أن مارس دور شخصيتين متضامناً مــــــــع الأكثرية الكوردية الحانقة تارة , ومحافظاً على شعرة معاوية مع الأقلية العربية تارة أخرى , وكان لابد من عمل يعيد لوحدتنا شئ , أسسنا من تونا لجنة تحضيرية تنظم مسيرة إحتجاج فـــي العاصمة ( إسلام آباد ) إذ تعذر حينذاك مرور اي تجمع أمام وكر السفارة العراقية الرهيب وكان إختيارنا الثاني أمام مقر هيئة الأغاثة وهيئة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وكان الرفض القاطع مــــن جانب رئيس الهيئة ( السيد جمالي ) مـــــن الجزائر بلد المليون شهيد وربما فاق المليون ضحية إرهاب الأسلام السياسي فيما بعد وحتى هذه اللحظة , وإستقر الرأي ان نقيم تجمع وليس مسيرة أو تظاهرة , وهذا أضعف الأيمان أمام مبنى منزو نوعا ما تابع للأمم المتحدة تشرف عليه جمعية الشبان المسيحي تدير هذه المؤسسة إمرأة رومانية تكاد تتشابه ملامحها مع زوجة شاوشيسكو مع كثير من الصرامة والعند والغلظة , تساعدها فـــي إدارة شؤون اللاجئين فتاة باكستانية بظة الجسم في العشرينات من العمر تفوح منها حلاوة الوجه الشرقي وأنوثته تعاطفت معنا ( رخصانة ) بسرية تامة , بل منحتنا دموعاً كانت عنوانا ًللتضامن والتعاضد ,علت صدورنا شارة سوداء وأمرنا أطفالا ً كانوا بصحبتنا ومنهم ( دابان ) أن يفترشوا الأرض وكأنما ضربوا للتو بغاز الخردل فيما وزعنا كلمة اللجنة المنظمة ( رشيد كَرمة ) كلمة أهالي حلبجة ( كاكه برزان ) كلمة التجمع الديمقراطي للاجئين العراقيين ( ابو سعد ــ كاظم ) لم تخلو كلماتنا من التنديد ومساحة الألم ورص الصفوف , كما انها خلت من التشكيك وبواعث الفرقة عدا كلمة ( كاكة برزان ) حيث لم يترك كلمة سباب أو شتيمة أوعيب فـــي القاموس المحلي والعالمي إلا وتناولها بسبب بغضه اللعين للعرب وللفكر الشيوعي وإذاعة موسكو , وليس بسبب السلاح الكيمياوي فيما بدى وفيما يبدو الآن .
 


السويد  17 آذار 2009

 

free web counter