| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

                                                                                   الجمعة 16/12/ 2011

 

الشيوعيون أنصار الحق...

رشيد كَرمــــــة 

هكذا عرفتهم ومنهم تعلّمَ الكثير,وأدين بتربيتي الوطنية لهم لما تعلمت من بحر علومهم الفياض معنى الإخلاص والوفاء والعهد والتضحية ونصرة المظلوم,ومنذ ما يقرب من ثلاث وثلاثين عاماً لم أزر محل إقامتي (العباسية الشرقية ـ كربلاء)ومثلها لم أشترك في مسيرة "عزاء موكب العباسية الشرقية" والذي يقام عادة في شهر محرم(عاشور)لإحياء ذكرى إستشهاد(الحسين بن علي بن أبي طالب) في واقعة الطف المعروفة.

ورغم أنني لم ألبس الثياب السود " الملابس المعهودة "
كما شببت , وكما عودتني أمي في أيام عاشوراء,ألا أنني وجدت نفسي بمعناها الروحي والمادي متأقلماً مع مناخ الفاجعه وكأنني لم أغادر العراق وكربلاء, وهكذا هتفت وأنا ومن معي : أهلا بشباب العباسية, أهلاً بأنصار الحسين. إلتف حولي الكثيرون وأكبرهم عمراً أصغر مني ضِعفا,كان بيني في المكان والزمان من صدح صوته ضد الإستغلال ضمن ردة * الجوقة الثانية ** الطالب وكان المعلم ,كان الفلاح والعامل كان الأديب ,الشاعر والمسرحي والتشكيلي والفنان,وكان من يعمل في الشرطة والجيش والقضاء والرياضة ,لم يغادرني حتى المصاب بالجلطة القلبية كان معنا جميعا من يحمل وجهة نظر مختلفة في مجمل سياسة وعمل الحزب الشيوعي العراقي , كان معي تحديداً الضد والند والقريب والبعيد وبإختصار كان معي كل العراق. وكوني متلهف للقاء أكثر وأكبر عدد من تبقى من رفاقي الشيوعيين الكربلائيين أحياء وإن كانوا أبنائاً فلقد جاوزت الإنضباط في مثل هكذا مناسبات, ورحت وحسب تعبيررفيقيَّ (هادي, وسلام) ألطعُ "اطبع قبلة "لمن ألقاه بعد غياب مكره وغربة قسرية وسط جو من التساؤل عن معنى هذا لمن لا يعرفني ,وكثيراً ما خرجت من الموكب للتحية والسلام لرفاقي الذين إصطفوا على جانب الطريق لمراقبة وقراءة وسماع شعارات مست صميم فكر الناس, شاهدت (فاضل الأنصاري وغازي غريب, والأستاذين هادى السداوي ونجم عبد, والحبيب ستار, وعبد الأمير مسلماني ) وغيرهم من شاركني في الصوت الإحتجاجي المتضامن مع الحق.

ويتقاطر الناس بشكل فردي في موكب طرف العباسية الشرقية في شارع طوريج حيث تناول الطعام بعد عناء يوم عمل شاق, لينتظموا في حلقات ويرددوا نبض الشارع العراقي الذي ينوء تحت وطأة إستبداد أحزاب الإسلام السياسي ومحاصصة الكتل السياسية التي لاتريد ولا ترغب بحوار وطني جاد تخرج العراق من محنته بعد عذاب دام أكثر من ثلاثين عاما,

ورغم أدوات الإعلام ومنها الكاميرا التلفزيونية التي تعني بالنقل المباشر لجميع المواكب, الا أن الإنحياز والعداء وحجب الحقيقة قد عطّلَ نقل صوت الحناجر والأيادي المؤشرة للحقيقة المرة التي لابد للسلطويين ان يصغوا لها, كي لايقع العراق وأهله تحت وصاية يزيد بن معاوية,ومن شابهه وإن بلباس وشعار آخر, ومكان وزمان مغاير.وسيبقى الشيوعيون العراقيون أنصاراَ لكل مظلوم ومغدور, وسيبقى موكب عزاء العباسية الشرقية يؤرق اللصوص وتجار الفساد والمدعين, وسيخيف صوت الفقراء من يتربع على عرشٍ سيهوى وان بعد حين,
وهكذا تعلمنا من مصرع سيد الشهداء (الحسين بن علي).


الهوامش:
* الردة : من الترديد لمقاطع من الشعر الموزون والمقفى, ويحتكر أهل العباسية الشرقية منذ القدم بترديد شعارات ضد الظلم وتجاوزات السلطة أيا كانت , ومطالبة الجميع بالوحدة الوطنية,وإشاعة العدل.
** الجوقة : وتلفظ القاف بالكاف اليمانية (الجوكَة) وتتعدى الثلاثون شخصاً وما يزيد وتنتظم بترديد الكلام واللحن بإيقاع واحد وحماس ينطلق من أحاسيس صادقة, وحناجر تصدح بحب التضحية والإيثار.

 

 السويد 16 كانون الأول 2011

 

free web counter