| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الثلاثاء 15/7/ 2008



عمارة الأنسان أولا ً ......

رشيد كَرمة

منذ زمن بعيد , وعميق عمق التأريخ , ومنذ ان وُجدت المنفعة الشخصية , تناحر الناس فيما بينهم, يدفعهم في ذلك إستحواذ قدر معين من المصالح . وبتطور الإنسان وقوانين الحياة وولادة أفكار جديدة إبتدعها وخلقها هذا الكائن على الأرض المسمى بشرا ً تطورت المنفعة الشخصية - الفردية - الى منفعة فئوية - جماعية . ولأن المجتمع يخضع بدوره الى عامل الحركة التي هي جوهر الصراع , إحتاج الأمر الى التعاون و تبادل المنفعة والتي تعتبر سبباً وناموسا ً حياتيا ً , ويسري هذا الأمر على جميع المخلوقات , وتظهر الدراسات المتعددة كيفية نشوء التجمعات السكانية وأنماط عيشها تبعا ً لعدة عوامل . منها وأهمها وبإختصار شديد :.
1- عامل القوانين الطبيعة من أجل درء خطرها كتجنب الأقامة في مناطق تعرضت لزلازل أو كالفيضانات ونحوهما مما يتوجب الإقامة بعيدا ً عن المناطق المنخفضة القريبة من مصادر المياه او الأمتناع من السكن والأقامة في مناطق يكون فيها معدل عمر الأنسان قصيرا ً وقد كشفت الأبحاث الحديثة أن ذلك يعود الى عناصر إشعاع اليورانيوم من الصخور والذي إهتدى اليه الأنسان في الآونة الأخيرة , وقد خضع سبب الوفيات في مناطق عدة من العالم الى دجل رجال الدين والجهال من وعاظهم ولطالما أشاروا إلى إستحالة العيش في مناطق معينة نظرا ً لأنها منطقة سكنية ًُ للـ( الجِن ) . ولعبت وتلعب وستلعب الخرافة الشعبية دورا ً مهما ً في صيرورة المجتمع مهما بلغت درجة رقيه طالما لم يخضع الأنسان تفسير الأشياء الى المنطق العلمي المادي وليس الغيبي العائم ..
2_ عامل القوانين البشريةًوالتي تشكل عاملا مهما في تأمين الحياة الإجتماعية وديمومتها من أجل درء خطر الحيوانات المفترسة أوالغزوات من الآخر سواء كان للسلب والنهب او السيطرة على الأرض والإستيلاء عليها ومصادرتها ومن هنا تمت ( هندسة )الأتصالات بين مختلف التجمعات البشرية وإن باشكالها البدائية والتي اعتمدت أول الأمر البناء المجاور للناس وهذا واضح من عمارة البيوت القديمة المتلاصقة والمشيدة وفق متطلبات العيش ومنها حساب الظروف المناخية , لذلك تعمد بعض الشعوب ومنها العراقييون النوم على سطوح المنازل في ليالي الصيف بينما يلجأ الآخرون الى السراديب في عز الظهيرة طلبا ً للبرودة .
وعراق دولة المنظمة السرية مثلا ً 1968ـــ 2003 كان يميل فيه الفرد الى بناء سكنه بما يوفر للعائلة شيئا ً ولو ضئيلا ً من السرية منعزلا ً هربا ً غير مرئيا ًعن تطفل الجيران الذي حوله البعثيون الى شرطي مخبر على مدار الساعة واليوم والعام , لذا إنكفأت البيوت على ساكنيها ولقد ساهمت شحة المواد المعيشية وصعوبة الحصول عليها ( الحصار ) من جهة الدكتاتور ومن جهة العالم المتمدن الى تدهور ٍفي العلاقات الأجتماعية بالرغم من تطورالعمارة السكنية .
وعراق اليوم ينبأ بتدهور خطير , إذ أعيدت الخريطة السكانية بفعل القوة ( الطائفية ) التي إستخدمت من خلالها التفجيرات والذبح بالسكين والأختطاف والأغتصاب مما هدد ويهدد بإلغاء ما سمي بنظرية ( العقد الأجتماعي ) يرى الفرنسي جان جاك روسو أن الإنسان كان يعيش قبل نشأة الدولة في حرية كاملة ، ولكن نظراً لتعارض المصالح والميول والنزعات الشريرة ، فقد اضطر الأفراد إلى البحث عن نظام يكفل لهم الأمن ، ويحقق العدالة ، فتعاقدوا على إنشاء مجتمع سياسي يخضع لسلطة عليا ، ويعتبر هذا العقد هو أساس نشأة الدولة ، وسند السلطة معاً ومؤدى العقد عند روسو أن الأفراد تنازلوا عن حرياتهم الطبيعية للجماعة مقابل الحصول على الحماية .
ولابد لنا من التريث فيما نبنيه من بيوت ومنشآت ومعامل ومدارس وغيرها وعلينا ان نباشر بإعمار البشر أولا ً, ولنبدء بتحريره من الخوف الذي طاله عبر سنوات القمع البعثي ومن ثم سنوات الذبح الطائفي ــ القاعدي ـــالوهابي في ظل التواجد الدولي تحت شرعنة الأحتلال الأمريكي من جانب الأمم المتحدة وفي ظل خرس وطرش الأنظمة العربية والأسلامية بسلاطينهم وبسياسيهم ومنظريهم ورجال دينهم و وعاظيهم وهذا لايتم قبل سيطرة الدولة على جميع انواع ما يطلق عليهم ( مليشيات إسلامية ) وهذا لايتم أيضا ً طالما هناك سعي حثيث من أجل الأستحواذ على كرسي السلطة رمز الدولة بإستغلال الدين ورموزه , ولابد من مشاركة الجميع علمانيين ومتدينيين لأن إعمار الفرد أساس البناء اليوم , ولأن إعمار الفرد مصاحب ُلنجاح عملية البناء الشامل .
ولقد نُقل الينا التراث الشعبي من بداية تشكل المجتمع العراقي ومناطق سكنه وطريقة عيشه هموم المثقف الواعي أزاء تصارع ( الناس ) على السلطة , حيث قال أحدهم :

                   ويوم ُ سمين ُ ويوم ُ هزيل               ويوم ُ أمر ُ مــِن الحنظلة
                   وليل ُ ابيت ُ جليس الملوك              وليل ُ أبيت ُ على مزبلة !


وسيتحمل وزر هدم العلاقات الأجتماعية في العراق رجل الدين المعني الذي لم يشأ إلا الصمت ويرفض الأعلان من أن إعمار الفرد أولا ً , إعمار الفرد دائما ً

ملاحظة :
تحادثت ُ بحوار ٍ جاد ٍ مع عراقي يكاد ُ يموت ُ عِشقا ً بالأمريكان ما يلبث ُ( يطغمني ) بفضل الأمريكان الذين حرروني من صدام حتى يعاودني بطمغة ثانيةٍ , تذكرت ُ واقعة ً لعراقي حاجج عاشقا ً للمنصور إبان العصر العباسي الذي قيل عنه كان عصرا ًذهبيا ً رغم أنه ليس كذلك .
قال عاشق المنصور : منذ ان ولى علينا المنصور رفع الله عنا الطاعون .
أجابه العراقي النبيه : لأن الله أكرم من أن يجمع علينا المنصور والطاعون !
وأقول ونحن في عام 2008 ــ العصر الديمقراطي ــ هل يمن الله علينا بكرمه ولا يجمع علينا الأمريكان والبعثيين والقاعدة ورجال الدين والطائفيين ؟


السويد 9 تموز 2008

 

free web counter