| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأثنين 15/3/ 2010

 

 حلبجة المدينةُ الحزينة ..

رشيد كَرمــــــة 

يقف (العالم) كل عام بأسرهِ بما فيهم المواطنون الأمريكيون و اليابانيون على حد سواء, ومعهم قوى السلام العالمي, والشخصيات الفكرية والسياسية’ والعلماء والأدباء والفنانين مندهشاً وحزيناً ومتأملاً الآلآم لما حَصَلَ من دمارفي مدينتي هيروشيما وناكازاكي المدينتان اليابانيتان اللتان ضُربتا بالسلاح النووي المحرم دوليا نهاية الأربعينات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية,ويقف الشعب الكوردي اليوم, هذا الأخ التأريخي لنا في كوردستان العراق,و في أنحاء متفرقة من كوردستان تركيا وإيران وسوريا ولبنان ومعهم الملايين من قوى الخير و التقدم عرباً, وتركماناً,وأوربيون,وآسيويون ومن أمريكا اللاتينيةً, وأفريقيا, وغيرهم دقائق معدودات من الحداد,على أرواح من قُتِلوا غدراً بواسطة السلاح الكيمياوي الذي تم بأوامر من الدكتاتور المقبور (صدام حسين) وجلاوزته.في دقائق الحداد سيختلي المرء رجلاُ أو إمرأة بنفس المشاعرالإنسانية الطبيعية الدهشة والحزن والألم.تقول:(آنا آخموتوفا*)

سيكسو الصدأ الذهب,,,,,ويتحول الفولاذ إلى رماد,,, ويتفتت الرخام
[كــــــل شئ يستعد للمــــــــوت]
"الحزن وحده سيظل حـياً لأنه يحتضن الكلمة السامية"

في 16 آذارمن عام 1988 وفي ظلمة ليل الغربة الطويل , تناهى لنا صوتٌ واهٍ وأنا في رفقة صديق كوردي في منفاً بعيد عن الوطن, كنا نفترش التراب,وتلفنا أسمالٍ باليةٍ, الخبر يقول بأن قصبة حلبجة,قد قصفت بغاز الخردل,هرعنا إلى راديو ترانسستركان يصطحبنا , وتسمرنا معاً للرعب والهول من خطر السلاح الكيمياوي من جهة,ومدى صحة الخبر,وكيفية تداوله من طرف وسائل الإعلام المسموعة عبر الأثير من جهة أخرى,ألا أن العالم كان أصماً وأبكماً أو الحقيقة, وللدقة في التشخيص كان مصاباًبلوثةٍ في صميم الضمير,بل أن بعض المحطات العالمية لم تكتف بالصمت بل راحت تنفي إقدام (حزب البعث العربي الإشتراكي من خلال قيادته المؤمنة بالإسلام)على ذلك الفعل الشنيع,وبعد أن تبين الخيط الأبيض من الأسود,سارعت قوى المعارضة العراقية للتنديد وكشف ملابسات الجريمة التي راح (ضحيتها) الآلاف في غضون دقائق,ومن هنا تبدو المقارنة بين ضمير واعٍ وأصيل كالذي تمتع به اليساريون والديمقراطيون العراقيون ومنهم الراحل المفكر(ابوالحسن - هادي العلوي) وبين من لم يمتلكوا نتفة ضمير, وإن إمتلكوها فهي ملوثة بكل خراب الدنيا ومفاسدها, كتب فقيد المشاعية في العراق (هادي العلوي): " أيها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة، على فراشه أو في ساحة لعبه، هذه براءتي من دمك أقدمها لك، معاهداً إياك ألا أشرب نخب الأمجاد الوهمية لجيوش العصر الحجري، ولا أمد يدي إلى واحد من أنظمة العصر الحجري، أقدمها لك على استحياء ينتابني شعور بالخجل منك ويجللني شعور بالعار أمام الناس أني أحمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك وليت الناس أراحوني منها حتى يوفروا لي براءة حقيقية من دمك العزيز أنا المفجوع بك، الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل، في زمن حكم الذئاب البشرية الذي لم نعد نملك فيه إلا البكاء. إقْبَلَّها مني أيها المغدور, فهي براءتي إليك من هويتي. "لقد فسر البعض كما هي عادتهم البراءة بما يحلوا لهم,ويوم أقمنا الذكرى الأولى للجريمة قرأت بالنيابة عنه (البراءة), وأنا واثق من برائته لفعل الشرمعلناً ومشاطراً إياه برائتي من أن الطيار العربي العراقي الجنسية ربما هو ليس أنا ولم يمثلني في قيمي وفكري الذي أهتدي وأعتد به .وراسلت الفقيد وكتبت تفاصيل فقرات الذكرىوالتي نشرت حينها في جريدة الغد الديمقراطي وغيرها من الصحف,وأمس حيث أقيمت ذكرىالمجزرة الصدامية_ و التي حضرتها عدة أطراف كوردستانية في مدينة بوروس _مملكة السويد_ ومنهم الرفيق (هيوا رشيد )من قائمة التغيير,تُليت كلمة الهيئة الإدارية للنادي العراقي في مدينة بوروس,والتي نالت إستحسان الحضور,ولقد ألقى الكلمة الإستاذ (عبد الرحمن سردار) بالنيابة عن الهيئة الإدارية, ومما جاء فيها:لم يكن الدكتاتور المقبور (صدام حسين) عدواً للشعب الكوردي وحسب بل أنه أمعن قتلاً وإبادة للعرب قبل غيرهم,ولايمكن فصل معاناتنا عن أهلنا الكورد,فشهداء حلبجة هم شهدائنا, وسوف لن ننسى الدماء العربية التي سفكت في جبال ووديان وسهول كوردستان والتي إختلطت مع الدم الكوردي ,نحن في قارب واحد, ونطمح في تغيير الوعي القائم على القبيلة,والعشيرة والتحزب.والديمقراطية تحتاج فيما تحتاج الى دراسة وافية للواقع الحالي,نتضامن مع حقوق الشعب الكوردي,ونتطلع الى بناء مجتمعنا بروح حضارية تسوده قيم السلام والمودة والتآخي بعد أن تعرضنا ونتعرض جميعا لأمتحان صعب,من طرف قادة الإرهاب وزمرهم بأسماء وأزياء شتى, المجد لشهدائنا والخزي والعار للقتلة, ستنتفض مدن الجنوب العراقي بإهوارها,وضفاف أنهارها ضد الظلم,وضد الإبتزاز, وضد التخلف بسواعد وهمة المتعلمين. وستنتفض حلبجة من أحزانها بفعل التغييروضرورته.


الهوامش
* آنا آخموتوفا : أبرز الشاعرات الروسيات في القرن العشرين,أحبت وتتلمذت على شعر وفكر الشاعر بوشكين,وأطلعت عن كثب على شعر مايكوفسكي,ولدت عام 1889 حزيران وتوفيت عام 1966 آذار .كتبت في سيرتها الذاتية مايلي: أنني لم أكف عن نظم الاشعار. فأنني اجد فيها ارتباطي بالزمن وبالحياة الجديدة لشعبي. انني كنت حين اكتبها اعيش في تلك الايقاعات التي ترددت في التاريخ البطولي لبلادي. انا سعيدة لكوني عشت في هذه الاعوام وشهدت احداثا لا نظير لها".
 


السويد 15آذار 2010
 


 

free web counter