| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأثنين 14/7/ 2008

 

مواقف لازالت غامضة ....

رشيد كَرمــة

كثيرا ًمانشعر بعدم وضوح فكرة ما أثناء أحاديثنا العامة التي تتناول عادة شؤوناً مختلفةً ونسمى ذلك غموضا ً, وفي عالم السياسة والصحافة توصف مواقف الأحزاب والجماعات والدول بأنها مواقف غامضة رغم علانيتها , وتشترك الجماعات والأحزاب الدينية وعلى رأسها المرجعية بالكثير من المواقف الغامضة شأنها شأن السفير ( بريمر ) ولقد أورد الحاكم المدني العام ممثل الولايات المتحدة الآمريكية ( بول بريمر ) في كتاب توثيقي له موسوما ًبـ" عام قضيته في العراق " أمثلة على المواقف الغامضة للكثير من الشخصيات العراقية التي تعامل معها , وفي تقديري ان الدولة الكبرى وكامل قوات الأحتلال مصابة قبل غيرها بالغموض ومن يتصفح التأريخ الأمريكي وما مارسته ضد دول العالم المختلفة ومن يقرء الكتاب سيجد ذلك دون أدنى شك . ومع هذا يقول بريمر في ص 212 : تزداد المشكلة تعقيدا ً بموقف السيستاني العلني الغامض الذي يتقلب بين العزلة الروحية والمشاركة المباشرة في العملية السياسية (( رغم تصريح السيد لموفد السفير بريمرـ ما للدين والسياسة ـــــ اي لابد من فصل بينهما ــــوهذا تناقض لمشاركته في العملية السياسية )) ,.ويورد في الصفحة التالية : غالبا ً ما كان السيستاني يناقش تفاصيل التكتيكات السياسية في غرفة الإستقبال , وعلى سبيل المثال في 4 أيلول أبلغ آية الله العظمى أعضاء مجلس الحكم بأن العراق بحاجة إلى ضوابط مشددة على الحدود وجهاز مخابرات داخلي فعال , وهي تدابير قد يرى العديد من أتباعه الشيعة بأنها تذكر بالبعثيين , ولكنها تكون مقبولة عندما يعلن ان السيستاني يباركها مع معارضته لإنضمام قوات أجنبية من جيران العراق الى الإئتلاف .
ومع هذا الموقف سواء من المرجعية أومن مختلف الأحزاب العراقية وعموم الشعب لا زالت الحدود مفتوحة منذ ذلك التأريخ فأين الغموض ؟ ومن هو صاحب الموقف الغامض ؟ وهل تحتاج امريكا الى إمكانيات كي تفعل ذلك ؟
لقد نسي الرجل العدوى , إذ وبعد قرائتي للكتاب ومقارنة لمتابعتي لتصريحاته وقتذاك وجدت أن ليس موقفا واحدا غامضا ً وإنما مجموعة مواقف إبتداء ً من تشكيل مجلس الحكم المحلي وإنتهاء بتصريحه حول عدم معرفته أو سماعه برجل الدين مقتدى الصدر رغم ان الكتاب الوثيقة يقول عكس ذلك إذ يقول بريمر : تبادلت أنا والسيستاني رسائل منتظمة بشأن الوضع الأمني في النجف لاسيما في شهرآب عندما أصبح الصدر يشكل تهديدا ًخطيرا ً, وأبلغت آية الله أننا ( انا وهو ) نتشارك المسؤولية عن تجنب العنف الضروري وهنا يذكر بريمر ان السيد السيستاني شعر بتهديد الشاب المتطرف وارسل 200مسلح الى كربلاء لمواجهة قوات مقتدى ص251 .
من المواقف الغامضة ينقلها ( هيوم هوران ) كبير مستشاري سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق إذ اسر َ بريمر وبعض القادة ان السيد السيستاني لايريد ان يصبح العراق دولة دينية يحكمها معممون والحال ان كل شئ واضح وهذا ما أقلق بوش وكولن باول وكونوليزا رايس من أن الأحتمال وارد والمخاوف لا زالت قائمة نتيجة تراجع دور المرأة وتضييق الحريات العامة أن لم تلغها الفتاوي !!!!!
فرضت المواقف الغامضة لكلا الطرفين منطقا عاما تداولته الصحف وإجتهادات المحللين بأن إنقساما حادا مفترضا بين السيستاني والإئتلاف وهنا يكشف بريمر انه والسيد تواصلا بإنتظام بشأن القضايا الحيوية من خلال الوسطاء وأن أعتراها الحذر والغموض ,,,,,
ففي اوائل الصيف أرسل السيستاني رسالة حدد فيها وبشكل قطعي أنه لم يتخذ موقفاً ما بسبب عدائه لقوات الإئتلاف الدولي بزعامة أمريكا بل أنه يتجنب الإتصال العام خشية ان يفقد مصداقيته في اوساط مريديه . والمح الى ان الفائدة ستكون أكبر ضمن مساعي الأثنين المشتركة كما عبر السيد السيستاني المرجع الديني الأعلى في العراق عن إمتنانه الشخصي لبريمر وللإئتلاف على ما فعلوه من أجل شيعة العراق .
يحاول السفير بريمر من تعميم ان العراقيين وقادتهم لايفصحون عن الكثير ويطرحون أشياء غير مهمة وغير مبالين لدروس التأريخ وكثيرا ً ماهدد البعض مذكرا ً بما حصل عام 1920 ويرجع ذلك الى ثقافة البعض مشيدا ً مرة ً وساخراً تارة أخرى ويعيب على عدم تمكنهم من اللغة * وتلعثم البعض وعجز آخرين من تكوين جملة مفيدة , ناهيك عن تناقض البعض وهواية إفشاء الأسرار لذا يلتزم الجميع مواقف غامضة تترتب عليها نتائج خطيرة , وهذا ما حصل ويحصل كل يوم .


الهوامش
* قد يكتسب المرء لغة ً أخرى غير لغة الأم وقد يجتاز إختبارات شتى من أجل ذلك , وقد يمارس اللغة المكتسبة سني العمر , ألا أن اللكنة وما يصاحبها من لفظ تبقى مصاحبة للفرد وهذه نعمة للمرء كي يتذكر ان له وطنا ً أُما ًوهذ ليس عيبا ً, واللكنة ُ بكل الأحوال لاتعني الشتم أو الأنتقاص والعيب في أن نلزم الصمت حيال الغامض من الأمور والأكثر من العيب في أن نتناقضُ بين الأصل والمُكتسب , لأن مرحلة التكوين الحاصلة الآن مرحلة مصير, مصير أجيال .


السويد 3تموز 2008
 

free web counter