| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأربعاء 10/3/ 2010

 

 الحلال والحرام في بلاد الإسلام

رشيد كَرمــــــة 

في بلادنا الإسلامية فقط. لا توجد معايير أخرى للضبط الإجتماعي غير ، أن هذا حلال, وذاك حرام, ولا ثالث بينهما,عكس الآخرين في الدول المتمدنة حيث تشيع وتستخدم على نطاق واسع مفردات تسمو والوعي الحداثي وهو سمة التحضر في أغلب دول "الإيمان" وليس كما يصورها (مسلمو) بلداننا على أنها دول "الكفر".
وعي يتسق مع تطلعات البشر ومنجزاته العلمية والتقنية والإدارية والصحية والثقافية والتربوية, وعياً معرفياً مُهذباً (يكاد) يتمتع به الجميع,حيث على الإنسان ان يعرف حدود القانون الذي يشترك بصياغته الجميع عبر الأحزاب والمنظمات والصحافة بتنوعها المرئية والمقروءة والمسموعة وبشفافية وصراحة مطلقتين وعندها يُلزِمْ القانون الجميع, ويضحى فوق الكل,وماعداه فإنه غير قانوني ومرفوض من طرف الجميع, والعيب الأخلاقي الأكبر في هذه المجتمعات خرق القانون تحت أي ظرف من الظروف, ولم أشاهد أو أسمع كلمات مثل الحرام والحلال هنا ولكن تحكمهم قواعد أخلاقية متينة تنظم مجتمعهم فهناك امر مقبول وآخر غير مقبول ومنافي للأعراف ومن يعتقد أن لا وجود لكلمة العيب في هذه المجتمعات فهو مخطئ بلا شك,والصح والخطأ تتحمل أو يتحمل مسوؤليته الجميع,كل ذلك بفضل الحرية والتحرر من الغيب, والذي غالباً ما يفسد المجتمعات التي تتبجح ليل نهار بأنها تستمد شرعيتها منه,حادثت قبل يومين أحد أبنائي (مشتاق 16 عاماً مواليد السويد وهو حتى هذه اللحظة لم يرى العراق إلا من خلال التلفاز ) وهو يقرأ بحثاً عن الأديان الثلاثة الرئيسية باللغة السويدية ويبدو أن الكتاب هو خارج عن المقررات المدرسية ولكن كي يزداد الفرد (الطالب والطالبة) بمعلومة باتت ضرورية لمواكبة ما يجري ويحدث هنا وهناك,فالنظم الرأسمالية وأحزاب اليمين تجد ربحها في (الدين) وهكذا هو العالم الحالي يبشر بيافطة العودة إلى الدين, فالكنيسة تدفع كما الجامع كما الحسينية ضد مبدأ العدالة الإجتماعية التي تتبناها قوى اليسار.كان جالسا أمام الحاسوب, مازحته وأنا عائد إلى البيت:كيف حالك حاج, وهل كل شئ على مايرام؟واردفتُ,هل تعرف ما معنى الحاج؟ أجابني نعم,وأضاف تطلق على كل من يذهب إلى العربية السعودية ويركض ويدور حول الحجر الكبير7 مرات.سألته:هل تعرف مصدر الحجر والذي يسمى الكعبة.أجابني بالنفي. قلت له هذا يسمى بيت الله وهو رمز ديني قديم وكبير, قال لي: وقد فوجئت بإجابته حقاً, هنا يا أبي تكمن المشكلة فالدين يجعل الإنسان إتكالياً.وحيث تقود الإتكالية إلى تقاعس الإنسان في التفكير, ومن ثم إلى عدم قدرته في فهم كثير من القوانين والمعارف فكل الأشياء مُقررة سلفاً. غادرته إلى صالة البيت وأنا أفكر في الهوة الواسعة الكبيرة بين البيئتين العربية والإسلامية والغرب من حيث طرق التدريس التربوية ,ومنها حرية التفكير, والتعليم وحرية المعتقد.وتحت ظل حرية الفرد والمجتمع تتوفر المعلومة التي تنبع من العلم الحقيقي والذي يرفض الحلال والحرام وتحل مكانها مقبول وغير مقبول صح وخطأ ,مسموح وغير مسموح يجوز وفق القانون وهذا لا يجوز ومنافٍ للقانون, هذا حق وهذا ليس حق,هذا متخلف وهذا حديث وهلم جرا,,سحبت من مكتبتي المتواضعة كتاب الأغاني (لأبو الفرج الأصفهاني ) إذ كنت, ولا زلت استمتع بقراءته, ومحاولاً الإستشهاد به كلما أمكن ذلك, كونه يشكل موروثاً عربياً وإسلامياً,بات يشدنا بشكل وآخر إلى ماضٍ كبّلَ , ويُكبّل مجتمعاتنا بقيودٍ قوية , ولابد من الإفلات منها و تحطيمها,وإلا سنستمر في مهزلة المصطلحات الفارغة ببلاهة شديدة,إذ كيف يتصَّيرْ الحرامُ حلالاً في زمننا الردئ في ظل فتاوي رجال الدين الذين تقاطروا علينا من كل حدب وصوب,تحت عباءة الإسلام السياسي وليسترخصوا الإنسان بإعطائه كيلو ونصف من اللحم مقابل الإدلاء بصوته لصالح قائمة تدّعي القانون * وسمكتان مقابل الإدلاء بالصوت لصالح قائمة ** تدعي أنها تطبق قانون الحلال والحرام!!جاء (غالب وهو أبو الشاعر الفرزدق ***) إلى الكوفة في خلافة (علي بن أبي طالب) وعقر**** مائتي ناقة وبعير فخرج الناس بالزنابيل والأطباق والحبال لأخذ اللحم ورآهم (علي بن أبي طالب) فقال: أيها الناس لا يحل لكم إنما أهِلَّ به لغير الله, وكان الفردزق يومئذٍ مع أبيه وهو غلام فجعل (غالب) يقول له:يابني أردد (علي) والفرزدق يردها عليه ويقول له:أيا أبت أعقر....؟
فيا أهل الحلال والحرام في عراقنا المُبتلى بالغرائب والعجائب ,تقيئوا ما أكلتم لإنها أُهلّت لغير الله كما أفتى بها الإمام الأول لمذهب الشيعة الأثنى عشر(علي بن أبي طالب)وليس هذا وحسب وإنما يتوجب عليكم رفض وتقيؤمن أعطاكم إياها.
 

الهوامش
* في كربلاء والذي يسموها بالمقدسة وزعت دولة القانون (قائمة القانون) كيلو ونصف كيلو من اللحم لكل من يدلي بصوته لصالحها !!!
** في مدينة الثورة التي أسسها وشيد دورها الزعيم الراحل الشهيد (عبد الكريم قاسم) والذي أعدمته الطغمة السافلة في شهر رمضان عام 1963 وكان في رصيده دراهم معدودات,وزعت إحدى ماجدات النظام المقبور, والتي أضحت الأخت المؤمنة في النظام الحالي الجديد, وفي أحد ألمجالس الحسينية للنساء كيساً فيه سمكتان لكل من تنتخب قائمة الحلال والحرام!!!
*** الفررزدق : لقب غلب عليه وتفسيره الرغيف الضخم,وقيل :هو القطعة من العجين التي تبسط فيخبز منها الرغيف,وشبه وجهه بذلك,وإسمه (همام) ولقد جاء به أبيه إلى الإمام (علي بن أبي طالب) بعد واقعة الجمل بالبصرة,فقال:ان إبني هذا من شعراء مضر فاسمع منه فقال(علي) علمه القرآن فكان ذلك في نفس الفرزدق فقيد نفسه في وقت,وآلى أن لايحل قيده حتى يحفظ القرآن...
**** عقر: في لسان العرب .شبيه الحَزَّ,وعقرالبعير بالسيف عقراً:قطع قوائمه,وعقرالناقة عقراً,إذا فعل بها ذلك حتى تسقط فينحرها مستمكناً منها.
 


السويد 10آذار 2010
 


 

free web counter