| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

السبت 5/2/ 2011

 

القنبلة الديموغرافية المصرية

راهبة الخميسي

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 دخل العالم مرحلة من السلم والرخاء, بعد أن سحقت الحرب عشرات الملايين من البشر.
وبدأت مرحلة الاستقلال في دول العالم الثالث, ومنها الاقطار العربية, حيث حصل تحول اقتصادي, واجتماعي, وصحي, في تلك الدول, مما أدى الى انخفاض نسبة الوفيات, وأدى الاخير الى زيادة سريعة في عدد السكان, وعلى سبيل المثال لا الحصر , ان تعداد سكان العراق كان في أوائل القرن العشرين , أقل من 2 مليون نسمة, ووصل الان الى أكثر من ثلاثين مليون نسمة, وكذلك الحال في مصر التي هي محور هذه المقالة, فلقد كان تعداد السكان فيها عام 1952 لايزيد على 25 مليون نسمة, والان بلغ حوالي 84 مليون نسمة, ولكن التحسن النسبي في الوضع الاقتصادي والصحي أدى الى انخفاض نسبة الوفيات, مما أدى ذلك الى زيادة سريعة في عدد السكان, ولكن تلك الزيادة, لم يصحبها ارتفاع في المستوى الاقتصادي بنفس النسبة, خاصة ان المجتمع المصري كان يعتمد على الزراعة بالدرجة الاولى.
وقد بذلت جهود كبيرة لتوسيع الرقعة الزراعية في مصر في زمن الرئيس جمال عبد الناصر, حيث قام بتشييد السد العالي, باضافة مساحات واسعة من الاراضي المستصلحة للزراعة, وقام باصدار قانون الاصلاح الزراعي, وتوزيع الاراضي التي كان يمتلكها الاقطاعيون الى الفلاحين.

ان الزيادة السريعة في عدد السكان, امتصت المردود الاقتصادي المتحقق, اضافة الى ذلك, توسع التعليم على نطاق واسع, ودخول اعداد كبيرة من شباب مصر الى الجامعات, مما ادى الى ضخ اعداد كبيرة من الخريجين الى سوق العمل.
الا ان هذا السوق لم يستوعب الا عددا قليلا من هؤلاء الشباب الطامحين, وبالتالي كانت النتيجة هي خروج اعداد كبيرة من العمالة المصرية الى خارج مصر للعمل في دول الخليج وليبيا واوروبا وغيرها من البلدان.

وقد ساهم هؤلاء في دعم الاقتصاد المصري الى حد ما. ومع كل تلك الاجراءات استمرت الزيادة الكبيرة في عدد السكان, وأدى ذلك الى افشال كل خطط التنمية المحدودة, بسبب محدودية العوائد للاقتصاد القومي المصري, وادى ذلك بدوره الى هبوط مستوى الخدمات التعليمية والصحية الى حد كبير. أضف الى ذلك ان رجال الدين في مصر, لم يساهموا في توعية مجتمعهم بضرورة تحديد النسل, ولم تشرع الدولة قوانيناً لذلك, مثلما فعلت الصين مثلاً واستطاعت الحد من زيادة النسل واستطاعت بذلك الحد من الزيادة السكانية, وحققت نمواً اقتصادياً واضحاً.

ان النظم الاقتصادية في مصر, كانت لطيلة الفترة التي اعقبت ثورة يوليو 1952, هي نظم متخلفة, لم تحدث أية نهضة صناعية ملموسة, في حين أن مصر تحتل قلب الوطن العربي, من حيث الموقع, وكونها اكبر الاقطار العربية, لقد كانت امامها فرصة كبيرة لثورة صناعية تنافسية, حيث انها تمتلك اليد العاملة الرخيصة, والموقع الجغرافي المتميز, كونها تتوسط منطقة عربية ونفطية واستهلاكية, كدول الخليج, وشمال افريقيا.وكان بامكانها ان تستفيد من تجارب الشعوب, كالتجربة الماليزية الاقتصادية مثلا, والتي قادها رئيس وزرائها الماليزي(مهاتير) حيث تحولت هذه الدولة الى دولة صناعية متميزة, واصبح شعبها الان, يعيش في بحبوحة من الرخاء, على الرغم من قلة ثرواتها الطبيعية.

ان مشكلة مصر الكبرى, هي نظام الحكم الاستبدادي, والفساد الاقتصادي, وانعدام وجود سياسة اقتصادية واضحة, وقلة الاستثمار الاجنبي, وكل ذلك أدى الى تردي الاحوال الاقتصادية الى حد كبير, والى تكدس ملايين المصريين بدون عمل, وانسداد الافق أمامهم.
وكانت نتيجة كل ذك... الثورة التي يقودها الشباب, وهي ثورة الشعب الحقيقية, التي لا يتمكن أي تنظيم سياسي مصري, أن يجيرها لصالحه.

انها القنبلة الديموغرافية التي انفجرت, وستكون لها تداعيات كبرى في مستقبل مصر السياسي والاقتصادي .

 

السويد

 

free web counter