| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

                                                                                    الخميس 28/4/ 2011

 

الصناعة العراقية في القرن العشرين

راهبة الخميسي

بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا وبقية الدول الاوروبية في القرن الثامن عشر, وبشكل خاص صناعة المنسوجات, وتوسعت هذه الصناعة الى درجة كبيرة, واحتاجت الى أيدي عاملة, ومواد أولية, فظهرت الطبقة العاملة بشكل واضح, ولكنها بدون قوانين لتحديد ساعات العمل والاجور, ودفعت الحاجة للمواد الاولية الى سباق استعماري محموم بين الدول الاوروبية, وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا باتجاه آسيا وافريقيا, ولكن الثورة الصناعية لم تدخل الى العراق مع دخول جيش الاحتلال البريطاني, فلقد كانت الصناعة يدوية في مجملها, وقد كان البيت العراقي في أوائل القرن العشرين, يعتمد على الصناعات اليدوية في احتياجاته المنزلية, ابتداءا من سرير النوم المصنوع من جريد سعف النخيل, والبساط من الحائك, والاواني من الصفار, وكوز الماء من الفخار, والفراش من النداف. فكان للعراق اكتفاء ذاتي في اغلب السلع والاحتياجات المنزلية, وكان التجار يستوردون الاقمشة والسكر والشاي وبعض المواد التي كان أغلبها من الهند.
وان أول المحاولات التي بدأت لادخال الصناعة الالية للعراق, كانت في العشرينات من القرن العشرين, في مجال الحياكة, مثل معامل فتاح باشا للمنسوجات الصوفية, ثم معامل شهداء الجيش للمنسوجات الخاصة بالجيش.
وفي النصف الاول من القرن العشرين, ازداد عدد المشاريع الصناعية التي تعتمد على الآلة والايدي العاملة, منها صناعة السكائر, حيث ظهرت معامل عديدة منها( لوكس, غازي, تركي) في بغداد, ومعمل سكائر الجمهورية في السليمانية, وصناعة السكر في الموصل وميسان, وصناعة السمنت في بغداد, والكوفة, والسماوة, والموصل, وسرجنار في السليمانية, وصناعة المشروبات الكحولية والغازية في بغداد والبصرة, ومعامل الالبان في أبي غريب, وصناعة التعليب في كربلاء, والتي أدت كلها الى تشغيل أعداد لايستهان بها من العمال.
ثم ظهرت صناعة الاسمدة الكيمياوية, وانتشرت مصافي النفط في العراق, مثل مصفى الدورة في بغداد, ومصفى المفتية في البصرة, ومصفى بيجي في صلاح الدين, حيث استوعبت هذه الصناعات أعداداً كبيرة من الايدي العاملة من مهندسين, وصناعيين, وعمال, وكانت أيضاً صناعة الجلود(باتا), والزيوت النباتية في بغداد, وصناعة الطابوق في بغداد والمحافظات الاخرى.
ومن كل هذه الصناعات التي تركزت في بغداد والبصرة والموصل, وظهور طبقة عاملة واضحة في هذه المدن, كانت نواة لظهور تنظيمات عمالية متمثلة بنقابات العمال, والتي لعبت دوراً كبيراً في الحياة السياسية العراقية, (لقد كان لها دور في التنظيمات السياسية السرية).
ولقد كان من النتائج السلبية, أن ازدادت الهجرة غير المنظمة, من الريف الى المدن المذكورة اعلاه, وخاصة مدينة بغداد, حيث توافدت عليها أعداد هائلة من الجنوب بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية, وقلة مايحصل عليه الفلاح من جهده في الارض, وأدى ذلك الى انتشار سكان الصرائف, في بغداد على نطاق واسع لهؤلاء المهاجرين, مثل مناطق( خلف السدة), و(الشاكرية), والتي كانت تنقصها كل الخدمات التي يحتاجها الفرد.
وتضخم عدد السكان في بغداد, ففي احصاء عام 1957 كان عدد سكان العراق هو 7 ملايين نسمة, (والذي هو اليوم عدد سكان مدينة بغداد فقط), وهذا ما أدى الى توسع أفقي هائل للعاصمة, ولم يصاحبه التوسع في الخدمات, فحدثت أزمات سكانية كبيرة في المدارس, والمستشفيات, وطرق المواصلات, والسكن, والتي يعاني منها السكان في الوقت الحاضر.
وقد قام الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم, بمعالجة مشكلة الصرائف, بإنشاء مدينة الثورة, حيث وزع قطع أراضي مجانية لهؤلاء المواطنين, وتم إسكانهم, وأزيلت من بغداد تلك الصرائف, بشكل نهائي بعد عام 1958.
وأفتتحت مشاريع صناعية كبيرة الى حد ما, في النصف الثاني من القرن العشرين, مثل الحديد والصلب, ومصانع الاسكندرية, والمحمودية, والعامرية, والفلوجة, كنواة لصناعة كبرى مثل السيارات, والجرارات الزراعية, والدراجات, ولكن بعد عام 1968 تحولت تلك المؤسسات الصناعية الى التصنيع العسكري, وتعرض أغلبها الى التدمير والقصف أثناء حروب صدام حسين.
أخيراً أقول ان على المعنيين, تشريع قوانين لحماية الصناعة الوطنية, وتعديل قانون التنمية الصناعية, وطرد المفسدين, وتقديم الدعم المادي للصناعيين العراقيين, واعفاؤهم من الضرائب والرسوم لفترة زمنية معينة, ومنع استيراد السلع المشابهة, وتشجيع الاستثمار في المجال الصناعي, وهذا سيؤدي الى امتصاص الايدي العاملة التي تعاني من البطالة, وكل ذلك يحتاج أولاً وأخيراً الى حكومة كفوءة قادرة!!!!

(الف تحية لعمال العراق الاحرار بمناسبة يوم العمال العالمي) .


 

السويد
 

 

free web counter