| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

                                                                                    الأثنين 21/3/ 2011

 

من هيروشيما الى فوكوشيما

راهبة الخميسي

اليابان بلاد الشمس كما تسمى, هذه البلاد الجميلة , تتكون من أربعة جزر رئيسية, أكبرها جزيرة هونشو التي تمثل الجسم الرئيسي لليابان, وفيها العاصمة طوكيو, والتي تعرض الجزء الشمالي الشرقي منها, لأسوأ زلزال تشهده اليابان في تاريخها, والذي بلغت قوته 8,9 على قياس ريختر المكون من تسع درجات, أما الجزر الثلاث الاخرى فهي هوكايدو في الشمال, هونشو, شيكوكو في الجنوب, وفيها نظام حكم امبراطوري والذي يعتبر هو الاقدم في العالم.

اشتركت اليابان في الحرب العالمية الثانية الى جانب المانيا وايطاليا والتي شكلت دول المحور ضد الحلفاء التي تضم كل من فرنسا وبريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة, حيث قامت اليابان بتدمير الاسطول الامريكي في (بيرل هاربر) في عام 1940, مما أدى الى دخول أمريكا الحرب الى جانب الحلفاء, بريطانيا, وفرنسا, وروسيا.
واستمرت هذه الحرب ست سنوات مابين 1939- 1945.
وفي أيار عام 1945, سقطت برلين عاصمة المانيا, ودخلت الجيوش الروسية من جهة الشرق, والحلفاء من جهة الغرب, وقسمت المانيا الى دولتين.

أما اليابان فقد رفضت إيقاف الحرب, وكانت السلطة بيد الجيش الياباني, ولم يكن للامبراطور دور سياسي, وكان الفدائيون اليابانيون من الطيارين, يقصفون البواخر المعادية, ويفجرون أنفسهم مع الطائرة, وأطلق على هؤلاء الفدائيين (الكاميكاز), وقد الحقوا خسائراً فادحة بالاساطيل في المحيط الهادي.

وفي منتصف عام 1945, أعلنت الولايات المتحدة عن صنع سلاحاً ذرياً ذا قدرة تدميرية هائلة, ولكن اليابانيين أصروا على القتال حتى النهاية, مما دعا الرئيس الامريكي آنذاك (هاري ترومان), الى اصدار أوامر بإلقاء أول قنبلة ذرية في تاريخ البشرية, وكان الاختيار قد وقع على مدينة سيئة الحظ هي هيروشيما, وقد القيت القنبلة في صباح اليوم السادس من شهر آب عام 1945, فكان عدد الضحايا فيها أكثر من 140 ألف نسمة, عدا آلاف المشوهين, وأزيلت المدينة ومن فيها من الخارطة اليابانية, ولكن عنجهية العسكريين اليابانيين, ورفضهم لإيقاف الحرب, قامت الولايات المتحدة بإلقاء القنبلة الثانية, بعد ثلاثة أيام, على مدينة أخرى سيئة الحظ أيضاً هي(ناكازاكي), وكان عدد الضحايا فيها يزيد على 70 ألف قتيل وآلاف المشوهين, وهنا تدخل امبراطور اليابان, وأعلن قبوله وقف إطلاق النار واستسلام اليابان بدون قيد أو شرط, ودخلت الجيوش المنتصرة الى اليابان بقيادة الولايات المتحدة,ووقع الامبراطور على شروط الاستسلام, وهكذا دخلت اليابان مرحلة جديدة من تاريخها, وهي مرحلة الاحتلال الامريكي, وحسب الاتفاق المبرم, ان تستمر اليابان في بناء صناعتها, وتحل الترسانة العسكرية, وتنهض من جديد, وفعلا لقد نهضت مثل طائر العنقاء من تحت الركام, ونفضت غبار الحرب, وانطلقت في أكبر نهضة زراعية, صناعية, علمية, وأصبحت تمتلك ثاني اكبر اقتصاد عالمي.

وكما هو معروف ان اليابان تقع ضمن حزام الزلازل, ولذا فهي مستعدة, حكومة وشعباً لمواجهة هذه الظاهرة, حتى ان أبنيتها ذات مواصفات خاصة, تتحمل الاهتزاز الى درجة كبيرة, ولكن قدرات الانسان في مواجهة الطبيعة, لازالت محدودة, وكان الزلزال المدمر في 11 آذار, فكان الخراب والموت لشعب صنع الحياة, والحضارة, وقدم الكثير للانسانية.

مما يحز في النفوس ان أحد أعضاء مجلس الدوما الروس قال : أن الامة اليابانية مهددة بالزوال . واقترح أن يخصص جزء من الاراضي الروسية في سيبيريا لانتقال الشعب الياباني اليها.
لقد كانت التجربة الاقتصادية اليابانية ملهمة للشعوب التي تتطلع الى التطور, واستفادت منها الكثير, وخاصة شعوب شرق آسيا كالصين, وكوريا, وماليزيا, واندونيسيا.
وفي الجانب الاخر من آسيا (غرب آسيا), كانت هنالك ظاهرة أخرى, هي نشر التخلف, والجهل, والقتل, كما هو الحال في افغانستان, والباكستان, والعراق.

نقول للشعب الياباني وهو يمر في أسوأ محنة, أن قلوبنا معكم يا صناع الحضارة, فأنتم أشقاء لنا في الانسانية, وكما تجاوزتم مصائب هيروشيما وناكازاكي, ستتجاوزون محنة فوكوشيما, وستبقون منهلاً للحضارة الانسانية.


 

السويد

 

free web counter