| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

                                                                                    السبت 14/5/ 2011

 

العراق والجيران...وهموم العراق

راهبة الخميسي

يقع العراق في النصف الشمالي من الكرة الارضية, بين خطي عرض 30-37 درجة, شمال خط الاستواء في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا, وهي منطقة جافة, قليلة الامطار, حيث تتراوح كمية الامطار الساقطة سنوياً مابين 5 ملم في الاقسام الجنوبية والغربية الى 100ملم سنوياً في أقصى شمال شرق العراق, وهذه الكميات القليلة من الامطار, تضع العراق ضمن الاقاليم الجافة, لذلك أصبح العراق يعتمد الى حد كبير على مياه الري, وان العراقيين القدماء اعتمدوا في زراعتهم على نهري دجلة والفرات, وقد عثر الباحثون على شبكات للري, تعود الى فترات تاريخية قديمة, ولكنها تعرضت الى الانطمار بسبب تعرض العراق الى الغزو الاجنبي طيلة فترة تاريخية .
ولو رجعنا الى سجلات دوائر الري في العراق لحد منتصف القرن العشرين, نجد ان ما كان يتدفق للعراق من المياه من نهري دجلة والفرات وصلت كميته الى 73 مليار متر مكعب سنوياً.
وكان العراق يتعرض بين فترة واخرى الى فيضانات جارفة, والتي كان آخرها فيضان عام 1954 والذي هدد بغداد بالغرق, واعدت له خطة طارئة لاخلاء بغداد آنذاك, ولكن جهود العراقيين وقواتهم المسلحة, انقذت بغداد من الغرق.
وبعد هذه الحادثة, قامت الحكومة العراقية آنذاك بانشاء مشروع الثرثار عام 1956, وبعد انجاز هذا المشروع, أزيلت السدة التي كانت تحيط ببغداد, لمنع مياه الفيضان,
وانطلاق حدود مدينة بغداد الى ماوصلت اليه من توسع عمراني, كما في مناطق قناة الجيش, والثورة, وكسرة وعطش, والقاهرة, والصليخ, حيث كانت كل هذه المناطق خلف السدة القديمة والمهددة بالفيضان دائماً آنذاك.
ووصلت التكنولوجيا خلال القرن العشرين, وخاصة في بناء السدود والخزانات ومشاريع السيطرة المائية, الى درجة عالية من التطور, فقامت الدول المجاورة للعراق, بانشاء عدد كبير من هذه السدود.
ومن هذه الدول تركيا, التي أقامت عشرات السدود الضخمة على نهر الفرات, ومن أهمها سد أتاترك, وسد الغاب, وسد اليسو, والتي لها طاقة تخزين هائلة.
ولملأ هذه الخزانات بالمياه, تحتاج تركيا أن تقطع مياه الفرات لعدة سنوات, فأخذت تقلل من الحصة المائية المتدفقة من اراضيها الى كل من سوريا والعراق, وأدى ذلك الى انخفاض منسوب المياه الى حد كبير, وكما هو معروف, أنه في حالة انخفاض المنسوب المائي, فإن كثير من الاراضي الزراعية المنتشرة, لاتصلها المياه.
فبدأت رقعة الارض الزراعية بالانحسار, وبدأ العراق يخسر من رقعته الزراعية سنوياً, والتي تحولت الى اراضي بور,( فهل سيحسر العراق عن جبل من ذهب؟)
وهل نسيت تركيا انها كانت قد وقعت على معاهدات عديدة كانت قد ابرمت بهذا الخصوص, والتي نصت على التنسيق بين تركيا وسوريا والعراق, قبل الشروع ببناء السدود, والتي تم بموجبها ترسيم الحدود؟ مثل معاهدة سيفر عام 1923, واتفاقية عام 1946, وبروتوكولات التعاون الفني والاقتصادي بين العراق وتركيا عام 1980, واتفاقية عام 1987 والتي وافقت تركيا على الاخيرة بتمرير مايزيد على 500 متر مكعب في الثانية من مياه الفرات الى سوريا خلال فترة مليء سد اتاتورك لحين التوصل الى اتفاق بين الدول الثلاث. واستمرت الاجتماعات للفترة 1980-1996 وبعد هذا التاريخ لم تشارك تركيا اية لجنة فنية او اجتماع للتواصل حول تقسيم المياه.
ولقد قررت كل المؤتمرات والاجتماعات الاقليمية, الرفض القاطع لأية فكرة لانشاء سوق للمياه.
وان القانون الدولي للانهار الدولية, لم يجز بيع دولة المنبع للمياه لدول تقع اسفل النهر او حوضه.

ان السلطات العراقية المعنية, لم تعر موضوع المياه الاهمية التي يستحقها منذ عام 1958 لحد الان, فلو رجعنا الى المشاريع المشيدة في العراق في النصف الاول من القرن العشرين, نجد أنها هي التي يعول عليها الى الان وهي, سدة الهندية على نهر الفرات والتي شيدت منذ عام1913 لتنظيم توزيع مياه الفرات بين شطي الحلة والهندية, وسدة الكوت على نهر دجلة والتي شيدت عام 1939 في مدينة الكوت, لتنظيم توزيع المياه بين نهري الغراف ودجلة, وسد ديالى على نهر ديالى, لرفع منسوب المياه في نهر ديالى, كي يتدفق الى الروافد الخارجة من نهر ديالى, وهي خريسان وكنعان, والمقدادية, والروز, وشيد هذا المشروع عام 1928.
ومن المشاريع الكبرى, سد دوكان على نهر الزاب الصغير, وسد دربندخان على نهر ديالى.
كل هذه المشاريع التي ذكرت, هي مكاسب ماقبل الثورات والانقلابات, أما ما تم انجازه في النصف الثاني من القرن العشرين, فهو سد الموصل على نهر دجلة, وسد حديثة على نهر الفرات, إضافة الى حفر قناة الثرثار بين دجلة والفرات, وهذه المشاريع لم تحقق أي تحسن في الواقع الزراعي العراقي.
أما الان فان مايتدفق من مياه دجلة والفرات, لايتجاوز نصف الكمية التي كانت تدخل العراق في القرن العشرين.
واضافة الى ماقامت به تركيا من حجز حصة العراق المائية, فان سوريا تأخذ حصتها من الفرات, وتترك الباقي يدخل الى العراق.
وأما من الجانب الايراني, فقد قامت الاخيرة بقطع مياه الكارون الذي يصب في شط العرب, والذي لمياهه تأثير كبير في تحديد منسوب المياه الداخلة الى اعماق بساتين النخيل.
بالاضافة الى قيامها (أي ايران), بقطع المياه عن قضاء بدرة ومندلي وديالى.

ان كل ما ذكر لا يبرر ما يقع في العراق من مشاكل مائية, فالمطلوب من السلطات المحلية, وضع برامج واضحة قريبة وبعيدة المدى, لمعالجة مشاكل المياه, لانها تعني الحياة بالنسبة للعراق, وأن تتخصص مبالغ كبيرة من عوائد النفط, لتنفيذ مشاريع إرواء, وخزن, وبزل, وادخال وسائل المكننة الزراعية, واتباع طرق حديثة في الارواء, لان الزراعة تعني المستقبل, وتعني الامن الغذائي.
وكذلك افهام الدول المجاورة بأن مصالحها مع العراق ترتبط باحترامها لحقوق العراق المائية, لان العراق يستورد من تركيا مايعادل 20 مليار دولار سنوياً, ومن ايران مايعادل 10 مليارات دولار, وهذه أفضل ورقة بيد العراق للضغط على هاتين الدولتين بهذا الصدد.

وعلى مجلس النواب الضغط على الحكومة لتنفيذ سياسة مائية وزراعية واضحة, فكل ماتقوم به الحكومة والجهات الزراعية, لم يرتق بالزراعة خطوة واحدة, فلا يمكن القبول بأن العراق يستورد البصل والطماطة والخضار, ونحن أهل الزراعة!!!!!
وان على (أصدقاء ايران وتركيا في البرلمان), بذل جهودهم الوطنية لدفع هاتين الدولتين لاحترام حق العراق, والالتزام بحصته المائية, وابلاغهم أن العراق تحمل الفيضانات لالاف السنين, والان يتحمل العطش والجفاف, ويبقى العراق الخاسر الاكبر قديماً وحديثاً.
وان يطلب من الجامعة العربية, ان تطرح فكرة التكامل المائي العربي, والتي كان موقف تركيا فيه هو أن تبيع هي المياه العربية لدول عربية اخرى, وان تكون هي الراعي الوحيد لمياه الفرات, وان يتم البيع مثلما تباع السلعة الاستراتيجية مثل النفط.
مع العلم أن تركيا قد أقرت بالفائض المائي لديها, وهي تبني السدود والخزانات المائية, وتنفق عليها مليارات الدولارات.
وكلمة أخيرة:
فيما لو تعرضت السدود التركية (الغاب وأتاترك واليسو مثلاُ), الى هزة أرضية كما حدث في اليابان مؤخراُ, فان ما سيحدث للعراق هو طوفان كبير, أكبر من الذي حدث في زمن النبي نوح قبل الاف السنين.

وليحفظ الله العراق أرضاً وشعباً.


 

السويد
 

 

free web counter