| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

                                                                                    الأحد 12/6/ 2011

 

لينشأ أطفال العراق نشأة سليمة

راهبة الخميسي

لطالما اكدت الدراسات الاجتماعية والنفسية على ان (الطفولة السوية هي نتيجة التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد, وان الطفل هو الطرف المستجيب لعمليات التفاعل من حوله.,
وان الفرد يقضي فترة الطفولة من حياته معتمدا على ذويه في تأمين بقائه وتغذيته وحمايته, وان هذه الفترة لهي فترة قصور وضعف, وتكوين وتكامل بنفس الوقت.)
وكثيرة هي البحوث والدراسات التي اهتمت بتأثير البيئة على تشكيل شخصية الطفل.
وللدولة دورها المهم والمسؤول في حماية الطفولة من الاذى المادي والمعنوي , وكفل حقوق الطفل واحترامه كشخص, وعدم اهماله صحيا, ونفسيا, واجتماعيا, وقانونيا.
ولقد اهتمت التنظيمات العالمية والدولية بموضوع عمالة الاطفال اهتماما كبيرا, وسلطت الاضواء على خطورة هذه الظاهرة ودعت لمناهضتها, وخاصة المهن الخطرة التي ينخرط فيها الاطفال للعمل, وطالبت باتخاذ اسرع الاجراءات من اجل ايقافها.

وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمالة الاطفال, لابد أن نركز على ما آل اليه الوضع في العراق, وتأثيره في هذا الجانب بالذات على الاطفال العراقيين الذين انزجوا في سوق العمل, بسبب الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه اسرهم, فتركوا مدارسهم ليعملوا, متحملين أعباء الحياة بوقت مبكر, معانين من قساوة مناخ العراق, وتحت وطأة انقطاع الكهرباء المستمر, ونقص كل وسائل الحماية الصحية.
كلنا يعرف ان عمالة الطفل هي من اخطر الانتهاكات التي تزلزل شخصية الطفل وسلوكيته, لما تتركه فيه من اذى نفسي, واذى جسدي.
يخضع الطفل العراقي لقساوة العوز والفقر وشبح الجوع, ومسؤولية اعالة اسرته, وهو في هذا العمر الحرج, الذي هو فيه أحوج ما يكون للرعاية والاهتمام من اجل نموه الجسدي والنفسي, كي ينشأ فردا سويا, وهذا حقه المشروع مثله مثل كل انسان في هذا الكون.
ناهيك عن تحمل هؤلاء الاطفال الابرياء لضغوط المسؤولين عن العمل واستغلالهم لحاجة الاطفال لمصدر الرزق لتأمين لقمة العيش لاسرهم الفقيرة, والتي ليس لديها البديل عن اشتغالهم, بعد ان فقدت هذه الاسر معيلها خلال الحروب العراقية التي خاضها النظام السابق, أو ابتلت بالعوق المستديم لنفس السبب, وأيضاً نتيجة الصراعات والوضع الاقتصادي المتردي الذي وصل اليه العراق, فيذهب بعض اصحاب العمل لاستنزاف طاقات هؤلاء الاطفال واستغلالهم ابشع استغلال, وبالتالي يؤدي ذلك الى اضطرارهم لترك مدارسهم والتفرغ لانجاز ما يناط بهم من اعمال مرهقة تستهلك جل وقتهم مثلما تستهلك قواهم, وكل ذلك ارضاءا لصاحب العمل وخضوعا لاوامره, فهو المتحكم بلقمتهم ولقمة اسرهم.

وبجانب كل هذه الحالات المأساوية, والاخطر منها, هو انخراط بعض الاطفال الى العمل في اعمال غير شريفة, او انظمامهم للعمالة في كنف الميليشيات الارهابية التي انتشرت في بلدنا في الفترات الاخيرة, طمعا في تحصيل المبالغ المغرية, وانزلاق بعض الاطفال بالاعمال الارهابية التي تتقاطع مع الانسانية ومع البراءة التي هي سمة الطفولة الجميلة.
وقد اعتبرت بعض تنظيمات المجتمع المدني ان عمالة الاطفال هي عملية اتجار بالبشر, وان الاسرة تتاجر بطفلها حين تدفع به لسوق العمل لتحصل على مبالغ توفر لها العيش.

ونتساءل ككل مرة:
أين هو دور الحكومة العراقية من هذا الموضوع الخطير؟
اين هو دورها للقضاء على ظاهرة عمالة الاطفال؟
أين هي خطط الدولة لتنشئة الاجيال القادمة, والتي يعول عليها الوطن, تنشئة صحيحة؟

ان على الحكومة ان تنتبه وباسرع وقت, لانتشال اطفال العراق من هذه الظاهرة الكارثية, وان تتعاون مع تنظيمات المجتمع المدني, ومنظمة العمل الدولية, وان تهتم بالتعليم, وتدعم اطفال العراق, وتركز على ثقافة الطفل, وان تسلط الاضواء على هذه الظاهرة من خلال وسائل الاعلام, وان تجد البديل لدعم وإعانة الاسر العراقية الفقيرة.
ولابد للحكومة كذلك ان تجد وبوقت سريع, طريقة لتثقيف الطفل ضمن مناهج الدراسة الابتدائية, لتوعية الاطفال بالحقوق القانونية وبطرق مبسطة تتناسب واعمارهم, لدرء خطر الانزلاق في الاعمال المشينة والتي تضعهم -  الاخيرة -  بدورها, تحت الطائلة القانونية, أو تؤدي بهم الى السجون أوالعقوبات الشديدة, كالاعمال غير المشروعة, والتي يُجبر الاطفال عليها بسبب ما يتعرضون له من ضغوط من قبل بعض اصحاب العمل.
و.....
لينشأ اطفال العراق نشأة سليمة , ليكونوا مبدعي المستقبل...لا ان يصبحوا ثماراً جافة.

 

السويد
 

 

free web counter