| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

راهبة الخميسي

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010

 

قرارات متخبطة

راهبة الخميسي

تتوالى هذه الايام قرارات سريعة ومتخبطة في عراقنا الحبيب, وتطرق أسماعنا غرائب وعجائب كل يوم, تصدر عن أناس لا يشعرون بالمسؤولية ازاء ما يقررون, وليست لهم أية فكرة عن تداعيات هذه القرارات التي يصدرونها.

وكان آخرها القرار الذي يدعو الى غلق قسمي الموسيقى والمسرح في معهد الفنون الجميلة !!!
وقد جاءت التوصية مع هذا القرار المتخلف, بتهديم وتخريب النصب والتماثيل الموجودة في المعهد المذكور, وهذا ما يذكرنا بالحاح بما حصل في بداية سقوط النظام السابق في المتحف العراقي, حين حصلت جريمة تخريب وسرق وتهشيم المخزون الحضاري للبلد, وقد أطلقنا على من ساهم بهذه الجريمة (السراق والمخربون), فماذا نطلق اليوم على صناع هذا القرار وهم يريدون ممارسة نفس الفعل علانية وبقرار حكومي؟
للمسرح العراقي بريق لا تمحوه تراكمات السنين, ولا تستطيع الأيادي الهزيلة أن تسحقه أو تلغيه أو تحكم عليه بالفناء أو الالغاء.
وسوف لن يتمكن أحد مهما كان, أن يغيّب طاقات الابداع التي تشتعل قناديلاً لتضيء صفحات التاريخ العراقي.
لماذا يتشبث المسؤولون بالاقتداء بالانظمة الاخرى التي تسعى الى إرجاع شعوبها الى الوراء؟

ونسأل من جاءنا بهذه البدعة الاخيرة :
بماذا تقاس حضارة الشعوب إن لم تكن بموسيقاها ؟
الى من يريد لنا قندهاراً ثانية في العراق نقول, أن الموسيقى هي لغة الفكر ولغة الظواهر الانسانية قبل أن تكون لغة العواطف, وهي اللغة الوحيدة المشتركة والتي تربط كل شعوب العالم.
أليست الموسيقى العربية, جاءت إستيحاءاً من التراتيل والموشحات الدينية؟؟
أليس التراث الاندلسي هو ما يقترن بأصالة هذا الفن الرفيع؟
أليست الموسيقى هي التي تغذي الفكر وترسخ محبتنا للوطن وتعزز من وطنيتنا؟؟
فلماذا هذا التخلي المتخبط عن تراث البلد العريق؟؟
إن الحضارات العربية الاسلامية هي من حدد درجات السلالم الموسيقية وهذه مسألة قديمة قدم الزمان.
أليس التنظير العربي هو الذي ساهم بشكل فاعل وواضح في تطوير الموسيقى العربية الاسلامية؟
أليست جهود العلماء المختصين آنذاك هي التي عرفت الكثير عن الموسيقى وتاريخها وسلالمها.
فهل يريد صانع هذا القرار أن يحكم بقتل الميتين من رموز تاريخنا, فيقتل أبي يوسف يعقوب بن إسحق الكندي, والخليل بن أحمد الفراهيدي ومثلهما زرياب, والملا عثمان الموصلي وغيرهم؟
لقد إقترن وعي الشعوب بفنونها ولم تتراجع الموسيقى ولم تتخلف ألا مع حالات التخلي عن التراث.
وأخيراً وليس آخراً ماذا يقول صناع هذه القرارات التائهة, عن حمامات العراق التي تعتلي المنابر والمآذن والمساجد والجوامع والكنائس؟؟

ليس غريباً أن نسمع بقرار لاحق يوصي بذبح حمائم السلام
فلقد أمتلأت أبراجها بالغناء!!!
 

السويد

 

free web counter