| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

 

الثلاثاء 9 / 10 / 2007

 

 


الجواهري في بعض سلطاته الشعرية

رواء الجصاني

من زوايا، ووجهات نظر مختلفة، كتب الكثير عن السلطة الشعرية التي وهبها الجواهري لنفسه، أو وُهبت إليه، فراح من خلالها يوجه مرة ويفتي أخرى، بل وحتى يصدر "الأوامر" بحيث طالت أحياناً قادة وزعماء سياسيين ورسميين، وان كان ذلك يأتي تحت راية الحرص والمحبة، حقاً، أو مسايرة لتمرير الهدف المطلوب...
و"سلطة" الجواهري الشعرية التي نتحدث عنها في هذه السطور معنوية بالطبع، سياسية – ثقافية – اجتماعية بشكل عام متداخلة فيما بينها بما يشبه الاندماج... وقد برز ذلك الواقع في العديد من قصائده، وبأبيات محددة بالذات، توحي بالكثير، ولو جاءت بكلمة واحدة، أو فعل منفرد، أو تعبير موجز... توثقه أمثلة ملموسة، ومن بينها مناشدته الزعيم المصري جمال عبد الناصر عام 1967 ان: "دع الطوارق كالأتون تحتدمُ... وخذ مكانك منها غير مكترث"، أو دعوته مواطنه العراقي عام 1948: "تقحم لعنت أزيز الرصاص... وجرب من الحظ ما يُقسم"، ومثلها في تحريض جياع الشعب في بلاده ان "نامي... ولا تقطعي..."، وأخرى في خطاباته للشباب ان "تحفزوا... وتيقظوا... وتأهبوا" وهكذا في مشابهات جمة أخرى...
... وان كان ما سبق من حالات يؤشر "أوامر" و"توجيهات" مباشرة بهذا القدر أو ذاك، نرى الجواهري في صور وطرائق أخرى يفرض فيها سلطة الشاعر من خلال تقمص مخاطبة الذات، فيعبر بما يشبه التواضع هذه المرة عما يبتغيه... وهنا تحضر في الذهن بعض أبيات قصيده مثل "سامح القوم انتصافا واختلق منك اعتذاراً" أو "جب أربع النقد واسأل عن ملامحها" وكذلك قوله: "ولأنت أعرف عن بنيه من همُ".
... كما يدخل في اطار ممارسة الجواهري الكبير لتلك "السلطة" الشعرية، تحذيراته المباشرة، والقاسية إلى أبعد الحدود أحياناً، وهو يواجه سياسيين ومثقفين ورسميين... ومما نستذكره بهذا السياق ما جاء في مقصورته عام 1940: "متى شئت انضجت نضج الشواء جلودا تعاصت فما تشتوى"... أو في لاميته عام (1974): "حذار فكم حفرت لحود عار ٍ لأكرم منهم عماً وخالا"... وكذلك الحال في رباعيته الستينية: "سيسب الدهر والتاريخ من اغرى بسبي... عرض كافور تهرى وله مليون كلب"...
وأخيراً، وفي حديثنا عن هذه الموضوعة لا يجوز إلا وان نشير إلى ما كتبه د. محمد حسين الأعرجي في مؤلفه "الجواهري وثائق ودراسات" الصادر عن دار المدى سنة 2002 بنصف ألف صفحة ونيف... وقد أسمى الشاعر الكبير في البحث ذي الصلة "الملك غير المتوج"، ووثق الأمر في هذا الاتجاه بأكثر من واقعة وقصيدة.