| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

                                                                                 الأثنين 2/1/ 2012

 

استذكارالاحباء يفيض، بمناسبة السنة الجديدة

رواء الجصاني

كم هي حكيمة تلكم المقولة التي طالما كان يرددها الجواهري الكبير : " أني لأحسد كل من له ذاكرة ضعيفة " ... ولكن ما العمل ؟ والواقع اكثر من بعيد عن هذه الحكمة - الحلم .

 ...  ها هي وشالة وقت  وتنتهي سنة لتبدأ اخرى ، وها انت تسهر - ايها الغارق في عتمة النهار - وحيداً مع احبائك الخلص، غير الناطقين: عنتر وبابل وفلفل ، فتعج بك الذكريات بمثائل هذه الساعات ، لنحو اربعة عقود وأزيد .

تترى عليك من كل صوب وحدب ، اسماء اصدقاء واعزاء واحباب من الذين قطعوا ووصلوا ، ويقتحمك بيت شعر فريد :

قد يقتل الحزن من احبابه بعدوا عنه ، فكيف بمن احبابه فقدوا .

الدقائق تتسارع ، والذكريات تتزاحم دون حدود أو مديات، وتتشابك دون ان تعطيك حتى فسحة ما لتنسق فيها الاسماء والاحداث والتواريخ ... وما لك من سبيل غير ان تلجأ الى الكتابة لعلها تخفف وطأ الاحاسيس والمشاعر المأنسنة ، والمستذئبة في ان . ... والابرز في كل هذا وذاك :  اطياف الاحبة الراحلين الذين كنت معهم ، في مناسبات وعشيات بدايات الاعوام الجديدة ، طوال ما عشت من عمر ، لم، ولن تتجاوز أزماته وذيوله، وان تعلقت بأستار الكعبة،  أو كررت في اليوم الواحد الف مرة :

لا تلم أمسك في ما صنعا ، امس قد فات ولن يسترجعا ...

أمس قد مات ولن ينفعه ، حملك الهمَ له والجزعا ...

فأطرحه واسترح من ثقله ، لا تضع امسك واليوم معا ..

اذن فلتقرع اجراس الكتابة،  فهي داء ودواء في وقت واحد ، وخاصة للمدمنين عليها، وها انت فاعل ايها المدمن ، فلعل وعسى...

 -  تعود بك الذكريات الى اثنين واربعين عاماً خلت، حين راح العراقيون يحاولون ان  يقلدوا احتفالات العالم المتحضر، ليالي حلول الاعوام الجديدة .. تسترجع بعد كل هذه العقود كيف وقفت امامك الوالدة  "نبيهة الجواهري" لتترجى ، قائلة  : يكفينى  "جعفر" واحد في اشارة لشقيقها الشهيد .. في محاولة لمنع خروجي من البيت، مع "عدنان"  ليلة بدء سنة 1969 " بعد ان شاهدت معنا فرشاً واصباغاً ، وسلاحاً خفيفاً ، متوجهين لخط بعض الشعارات المعارضة للقمع والارهاب...

- وتطير بك الذكرى الى موسكو ليلة رأس سنة 1972/ 1973 حيث الحفل البهيج  التي اقامته رابطة الطلبة العراقيين هناك ، بمناسبة زواجكما ، انت و"نسرين وصفي طاهر" وبحضور نحو ثلاثين مدعواً عزيزاً ، ومن بينهم الفقيدان:  جميل منير، ونمير حنا ، الصديقان المقربان   ...

- وتستذكر ايضاً وايضاً ، وهذه المرة ليلة بدء عام 1976 وانت في البيت ببغداد مع جمع من القيادة الشيوعية الطلابية انذاك ، ويشخص امام ناظريك الشهيدان : علي حسن  "ابوحيدر" و هادي البلداوي "ابو سمراء" وهما على سجيتيهما الانسانيتين بهذه المناسبة : مرحاً واملاً...

- ويحل موسم الهجرة الى براغ ، وتحل رأس السنة الجديدة 1978/ 1979 ويتداعى اصدقاء ، برغم مرارة الحال والاوضاع في البلاد  ، لتنظيم حفل صغير ، محدود ، بالمناسبة ، كان الامرح فيه : شمران الياسري " ابو كاطع" وهو يحمل راية : شر البلية ما يضحك ...

- ووتتوالى الاستذكارات، ويطوف شريطها  دون مدى ، وها هو طيف الشهيد نزار ناجي "ابو ليلى" يحل ببشاشته "النجفية" المعهودة ليلة العام الجديد 1980 حين بادر، فلمّ  في شقته ببراغ جمعاً من الاقربين ، وأولهم ، ولن نذكر الاحياء :  ذلك الانسان ، قبل اية القاب اخرى ، ثابت حبيب العانى "ابو حسان"  ...

- وأستذكر واستذكر ايضاً الام الثانية : بلقيس عبد الرحمن ، أرملة الشهيد وصفي طاهر، في ليلة بدء عام 1985 وكنتَ - ايها الغارق في استجلاب الاطياف -  متوعكاً في حينها بالم الاسنان الحاد .. وقد غطت " بلقيس" بحيويتها وسموها ، مرارات لا تحصى، لاضفاء بعض البهجة والحبور .... ولنتجاوز التقليد هذه المرة فنشير الى ضيف تلكم الليلة ، في الاحتفال العائلي : كمال شاكر "ابو سمير" والتي طغت مقاماته الكردية والعربية ، على اغاني وموسيقى العيد التقليدية ...

- ثم يستمر الاغتراب عن البلاد ، ويصادف ان تكون ثمة سفرة الى  دمشق ليلة بدء عام  1987 ... ولولا "الجواهري" لانقضت  تلك الليلة كمثيلاتها  . ولكن،  وما هي الا مزحة ، ثم تحريض ، واذا برب البيت ينهض ويأمر ويُطاع ، ونسهر في احد قاعات فنادق الشام ، مستقبلين العام الوليد رقصاً وحبوراً ، وأولهم الجواهري ، وهو في التسعين ، او يكاد ...

   ترى هل تستمر في الكتابة ايها " المتشائل" فتثير الكوامن ، وتستثير الاهات ؟ اما يكفي ماسبق ؟ ولمَ تعكرعلى الناس افراحهم ، ايها المُبتلى بداء رأس السنة؟ ... قل للجميع : سلاماً كله قبلُ ، كأن صميمها شعلُ ، وغادر الحلبة اذا ما كنت غير قادر على اللعب داخلها ، واترك الامر للقادرين ... في براغ :2011.12.31

   

مع تحيات مركز الجواهري في براغ

www.jawahiri.com

 

 

 


 

 

free web counter