| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 23/1/ 2008



الجواهري في مآثر الإباء والتحدي والفداء

رواء الجصاني

بصوت عالٍ، ووضوح لا ينافس، يعلن الجواهري مواقفه ومفاهيمه في الإباء والتضحية والفداء، في قصائد عديدة، وبأبيات قصيد زاخر بالابداع... وإذا ما اختلفت في الصورة والاستعارة، فهي متوحدة في المفاهيم ومباشرة في المقاصد...
... وفي مقابل ذلك تماماً، لم يجامل الشاعر الكبير أو يتهاون في هجو الخنوع والانحناء والمقيمين على الذل، بل وحتى من يتوسط "كاللبن الخاثر"، وأولئك اللاجئين "لأدبار الحلول فسميت وسطاً، وسميّ أهلها، وسطاء"... وكان أشد المؤمنين بهذا النهج وان اختلف بشأنه عديدون!
... ولربما نجتهد، ونصيب، فنرى في قصيدة "آمنت بالحسين" المنشورة عام 1947، مجمعاً للشواهد والأدلة الأبرز عن تلكم المفاهيم الجواهرية ... فالمطولة ذات الستين بيتاً ونيف، تنضح منذ مطلعها، وحتى ختامها، بآراء ومقاييس بالغة الرفعة في تبجيل "الواهبين النفس" فداءً للمبادىء التي يؤمنون بها، وتلك بلا شك التضحية الأضخم للدفاع عن القيم والذود عنها... كما يرى صاحب "آمنت بالحسين".
وبدءاً من بيتها الأول يحدد الجواهري الاتجاه الذي يريد قوله في تضحيات الحسين الثائر و"نهجه النير" الذي بات "عظة الطامحين العظام" لاولئك "اللاهين عن غدهم" والقنوعين دون احتجاج وتمرد أو ثورة... كما يفيض العديد من أبيات القصيدة بعواطف ومشاعر انسانية فائقة التعبير في تقديس الثبات والصمود لرجل يوم "الطفوف" و"الملهم المبدع" الثابت أمام "سنابك خيل الطغاة" دون خوف أو رهبة، وبهدف أن يحل "جديب الضمير بآخر معشوشب ممرع"...
وفي مقاطع أخرى من القصيدة يتمثل الشاعر مأثرة الحسين التاريخية، ويمحص الأمر دون أن يرتهب من "الرواة"، أو يخدع بما ينقلون، هادفاً للحقيقة لا غيرها، وبدون تزويق أو مبالغات... وبعد ذلك فقط، يجد الجواهري أن في فداء الحسين دفاعاً عن مبادئه، وقائع لا أعظم منها، وهو "أن يطعم الموت خير البنين"... ثم تعود القصيدة لتجدد في الختام تقديس ذلك الصمود والعطاء الذي "نوّر" من ايمانه، وفلسفته في الإباء والفداء والتي تجسدت، كما سبق القول، في الكثير من قصائده ومن بينها "تحرك اللحد 1937"، و"بور سعيد 1956" و"موطن الأبطال 1962" و"الفداء والدم 1970"، فضلاً عن قصائد الوثبة، الشهيرة، عام 1948.
وللاستزادة، نقول أن القصيدة نشرت في جميع طبعات ديوان الجواهري، ومنذ العام 1951، وقد خُط خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيس للرواق الحسيني في كربلاء، كما أُنشدت، وتنشد، في مختلف المجالس والمناسبات الاحيائية لمأثرة "الطف" التي تصادف كما هو معروف في العاشر من شهر محرم كل عام.




 


 

Counters