| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 22/10/ 2007



الجواهري بعيداً عن الشعر والسياسة!

رواء الجصاني

تسهب المئات من المصادر، كتباً ودراسات، وذكريات وغيرها، في الحديث عن تاريخ الجواهري الكبير وآثاره الفكرية والابداعية، مع بعض حكايا موجزة عن خصوصياته وبيتياته... وبسبب ذلك التفاوت بين الاسهاب والايجاز، فقد يُظن ان الرجل خارج عن مألوف الناس حتى في حياته الاعتيادية... ولكن، من عايشه في يومياته، سيكتشف ومن دون كثير عناء، ان من ضمن استثنائياته المتعددة، انسجامه – برغم كل شموخه - مع بساطة الحياة الانسانية، ولنقل التقليدية حتى:
... فذلك الذي يصف نفسه "صلَّ الفلا"، هو في جانب آخر، صديق وأنيس لكل أهل البيت، تُبهج جلساته كل من حوله، بطبيعيته وحنوه ومناكداته... كما ان ذلك الذي يخشاه الطغاة، وغيرهم، لا أحنّ منه، ولا أرق، حين يداعب حفيداً أو يلاعب آخر... وهو نفسه من يعود – بعد لقاء رئيس دولة أو زعيم سياسي أو ندوة أو مهرجان... – فيقشر بصلاً، ويخلط لحماً، ويعد وجبة غذاء له، ولمن حوله من المقربين...
ولعل من يسمع أو يقرأ، شعر الجواهري في التحدي والمواجهة، سيعجز عن تصديق ان صاحب ذلك القصيد لا يستطيع في الأحوال الطبيعية، ان يسمع طفلاً يبكي أو مواء قط جائع... وذلك العبقري ذاته، الذي تسد عليه "منعطفات الدروب"، واقعاً، لا قولاً، نراه أياماً وليالي طويلة، يختلي مع نفسه وحسب، ما خلا صاحب هنا، وخدن آخر هناك... ولكمْ سهر وهو يراقب الأنجم، ويلاحق "جندبة غازلت جندباً" منفرداً مع الذات... ولكم، وكم، فضل جلسة محبين "من الرعية" على حفلات استقبال مبهرجة ودعوات رسمية وغيرها، مختلقاً هذا العذر، أو تلك الحجة للتخلص من تلك "الواجبات" الثقيلة...
ولن أبالغ في الزعم – وقد قدر لي أن أكون مع الجواهري عقوداً مديدة – ان الاستراحة الفضلى له، من "شياطين" الشعر والفكر والسياسة، وما بينها، كانت أن يقضي ساعة في مقهى شعبي ، متطلعاً – وذلك أضعف الايمان – لجميلات يعشن الحياة على طبيعتها... وكم تصادف والتقى المئات من الناس، مع "شاغل القرن العشرين" – على الأقل – وهو ينتظر حافلة عامة، ليستقلها مستهدفاً "حسناء تعبث في كتاب" ضمن الزحام فيخلدها قصيدةً... وتلك هي الحال ذاتها حينما يسهر "مطعم النيران باللهب" "مؤرقاً لبريدهنَّ، آناً، ومنافساً – ، وهو في السبعين- في آن آخر، شباباً يرقصون ويسهرون، واثقاً وشامخاً في حبه للحياة... وكل ما سبق ليس سوى نخبة عجلى من حياة الجواهري "الانسان"، قبل كل هذا وذاك.

 

Counters