| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

الأحد 22/8/ 2010



الجواهري في قصيدة تكفيرِ...وندم

رواء الجصاني

في أجواء نفسية بالغة الشدة والتعقيد مرّ بها الجواهري عامي1953 و 1954 جاءت مطولة "كفارة وندم" لتنفّس عن بعض ما انتاب الشاعر من أحاسيس مرهفة وليعاتبَ فيها النفس قبل غيرها، بقسوة وصراحة لربما قلّ مثيلها في أي من قصائد الديوان، العامر، الأخرى:

ستبقى – ويَفْنَى نَيزكٌ وشِهابُ نفوس أبيات الدماء غضابُ
لطافٌ كأنفاس ِ النسيم ِ نوافدا ، اذ القلب صُمٌّ كالصخور ِ صِلابُ
هوتْ عّذَباتُ العمر ِ إلا صوامدا ، على لفح إعصار ِ ، فهنّ رطابُ
وجفَّ وريقٌ منه إلا نديّة ً تعاصت على الأيام ِ فهي شبابُ
عييتُ بطبّ الأحمقين وجهلهم بأن النفوس الخيرات ِ عجابُ...

... وهذه القصيدة التي نعنى ، ذات أكثر من ثمانين بيتاً، وقد جاءت جميع الانتقالات فيها ضمن ديالوج مع النفس: استعراضاً وتوثيقاً وتساؤلات وردوداً واستذكاراً للمواقف والعطاءات...

أقولُ وقد كلّ الجوادُ فلم تَجُلْ مسوّمةٌ غالوا بهنّ عِـرابُ
وصوّحَ قاعُ الطيبات ِ وأعولتْ عليها من الضـِغن الخبيث ِ ذئابُ
وقاءَ اللئيمُ الدونُ ما في ضميره وجفَّ فما عند الكريم ِ شراب

ثم يعود الجواهري في الأبيات التالية من مطولته هذه لمزيد من المراجعة مع النفس على ما أعتقده ولربما بالغ فيه بحسب ما نزعم، ومتابعون آخرون: كبوةً بالغة لم تشهد مثلها حياته كلها، وذلك في داليته عام 1953 بمناسبة تتويج الملك العراقي الثالث، والأخير فيصل الثاني... وهكذا راح الشاعر الكبير يستنهض الذات، ويحفزها على الشموخ الجواهري المعهود، مستعيناً ومتباهياً ببعض رصيده الوطني والانساني الذي يستند إليه تاريخه العريق:

حنانيك ِ نفسي لا يضق منك جانبٌ إذا ضاق من رُحْب ِ النفوس جَنابُ
ولا يَتَهَضَّمْك ِ انخفاضٌ فطالما تخفـَّضَ نَسْرٌ صاعدٌ وعُقاب
وشامخة ُ الأدواح ِ يُلوى عِنانُها مع الريح ِ ، والمحضُ الصريحُ يُراب
وما لك ِ من عتب ٍ على الدهر ِ إنما عليك ِ لما هوّنْت ِ منه، عِتابُ
تقحّمتِه ِ حتى كأنك ِ فوقَه وأنك ِ إذ طـَمَّ العُباب عُباب

...ويواصل الجواهري الشاعر باللوعة والهضيمة من النفس أولاً، ايحاءاته وقوافيه بذات المسار داعياً وبمزيد من العزم إلى تجاوز الانتقادات والاعابات والتطاولات التي عانى منها، وإن جاءت بحق أو بمزاعم وادعاءات:

حنانيك ِ نفسي دونك ِ الكونَ كله فرنّي به يُسمعْ صدىً وجَوابُ
محلِّقة ً طيري وإن هبّ عاصفٌ وأخلدَ ليلٌ ، واستكنَّ ضَبابُ
وساخرةً حتى تزيغ َ شواخصٌ إليك ِ ، وحتى تستشيطَ رقابُ

وأخيراً نوثق هنا ان الجزء الثاني من ذكريات الجواهري المنشور عام 1991 يتوقف بشيء من التفصيل عند وقائع عديدة أخرى ذات صلة بما تناولته ووثقت له قصيدة "كفارة وندم" التي عنيت بها هذه الايقاعات والرؤى.


الجواهري في قصيدة تكفيرِ وندم ... بصوته على الرابط التالي
http://origin.iraqhurr.org/content/article/2128353.html

مع تحيات مركز الجواهري في براغ
www.jawahiri.com

 

free web counter