| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رواء الجصاني

jassaany@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 11/12/ 2007



الجواهري يواجهُ ... ويتصدى

رواء الجصاني

انفعالات هنا، وأزمات هناك كانت وراء ولادة العديد من قصائد الجواهري المتميزة... وليس مبالغة في القول أن لكل واحدة منها شجوناً يطول الحديث بشأنها. ولها، وعنها، حلقات قادمات... إلا أن مدار سطور اليوم يأتي حول عموم "تجاوزات" ردّ عليها الشاعر الكبير بمطولات "خلدت" المعتدين! ... وبإيجاز مقتضب أزعم أن ثمة نوعين من تلكم التجاوزات، ولا ندري هل يستحق أصحابها المواساة والرثاء، أم التعاطف، بل والشكر لأنهم تسببوا في ولادة تلك الفرائد.
... نقول نوعين من التجاوزات ونعني بهما "السياسية" مرة و"الثقافية" مرة ثانية، مع التنويه إلى تداخل الأهداف في مرات عديدة. وقد سمى الجواهري ذلك الواقع: ضريبة الابداع والشهرة، وخاصة في بعض المجتمعات... ولكم تهضَّم منها تارة و"سكت مخاطباً" أو مهدداً بالرد على "الأرذلين" عنصرياً وطائفياً وتخلفاً تارة ثانية، ثم لينضج "نضج الشواء، جلوداً تعاصت فما تشتوى"، تارات أخرى ... وعلى هذا المنوال كان الشاعر "حتف" متجاوزين "ولج البيوت عليهم يغري الوليد بشتمهم والحاجبا"، وكذلك عندما "عرت الخطوب" عام 1948 وحين استكلبت عليه ذئاب "ببغداد انماط أعاجيب" عام 1953.
ومع رسوخ القمة الجواهرية الوطنية والشعرية، استفحلت "التجاوزات"، فازدادت الردود الصاعقة لينسحب بعدها "المعتدون" و"المتجاوزون" خشية المزيد من العاقبة... وان كان ذلك في الأربعينات والخمسينات، فللستينات حالاتها وخاصة عندما "لم تنفقىء خجلاً عيون أبصرت وجه الكريم بكف وغدٍ تلطم"... وعندما جافى كالنسر "ديداناً صغارا" عام 1962.
أما السبعينات والثمانينات فلها "حساباتها" و"نتائجها" أيضاً، كما وردودها المدوية على متجاوزين "وميتين على ما استفرغوا جمدوا"... وقد تواصل الدفاع وأزاح الشاعر "عن صدره الزبدا"، محرضاً الذات أن تترفع فوق "شقشقة مشت، من أن تجيش غدا". ولكنه عاد ليهدر عام 1974: "آليت ابرد حر جمري" محذراً انه "سيحفر لحود عارٍ لحاقدين عليه غيظاً" إذا ما لم يكفوا عن تطاولاتهم، وقد كفوا فعلاً.
وفي الثمانينات وحينما ظن "بعضٌ" أو "كثرٌ" أن "الجواد قد كلّ" و "ان شمس الظهيرة لم تعد تغلي"، انتفض الشيخ الجليل عام 1982 بكل شمم، مواجهاً من حاول "هزّ دوحه" من "الامعات"، ثم "ليضرب فيهم اسوأ المثل"...
واستباقاً لمن قد يفهم الأمور في غير مسارها، نجدد التأكيد هنا أن عنف الجواهري، وقسوته في الروائع التي نتحدث عنها، لم تأت إلا وقاية من تجاوز، وتصدياً لاعتداءات، "سياسية"، و"ثقافية"... كما هي دفوعات عن القيم، وعن الذات ليس إلا، وهو القائلَ: "عندي وداع حمامة، فإذا استثرت فجوع نمر"...
 

الحلقة المقبلة: "على عتبة الذكرى العاشرة للرحيل".
 


 

Counters