| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رحيم الحلي

arsrks@yahoo.com

 

 

 

 

الأحد 27/5/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

أخطاء تليها أخطاء


رحيم الحلي

منذ سقوط الديكتاتورية على أيدي المحتليـــــن ، يختلــط في داخلي إلفـــرح والحزن معا، إما ألحـــزن لان الوطــن احتلتـــــه أشرس دولة رأسمالية ، لها تاريخ اسود في الاعتداء على شعوب العالم ، من دعمها للدولة العنصريــــة في جنوب أفريقيــا وفلسطيـــــــن، إلى عدوانها على الشعب الكوري والفيتنامي ، والكوبي ، وإسقاطها لحكومة شيلي الشرعيـــة برئاسة الدكتـور الشهيـــد اللينـــدي ثم دخلت قوات الاحتلال بلدنا وأسست حكومة المحاصصة ،التي كان هدفها التأسيس لمرحلة صراعات طويلة بين أطياف شعبنا، تفضي إلى احتلالـه وعزل وطننا من محيطه العربي،بسبب وقوف معظم الدول العربيــــــــة إلى جانب الديكتاتور المجرم ، وكذلك الشارع العربي ، فقد قدم الإعلام الأمريكي ومؤيدوه لسنوات طويلـة ، نظام صدام على انه المدافع عن ألحـقوق العربية ، ولم يكترث العرب بما يفعل صدام بالشعب العراقي من تقتيل وتجويع ، ونسوا إن الذي يقتــــل أهله لايحب أحد ، وجاء الدور العربي بعد سقوط الديكتاتوريـــــــة امتداد لأخطاء الماضي ، حيث اظهر الكثيرون الحب للديكتاتور والحزن على رحيله ، وجاء الآلاف للدفاع عن ديكتاتورية المــــــوت ، وحاولوا تأسيس دول موت وجهل جديـــدة اشد فتكا من ديكتاتوريـــة صدام واستمر مسلسل الموت ، واستأنف زبانية صدام قتلهم لشعبنا يساعدهم في عملهم أسوا ما أنتج الشارع العربي من حثالات بشرية.
إن السيناريو الأمريكي الإسرائيلي يهدف إلى الانطلاق عبر الخندقــة الطائفية إلى تفتيت الشارع العربي ، وزرع الكراهيــة بين أبناءه وتكريس النزعة القطرية والنزعات الاكثر ضيقا ،خدمة للمشروع الإسرائيلي في الهيمنة على المنطقة العربيـــة وأهدافــه المتطابقــــــــــة مع اهداف المشروع الأمريكي.
يجب الانتباه من سياسة الخندقة والتقسيم ، والتي تروج لها وسائل الإعلام الامريكية الجديدة التي تتكلم بلسان أهل المنطقــــــة ومفرداتهم ، وتلبس ثياب التــطرف الدينــي والقومي ،وتستخدم العبارات التي استخدمتها قوى التحرر الوطني لسنوات ،لتـدس السم بالعسل .
إن نظام صدام الديكتاتوري الأحمـق ، أعطى الفرصة الذهبيـة للأمريكان بدخول الخليج وثم احتلال العراق ، حيث اعتمد في حكمه على بطانة أشبعت غروره وعنجهيته على حساب وطننا وشعبنا والشعوب المجاورة ،إن تفتيته للوحدة الوطنية وحملتــه الظالمة ضد القوى الوطنيــــــة وفي مقدمتها حزبنا الشيوعـــــــي ،ابعدت عن وطننا حينها أفضل المقاومين للمشروع الأمريكي شجاعـة وحكمــة ونزاهـــــــــــة وأكثرها التحاما مع الجماهير التــي ستفشل الاحتلال مهما كان حجمه ، وأثبتت التجربــة الكوبيــة إن التفاف الشعب بحاكمه ،هو أعلى سد بوجه الاحتلال لايمكن تحطيمه.
عوضا عن الوحدة الوطنية ،استعاد من تحت الرماد الولاءات العشائرية ، واستفز الخلافات المذهبيـــــــة ، ليستخدم سلاح الطائفــــة والعشيرة لتدعيم اركان حكمه المكروه شعبيا ،لذا يصح القول إن معظم المصائب التي نعاني منها الان قد زرعتها الديكتاتوريـــة وجاء الاحتلال و الاحزاب الطائفيـة لاستثمارها من اجل مصالحهما الضيقة.
المهم رحل الطاغية ولم نحزن عليه ، واحتل بلدنا ، وجاءت سياسـة المحاصصـة لتؤسس لفكر التقسيم في كل شيء من اجل الوصول إلى القسمـة الاكبر وهي تقسيم الوطن كما تظهر مؤشرات ذلك في تصريحات بعض المسؤوليــــــــن ، وتقدم قوى التطرف والإرهاب الحج لهذا المشروع، وهذا يذكرني بحكمة القائد والمفكر الاشتراكي العظيم لينيــن حين شخص قوى التطرف والتقائها ولو كانت في مواقع متعاكســـة ، إن القوى الإرهابيـــــــــة التي أساءت لشعبنا وأساءت لفكرة مقاومـــة الاحتلال ، و خدمت مشروع الاحتلال حين نجح في تقديم نفسه كحامي الحمى ، كما إن سياســـة المليشيات الهمجيــــة المتصارعــــة ، التي تمارس سياسة القتل والإكراه والفرض ، أدت إلى اصطفافات لا وطنية إما وراء المحتـل أو وراء دول إقليميـــة تسعى وراء مصالحها الخاصـــة ،إن الدول الإقليمية المتدخلة في الشأن العراقي تستخدم كل السبل والوسائـل وحتى الإطراف التي لاتجمعها بها سوى المصلحة المشتركــــة، على حساب حياة المواطن العراقي ، إنا اثق ان الجميــــع عرف إن المحتــل لم يكن صادقا فيما ادعــــى ، وان بقايا صدام ليسوا مقاومة احتلال ، وان القوى التكفيريـــــــة هم سيناريــــو مساعـــد للاحتلال ، وربما قواعـــدهم لاتعرف نهايات الخيوط والارتباطات ، وان المليشيات الطائفيـــــة لن تقـــدر إن تكون مقاومـــــــة وطنيـــة،لانشغالهم في قضايـــــا وخلافات مــر عليها أكثــر من إلف عام رحــل أصحابها ، ونســوا الفقراء والجياع وضحايا صدام ،ووطن غارق في الظلمــة والحرمان وفاقــد السيــادة، وراحوا ينبشوا قبور التاريخ الغابـــــــر ويخرجوا عظامه ، في حيــن إن مصلحـة الوطــــــــن والمواطـن تفترض الاهتمام بمعاناتــه واحتياجاتــــــه ،وتكوين قاسم مشترك بين أبناءه ، والتركيـــز على حاضره ومستقبله ونسيان الماضـي وخاصة البعيد .
كما إن التجربة تثبت صحة فصل الدين عن الدولة ، فعندما ينتهي رجال الدين من إصلاح الفرد الذي شوهتـه الديكتاتوريــــــة ، ويزيلوا أفكار العنف والقسوة والأنانية من رأسه ،ويزرعوا مكانها مبادئ المحبـة والتسامـح التي طبعت شعبنا لقرون مضت ، وتنشر الفضيلــــــــة والخيـــر في النفوس ، بعد إن انتشرت النفوس الشريرة من عصابات القتل والسرقة والاغتصاب ، بعـــــــد ذلك فلينزلوا إلى ميدان السياسة وهو من حق جميع أبناء شعبنا وليس حكرا لأحد ، رغم إن التاريخ اثبت خسارة الديــــــــن عندما يجلس على كرسي السلطة بسبب صراع المصالح التي تؤدي إلى ظهور الطوائف والخلافات المذهبية ، وابتعاده عن رسالته الحقيقية .
إن الذي دفع شعبنا إلى التمســـك بالأحزاب العلمانيــــــــــــة هو وقوف رجال الدين مع الإقطاع وإذناب الاستعمار ووقوفهم ضد الجمهورية الفتية وزعيمها الوطني قاسم ، إن الدين هو ثورة من اجل الإنسان وخاصة الفقراء إلا إن بعض رجال الديـن حرفــوه عن دوره الحقيقي في تخليص الإنسان من عذاباتــــــــــه وبؤسه وظلم أخيه الإنسان ، حين وقفوا مع السلاطين والطامعين، في حيــــن وقفت القيادات العظيمة من رجال الديــــــــــن مع الفقــــراء ، ولنتذكر وقفة الإمام علي والخليفة عمر بن الخطاب مع الفقــــراء ، ولنتذكر الفـــــادي عيسى بن مريم، لسنا ضد الدين بل نحن مثله، نبحث عن سعادة الإنسان خاصة المحرومين.
إن التصدي للمشروع الأمريكي يأتي من خلال وحدة وطنيـة ، وسياسات شفافة ، تستقوي بالمواطن لا تستقوي عليه ، وان قوى التطرف قوى عمياء تغرق نفسها ومن معها ، وتخدم أعدائها بقصد أو بدونـه ، اثبت ذلك تجارب تاريخنا القريب ، لذا ادعو كل القوى الوطنيـــة إلى التوحد والابتعاد عن قوى التطرف مهما كانت شعاراتها ، الوطن لن يبنيه إلا المتبصرون.
إن إعادة عناصر السلطة الصداميـة إلى مكانهم في أجهزة الأمن ، عمل خاطئ ، إما الصحيح هو إحالتهـــم إلى أعمال أخرى، والأصح هو التفكيــــر بضحايا النظام السابــــق ، الذين لا زال الملايين منهم في المنافي ، ولا زال أبناء الشهداء بلا حقوق ولازال الشهداء ينتظروا من ينصف ذويهم ، إن مهادنــــــة الجلاد يعكس رغبة تكريس دولـــة الظلم ولا يعبر عن حق الشعب في تغيير الواقع نحو الأفضل وإنصاف المظلوميـــن ، إن شعبنا لم يلمس أي تغيير نحو الأحسن إن لم يكن قد شعر إن الماضي أفضل من الحاضر في مجالات عدة .
هاهي الاخطاء تتلوها الاخطاء لان الكثير من الذين جلسوا على كرسي المسؤولية ، همهم إما ارضاء اسيادهم أو جيوبهم إلا نفر قليل مهمش ،يتعرض للقتل من إطراف عديدة ، منها المحتل والاحزاب الطائفية واسيادها ، وقوى الظلام الأخرى.
لابد للقوى الوطنية الديمقراطية من التوحد لانقاذ شعبنا ، وعليها إن تضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل شيء وليس إمــــام شعبنا المتطلع للحريـــــــــــــة والانعتاق وتحقيق اماله واحتياجاتـــه العديـــدة سوى هذا الطريق فلن تنقذه من محنتـــــه إلا القوى الوطنية، ولننظر إلى ماضينا القريب ، فلم يعش شعبنا حياة الازدهار والاستقرار كتلك التي عاشها في فترة الزعيم الوطني عبد الكريــم قاسم ،رغم بعض الاخطاء ، ولننظر إلى ماحــــدث بعد سقوط الحكــــــم الوطني ومجيءالحكم الفاشي وماجرى خلاله من تقتيـل وتجويع ، ولننظر إلى تجربة الحكم الديني ،هل استطاعت إن تقدم حلا لمشكلـــة من مشاكلـــــــــه؟ ام اضافت مشاكـــــل جديدة إلى قائمه مشاكله وازماته!