| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رحيم الحلي

arsrks@yahoo.com

 

 

 

 

الخميس 27 / 9 / 2007

 

 


إلى الدكتور أياد علاوي لا تذهب بعيداً

رحيم الحلي

يبدو أن الأستاذ أياد علاوي قد اعتمد أسلوب داوها بالتي كانت هي الداء ، لمعالجة ظاهرة العنف والإرهاب في العراق ، حين أقام حواراً مع التنظيمات الصدامية ، رغم إن هؤلاء لليوم لم ينتقدوا جرائم سيدهم بحق الوطن والشعب ، كيف نبتدئ حواراً مع أناس لم يعتذروا على أخطائهم وجرائمهم ، حين ساعدوا طاغية أرعن على قتل الملايين من أبناء شعبنا ، وخوض حروب عبثية دمرت الوطن ، صفقوا له ، وصنعوا منه ديكتاتوراً لا مثيل له .
هؤلاء الصداميون أخطأوا مراراً وتكراراً في بطشهم بشعبنا المظلوم ، وتهجيرهم مئات الآلاف وتشريدهم للملايين ، ومعاداتهم لأطياف رئيسية من أبناء شعبنا ، وحتى مقاومتهم للمحتل لم تكن خالصة ، فهم يقاوموا الواقع الجديد دفاعا عن مصالحهم الضائعة ، وتجنباً لساعة الحساب فهم تعمدوا تخريب كل شيء لإثارة الفوضى ، وإفهام الناس بأنهم الوحيدون القادرون على حكم العراق وان الأمن والاستقرار لا يتحقق إلا بهم .
هم والمحتل الأمريكي صنوان في تدمير العراق ونهبه ، فكل ماقام به المحتل كانوا هم البادئين به ، فالفتنة الطائفية التي سعرها المحتل بدؤوها حين قسموا مدننا لألوان ودرجات مختلفة ، وعلى ضوئها جرت التعيينات والخدمات ، وفي المحن والمصائب فان المدن المغضوبة حملت الوزر الاكبر ، وبذلك أسسوا للنهج الطائفي ألتقسيمي وزرعوا بذوره ، وحطموا الوحدة الوطنية سياسياً واجتماعياً وجغرافياً.
والقاعدة والتي هي البلاء الاكبر على شعبنا حالياً فأنهم تعاونوا معها ، وقدموا لها الدعم بأشكاله ، بحجة مقاومة المحتل علماً أن القاعدة هي صناعة أمريكية ، والمحتل هو المسؤول عن دخولها للعراق بعد الاحتلال ، والقاعدة هي التي خربت مشروع مقاومة المحتل ، وجعلت أطرافاً من المعارضين لمشروع الاحتلال السياسي ، يدخلوا هذا المشروع مكرهين بسبب بطش القاعدة الأعمى لأبناء شعبنا ، ونهجها الطائفي البغيض ، ومشروعها السياسي المتخلف .
نعم أن سياسة الإلغاء والإقصاء مرفوضة إما المحاسبة على الجرائم فهي حق قانوني أقرته كل شرائع الأرض والسماوات ، إما نسيان الماضي فهو أمرُ جميل ، ولكن كيف ينسى المقتول الماضي ، إذا ما كان القاتل لم ينساه بعد ، ولم يتبرأ منه أو يندم أو حتى يعتذر ، بل لازال يدافع عنه ويحلم بعودته ، كيف ننسى الماضي وآلامه إذا لم يتم إنصاف ضحاياه حتى ألان .
من حق كل إنسان أن يعتنق أي فكرة ومبدأ ، دون أن يمارس العنف والإكراه لفرضها على الآخرين كما مارس نظام صدام ذلك في الماضي ، وكما تمارس الأحزاب الدينية ومليشياتها ذلك في الوقت الحاضر ، والتي تعمل بتمويل من دول إقليمية .
أن القاعدة والصداميين هم من بدأ الإرهاب والقتل وهم من أعطى الحجة للمليشيات الطائفية بحمل السلاح ، وممارسة القتل والإرهاب وفرض سطوتها ونهجها السياسي ، بحجة الدفاع عن الناس الذين تعرضوا لفتك القاعدة .
أن الأستاذ أياد علاوي لم ينصف ضحايا صدام حين كان رئيس الوزراء الأول بعد سقوط حكم الطاغية ، بل بدأ حكمه بالتقارب مع بقايا النظام ألصدامي وإعطائهم الامتيازات والوظائف الهامة ، إما الضحايا فقد جرى إهمالهم وبذلك أعطى الفرصة للأحزاب الدينية في النمو والتوسع خصوصا بين ضحايا النظام السابق ، التي قامت بتسليحهم كي يقتصوا من قتلة أبنائهم بأيديهم ، وتشكيل المليشيات المسلحة لتحقيق أهداف أسيادها خارج الوطن ، وأُدْخِلتْ البلاد في حرب أهلية غير معلنة ، وكل هذا كان في مصلحة المحتل الأمريكي حليف السيد أياد علاوي .
المحتل يريد تحقيق أهدافه ، وهي ليست بالضرورة منسجمة مع طموحات شعبنا ، وشعبنا باقي إما المحتل فلا ، والمحتل يريد تحقيق الموازنة السياسية في تقاربه مع الصداميين ، وفق منهجه في صناعة الأضداد ، كي يبقى هو الحكم والحاكم ، والأفضل من ذلك هو إنصاف ضحايا صدام وإشاعة الثقافة ، وإقامة مشاريع اقتصادية كي تمتص جيش العاطلين ، والتي تتشكل المليشيات المسلحة من بين صفوفهم ، مستغلة بساطتهم ومعاناتهم والظلم الذي لحق بهم في الماضي والحاضر .
هذا هو طريق بناء العراق الديمقراطي الجديد يا أستاذي العزيز السيد أياد علاوي ، وليس عبر المنهج الأمريكي الذي يستهين بالشعوب دائما ، ويتجاهل حقوقها ، انظر كيف تجاهلوا حق الفلسطينيين لعقود طويلة ولازالوا ، وصنعوا دولة إسرائيل العنصرية ، ولا أظن إن الأمريكيين يفكروا في بناء عراق ديمقراطي موحد ، لان ذلك ليس في مصلحة احدٍ من حلفائها في المنطقة ، وان بناء نظام المحاصصة يؤكد نيتهم في تقسيم العراق وإضعافه.
كنا نأمل من الأستاذ علاوي خيراً ، فهو يقود حركة اسمها الوفاق ، رغم انه لايمكن التوفيق بين الذئب والخروف ، ولايمكن إلغاء الصراع بالمطلق ، لكننا نريده صراعاً سلمياً ديمقراطياً ، وهو على كل حال أفضل بكثير من قادة الأحزاب والحركات الدينية الطائفية ، التي لايمكن أن تكون أحزابا وطنية ولا تؤمن بالحوار بصدق ، ولا احترام الرأي الأخر بل هي من قائمة إلغاء الأخر.
نعم إن سياسة الإقصاء والاجتثاث مرفوضة إذا استهدفت حق الإنسان في التفكير والتعبير ، وقد تلقفت الأحزاب الدينية هذه الأطروحة ، لان الأحزاب الدينية تمارس الاجتثاث منهجاً ثابتاً، وتكفر كل من يخالفها الرأي وتستخدم التصفيات الجسدية حتى مع الخصوم الأشقاء.
الأستاذ علاوي رجل علماني ، والعلمانيون الليبراليون هم اقدر من الأحزاب الدينية على النهوض بالعراق من محنته وكبوته ، نرجو للأستاذ علاوي التوفيق والنجاح ، فالعلمانيون خيار أفضل كما أثبتت التجربة ذلك ، لأنهم يحملوا فكراً منفتحاً غير متزمتاً ويمكن محاورتهم ، وهم بحكم معرفتهم اقل عرضة للانحراف ، إذا لم تكن لهم مصلحة شخصية تفقدهم المنطق والصواب ، و هم الأقرب إليه إذا التزموا مصالح الناس .
نرجو من السيد علاوي أن يستند على أبناء شعبنا في طموحاته ومشاريعه السياسية ، عليه أن يعيد النظر في كثير من سياساته ، كي يستعيد شعبيته ، فضحايا صدام هم غالبية أبناء شعبنا وهم القادرون على إعادته للحكم وليس الصداميين ، في العراق الديمقراطي الجديد الذي هو من كبار دعاته ، وهو الطريق الأفضل لأحلامه السياسية .
كنا نأمل منك كثيراً في إن تكون بديلا للحكم الطائفي ، دون الاقتراب إلى المعارضة الطائفية أو إلى قتلة شعبنا ( الصداميين) ، فمعالجة الخطأ تكون عبر المنهج الصحيح وعبر الاستناد إلى أبناء شعبنا الذين تضرروا من حكم صدام ، والذين لازالوا يتضررون في الوقت الحاضر وهم غالبية شعبنا ، لا بل وقد ساءت الأمور في بعض المجالات أكثر من السابق ، ويتحمل الحكم الحالي مسؤولية كبيرة بسبب تسييسه الدين ، وإتباعه النهج الطائفي والحزبي الضيق ، ومجافاته للكفاءة العلمية ونفوره من الثقافة والأدب ، كان بإمكانك الاعتماد على أبناء شعبنا الذين تضرروا من نظام صدام ، وأصابهم اليأس من الحكم الحالي ، وهم الغالبية .
إن الشعب العراقي شعب متعلم وينحاز للثقافة والحضارة ، رغم ما سببته فترة الحكم ألصدامي من ضرر في دور الثقافة والعلم في حياة شعبنا ، وكان بإمكانك الاستناد إليه ، وكان حوارك مع قتلة شعبنا ، خطئاً جسيماً يصل حد الانتحار السياسي كما وصف ذلك الشاعر الكبير يحيى السماوي .
رغم خيبتنا من فترة حكمك القصيرة ، التي لم تؤشر فيها إلى أي منجز لصالح أبناء شعبنا ، وغازلت أعداءه الصداميين ، وسببت بمنهجك هذا ، تزايد دور القوى الدينية الطائفية ، وسببت الضرر الشديد لخيار الثقافة والحضارة والعلمانية ، إلا إننا لازلنا نعتبرك خيارا مناسب ، يحقق الوفاق والانفراج لهذه المحنة فلا تخيب رجائنا بمزيد من الأخطاء .