| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رحيم الحلي

arsrks@yahoo.com

 

 

 

                                                                                   الأحد 26/6/ 2011

 

رحيم الغالبي هل غلبتنا الاحزان ؟

رحيم الحلي

اوجعني رحيل الشاعر اليساري الوفي رحيم الغالبي ابن مدينة الشطرة فقد بقي يحلم بوطن تطير في سمائه حمامات بيضاء وتنطلق من شبابيك بيوت مدينته أغاني فؤاد سالم وقحطان العطار وحسين نعمة ، وكم تمنى وحلم برايات حمراء تبشر بالفرح والعدالة ، وكيساري حتى النخاع فقد استبشر بسقوط الديكتاتورية لكن الراسمالية المتوحشة المتمثلة بجيوش الاحتلال الامريكي دفعت بدولة الطوائف كي تكون سداً بوجه الطوفان اليساري ، لذا كان لابد لشاعر مرهف مثله ان يحلق بخياله بعيداً عن واقع مر ماتت فيه احلامه ، عاش بعناد على قناعاته وأماله ، تشبث حتى الرمق الاخير دون تلك الاحلام في عراق وردي تغرد فيه البلابل ، وطن ليس فيه مكان للحزن ، وطن يخرج فيه الفقراء من دهاليز الجوع والخوف ، وحين ادرك ان القنطرة بعيدة حد اللعنة وقد تقطعت السبل وانتشر قطاع الطرق في كل المفارق ادرك ان النهاية قد اقتربت ، احترق البستان وقفزت البلابل مذعورة هاربة وقد شب الحريق في الجسد الناحل قهراً وخيبة على وطن ضاعت احلامه بين طغاة ولصوص وكذابين ، رحل محترقاً في بلد تحرقه الاطماع الاجنبية ، وادعاءات الكاذبين ، اما هو فقد ظل صادقاً حزيناً يقول بهدوء كما قال صديقه الشاعر الراحل ابو سرحان أمشي واكول وصلت والكنطرة بعيدة .

تخرج الشاعر الراحل من كلية الآداب ـ قسم اللغة الروسية عام 1975، وكتب الشعر مبكراً ، فكان في طليعة الجيل السبعيني المُحدِّث للقصيدة الشعبية في العراق ، .شارك في المجموعة الشعرية الخالدة ( أغاني .. للوطن .. والناس ) والتي صدرت عــن دار الرواد في 31 /آذار / 1974 بمناسبة العيد الأربعين للحزب الشيوعي العراقي مع مجموعـة من الشعراء الشيوعيين وأصدقـــائهم منهـم الشاعرالغائب ذياب كزار ابو سرحان والشاعرالمبـدع عريــان سيــــد خلف والشاعر الراحل كاظم الركابي والشاعر عبد الأمير العضاض ، والشعراء فاضل السعيدي وعبد الله الرجب والشاعر إسماعيل محمد إسماعيل وكامل الركابي من الناصرية ، إضافة إلى الشعراء شاكر السـماوي وكريم العراقي ، كاظم غيلان ، ريسان الخزعلي والشاعر الشهيد فالح الطائي وأبـو وليـــد ، الشاعر الشهيد أبو سميح والراحل كاظم الرويعي ، وعبد السادة العلي وفالح حسون الدراجي ورياض النعماني ، أصدر مجموعة شعرية شعبية بعنوان ( جسر من طين ) .

تعرفت عليه حين نشر مقالتي عن الملحن الراحل كمال السيد في موقع بحزاني وموقع انكيدو الذي يديره ، فقد كانت تربطه به ذكريات وصداقة غائرة في القلب ، كتب لي عن ذكرياته مع كمال السيد وحزنه على فراقه وخيبة امله برحيله في المنفى ، ثم حدثني عن ذكرياته مع الشاعر الغائب ابو سرحان ، ثم تحدث لي عن خيبته وهو يرى هيمنه قوى الظلام على الشارع العراقي مستغلة مخلفات الديكتاتورية الطويلة من انتشار الامية والتخلف والشعوذة ، ظل يشرب خمرته رغم انتقاد الكثيرين معلناً تحديه للقهر والاكراه والالغاء الذي مارسته بعض القوى الظلامية ، اراد ان يقول للكثيرين ان شرب الخمرة قضية شخصية وان اثارها لاتتعدى ذاته ، اما العيب الحقيقي في اولئك المدعون الذين يلبسون ثياب الدين ويسرقون ويزورون وينهبون وطناً ويجوعون شعباً بالمشاركة مع المحتلين والمتدخلين ، الوطنية الصادقة كانت في صدقه وحبه للناس واخلاصه لفكره اليساري الذي يحلم بوطن حر وشعب سعيد .

دعاني لزيارته في الشطرة مراراً وتكراراً معبراً عن حبه وتضامنه معنا نحن اليساريون المنفيون الضائعون في المنافي ، اعطاني عنوانه وقد اتعبه طول الانتظار حتى ادرك ان لارجعة لي في وطن ضاعت فيه الحقوق واختلطت فيه الاوراق وهيمن عليه المزورون والمدعون والكاذبين ، وحين زرت الوطن في شتاء عام 2011 وحين ذهبت من الحلة الى الناصرية برفقة الشاعر حامد كعيد الجبوري والكاتب محمد علي محي الدين قررت ان يكون بيت الشاعر عادل العضاض نقطة تلاقي الاحبة في الناصرية وقد جاء الشاعر رحيم الغالبي من الناصرية يحمل جسده النحيل وحين رأيته تذكرت الشاعر بدر شاكر السياب ، بيتنا ليلتنا في بيت الشاعر عادل العضاض الذي غمرنا بكرمه ورحابة صدره ، وحين افترقنا صباحاً بعد الفطور عانقته بشدة ربما ادركنا اننا لن نلتقي مرة اخرى ، رحلت الى عالمك الاخر ، اثق انه الاجمل ليساري صادق متشبث بكتبه ومبادئه ، ستلتقي بفهد وسلام عادل وابو سرحان وسحر امين منشد وصباح طارش وسيعزف كمال السيد اغانيه الحلوة وسيجتمع كل شهداء الناصرية والعراق .



 

 

 

free web counter