| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رحيم الحلي

arsrks@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 20/2/ 2008



الشهيد حسن رفيق كاظم

رحيم الحلي

لا ادري كيف نسيت اسمه عندما تحدثت عن الشهيد فاضل وتوت ، وبعض الشهداء والمناضلين في الحلة ، كيف نسيت أن اتحدث عنه ، شعرت بكثير من المرارة ليس فقط حزنا عليه بل تأسفا عليه وعلى عنفوان شبابه الذي رحل بدون وداع مثل غصن اخضر زاهي احرقته نيران مجنونة ، لماذا قتلوه ماذنبه وماذنب بقية الشهداء ، لقد كنا تنظيماً سياسياً مرخصاً قانوناً وبموجب ميثاق العمل الوطني الذي إنعقدت بموجبه الجبهة الوطنية ، وكنا لانحمل إلا الحب للناس والوطن فلم نؤذي حتى الأرض التي نمشي عليها ربما كان خطأنا هو التحالف مع هؤلاء المجربين بوحشيتهم عندما جاءوا للسلطة في تلك الأيام السوداء من شباط عام 1963 وحرقوا الاخضر واليابس.
الشهيد حسن هو ابن المناضل الشيوعي المخضرم رفيق كاظم وهو من الرعيل الأول المؤسس لتنظيمات الحزب في المدينة مع محمد عبد اللطيف والمناضل مهدي الرهيمي والأستاذ فلاح الرهيمي ولست بصدد الحديث عن الرعيل الأول فلا يسعني ذلك لكوني كنت طفلا عندما خاضوا غمار النضال والسجون ، وانأ هنا انقل ماأسمع وربما تكون شهادتي بحقهم ناقصة وغير دقيقة ، أو أكون غير قادراً على الاحاطة بمعاناتهم وهم لليوم لم يتم تعويض خسارتهم لسنوات حياتهم ومستقبلهم فمن يحكم بلدنا هو المحتل الأمريكي الذين هم الد أعداءه الفكريين.
وعذراً من المناضلين من الرواد الذين لم اذكرهم ودعوة للرفاق للكتابة عنهم وعن مرحلة البدايات وتأسيس منظمات الحزب في الحلة وفاء للحقيقة وللراحلين ، الذين أصبحت أمانة الكتابة عنهم من مسؤولية القادرين على كتابة تلك الايام من الذين عاشوها أو احطوا وألموا بها.
أسرة الشهيد حسن رفيق ، دفعت فاتورة الظلم والاضطهاد باهضة ومضاعفة ، وكان والد الشهيد شجاعاً ومتفانياً وصلباً لحد لا يوصف ، وفي عام 1963 بعد انقلاب 8 شباط الاسود تعرضت هذه الأسرة إلى مداهمة مايسمى بالحرس القومي والى الاعتقال والتعذيب الهمجي ، فتحملت والدته رحمها الله الكثير وهي ترىزوجها و ابناءها وبناتها يتعرضون للضرب المبرح إمام عينها ، تعرض الاب للفصل وعانت الأسرة من شظف العيش .
عرفته أول مرة مشرفا لخليتي الحزبية ، كان مثقفا يمتاز بحب العمل السياسي ولايكل من أداء واجبه الحزبي ، تعرفت على والده عندما كنت اجلس في مقهى في منطقة التابية عند الفلكة ، كي أتفرج على التلفاز وقد نسيت اسم المقهى ، عرفت في والده طبع الشيوعيين الأوائل الذين أحبوا الفقراء وأبناءهم ، غمرني باهتمامه وتوجيهه وبدأ بزرع الأفكار الاشتراكية في ذهني وجعلني انحاز لمبادئه وأفكاره .
ثم ازدادت لقاءاتي به ، بازدياد نشاطي وتسلمي لمهمات حزبية ، وكانت لقاءات كثيرة لاتعد وأتذكر الأخير كان في احد البيوت في منطقة حي الحسين ، وقد تلقى تبليغاً من سلطات القمع بمراجعة ما يسمى مديرية الأمن ، كنت تمنيت أن لايذهب ، ولكن الحزب كان لازال يأمل تصليح الخلل في العلاقة بين اطراف الجبهة الوطنية ، وبالتحديد الحزب الحاكم ، بينما كان النظام يعد طبخة قذرة لقتل الشيوعيون وإبادتهم ، ارضاءاً للولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعيش أجواء الحرب الباردة ضد المعسكر الاشتراكي والحركة الشيوعية العالمية.
تزوج إثناء عمله التدريسي في مدينة النجف من عائلة ألجواهري ، كانت زوجته تعمل مدرسة ، وكانا زوجين في غاية الانسجام والسعادة ، ويضرب بهما المثل في المدينة ، مما أثار حقد الحاقدين الذين لم يسمحوا لهاتين الوردتين إن تخرج أزهارها ولا أن يظهر لها براعم ، فسحقوا هذه الزواج المثالي في عالمنا الشرقي الذي يندر إن يقدم هذا المستوى من نضج الاختيار ودرجة الانسجام ومستوى المحبة ، جاءت الإقدام الهمجية الحاقدة على الإنسانية على الحب على الثقافة والحضارة الحاقدة على الحياة ، فاختطفت هذه الشخصية الطيبة التي أنجبتها أسرة من أروع الاسر الثورية في مدينة الحلة ، واكثرها ايثارا وتضحية ، ومبعث إحترام وتقدير الناس في المدينة ، لحجم التضحيات التي قدمتها ، والتي يصعب علي إن أستفيض في الحديث عنها خشية أن تستفيق أوجاعهم ، إن تضحيات حزبنا الشيوعي لا يستطع أحد إن يزاود عليها فهي امتدت إلى أكثر من سبعة قرون ، ولم تقتصر على حاكم معين وان كان نصيبنا في حقبة الطاغية صدام الأكبر في كل تاريخ حزبنا .
تم استدعاءه عام 1978 من قبل جهاز القمع ، ذهب إلى مركز الأمن ولم يعد إلى يومنا هذا ، وكنا نسمع بين الحين والاخر أخبار عن اعدامه كنا لا نحب إن نصدقها ونصم أذاننا ، املاً إن نلتقي وان نجتمع مرة في لقاءاتنا الحلوة ، لكي نسمع احاديثه وتحليلاته الحلوة ، ونحن نحتسي الشاي في بيوتنا الطيبة ، لكن اللئام القادمين من تخوم الصحراء الذين لم يعرفوا الطيبة ولم يتقنوا صنعة سوى صنعة القتل وسفك الدماء هم الحاكمون ، فحرمونا من هذه العقول النيرة فقد حرمونا من الجواهري والنواب وغيرهم ، مثل ماحرمنا أجدادهم الفاتكين من المتنبي والحلاج ، وحرمونا هم من الشهيد حسن رفيق وغيره من الابرار الشرفاء.
حين عدت للوطن إلتقيت باخوته ، كنت أرى في عيون كل واحد منهم صورة الشهيد حسن وفي لحظات اشرد بعيدا ،حالما إن الشهيد امامي واقفاً فهو لم يمت ومن قال إن الشهداء يموتوا أنهم ينامون في الاحداق والمهج والقلوب يعطرون زوايا الذاكرة وأركان الحياة ، علامات متوهجة تدفعنا نحو الطريق الذين دلونا عليه بسباباتهم الشريفة المتالقة كنجم القطب ، تغذي الهمم إن سيروا ولاتكلوا فنحن أعطينا وهجنا كي تسيروا أيها المستقيظين ، فلا زالت الأمال قائمة ولازال المحرومون يعقدون الامال على راياتكم الحمراء ، وستثبت الحياة إنها الأنصع والأجدر في الاستجابة إلى متطلبات الحياة والانسان .
سلاما لك يا حَسنْ ، يامن كلك حَسنْ اسمك وفعلك ووجهك الحَسِنْ أيها الرائع ، أشتاق إلى إن أضمك وان أراك في عالمك المُشًرفْ العالم الملائكي الزاهي بألوانه القدسية وشخوصه الملائكية وان أقبل وجهك الوضاء .
 


 

Counters