| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الأثنين 3/3/ 2008



هل هناك بصيص من نور في نهاية النفق العراقي المعتم ؟

د. رياض الامير

منذ عام والسيد المالكي يحاول أن يعيد تشكيل حكومة جديدة تخرج العراق من مأزقه. وخلال هذه الأشهر كثرت المقترحات والتصريحات إلى إن أعلن عن النية لتشكيل حكومة تكنوقراط، التي طالب بها الأكثرية من العراقيين ومنذ زمن طويل. وقد فشلت هذه الأمنية بعد أن طلب المالكي مهلة إضافية من مجلس الرئاسة الذي يخيم عليه سحابة الخلافات الشخصية والعقدية ولا يمكن أن يكون اثنان فيه في خط واحد لاختلافات، قومية أو دينية طائفية. وقبل مدة خرج احد المقربين من رئيس الوزراء بان المالكي سيقوم بعملية ترميم للوزارة وآخر ذهب بعيدا إلى إنها عملية ترقيع. وبعدها قد صرح عن جبهة التوافق عز الدين الدولة:" إن الأحزاب السياسية تريد تفصيل الوزارة حسب أهوائها والمالكي يعاني من المطالب المتناقضة". وبالتالي حتى عملية الترقيع لا يمكن تنفيذها بعد إن خرجت إحدى القوائم تطالب بالإبقاء على الوزارة السيادية تلك من حصتها، وكأن الموضوع ارث لا يمكن التفريط به وليس مصلحة وطن وشعب متعدد الأعراق والديانات. فلماذا وصلنا إلى هذا الوضع ، بعد أن تمنى العراقيون بأغلبيتهم الكبيرة الإطاحة بالنظام الصدامي وإزالته الذي سيحل على ذلك اليوم الأمل خمسة سنوات ؟
أن الوضع الذي نعيشه جاء بناء على مجموعة أخطاء مرتبطة الواحدة بالأخرى، ولكن جميعا سببها الابتعاد عن الوطنية العراقية وتفضيل المصلحة الحزبية، الطائفية والقومية على العراق الوطن. ونتيجة لذلك جاء الدستور الذي تحمل العراقيون الكثير من اجل التصويت عليه على أساس تعديله في فترة لاحقة لأنه دستور يضم في بنوده قنابل موقوتة وبعيدا عن الأمل في بناء دولة مدنية وليست تقليدا لنظام ولاية الفقيه ولكي يعكس بعد تعديله تطلعات العراقيين جميعا، بغض النظر عن دينهم وقوميتهم ومنطقة سكانهم، . ومن اجل الخروج من النفق المعتم تحت بصيص ضوء كتب عزيز الحاج في مقال عراق الغد الافتتاحي :
"إن المطلوب، في رأينا، أولا إعادة النظر في دستور أحكام الشريعة، وأخذ الأحزاب الحاكمة لفترة تكون خلالها بعيدة عن السلطة، ولكن تكون في مشاورات واتصالات مستمرة عسى أن تتوصل يوما ما لبعض الحلول، على أن تقوم خلال ذلك بالمسئولية حكومة تكنوقراط مستقلة حقا، لتصريف الأعمال اليومية، وإدارة القضية الأمنية أولا، ومسألة الخدمات، وملاحقة الفاسدين مهما كانت مناصبهم."
إن ما ذهب إليه الحاج هو عين الصواب لما نحتاجه في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العراق الحديث. إن إعادة صياغة الدستور أولى الخطوات المهمة التي يمكن أن تشرف عليه حكومة من التكنوقراط غير الحزبيين والاستفادة من الكفاءات العراقية المتخصصة ، وضع البلاد على سكة إعادة الأعمار ،القضاء على الفساد الإداري واقتلاع التوزيع المحاصصي في مفاصل الدولة وبناء الدولة المدنية بعد إنهاء جميع أشكال العسكرة ومنها المليشيات الحزبية والطائفية، جميعها وتحت اي مسمى كان. إن تصريح سامي العسكري، عضو البرلمان عن قائمة الإئتلاف الأخير، على الرغم من كونه مستشار للمالكي أو لا يهم ، لكنه ينقل صورة بسيطة عن طاقم الحكومة الحالية ، كما هو حال وزير المالية السيد صولاغ ( من نفس قائمة العسكري) .
إن الخروج من الوضع الحالي وإلى الأبد لا يتم إلا عن طريق تكوين تيار وطني ديمقراطي عراقي يكون مظلة لجميع العراقيين من كل القوميات والديانات والمناطق، واضح البرنامج في أن يكون العراق هو أساس اهتمامه وولائه الأول والأخير له ولشعبه وان الدين لله والوطن للجميع .
العمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية في عراق موحد التراب نظامه الفدرالي ليس على أساس طائفي ولا قومي . إن تاريخ العراق الحديث وقبل انقلاب شباط الدموي ضم العديد من الأحزاب الوطنية التي كانت لكل العراقيين بغض النظر عن دينهم وقوميتهم ومنطقتهم. وبعد سقوط الصنم البعثفاشي في التاسع من نيسان 2003 عادت الروح إلى العديد من الحركات اللبرالية العراقية والوطنية منها تحديد، خاصة بعد إن فشلت الأحزاب المبنية على أسس طائفية دينية أو ذات نزعة قومية لتحقيق الحد الأدنى من وحدة العراقيين وتحقيق طموحهم في الأمن الاجتماعي وإنشاء دولة مدنية.
إن الأمل في بعث الروح الوطنية العراقية والتفافها حول حركة سياسية تمثلها ما جاءت به ثلاث نجاحات وحدت العراقيين من جميع قومياتهم وديانتهم ومناطقهم في العام الماضي، مختلفة الإيقاع في الفن وفي الرياضة وفي الدين. فوز شذى حسون ( أقامت أولى حفلاتها بعد الفوز في أربيل والسليمانية قبل أن تقيمها في الحلة مسقط رأس والدها) ، فوز الفريق الرياضي في بطولة آسيا ( الذي ادخل الفرحة لكل بيت عراقي من شمال الوطن إلى جنوبه وخرجت جموع العراقيين لا تعرف الخلاف الطائفي ولا القومي فرحة بانتصار العراق) واختيار قداسة البابا بندكتس السادس عشر أول عراقي هو الأب مارا عمانوئيل الثالث كردينالا في حاضرة الفاتيكان ، مما دفع مجموعة شباب إلى إصدار إعلان جاء فيه:" أننا في محافظة ذي قار جنوب العراق في الناصرية في المنظمة العراقية لإسناد الإنسان قد اجتمعنا نحن ومجموعة من الشباب وقررنا ان يكون لهذه المناسبة حدثا يكون له وقعا كبيرا في نفوس كل العراقيين فكانت فكرة أن نقيم بطولة بكرة القدم باسم الكادرينال دلي لكرة القدم ." الم تكن تلك الأحداث مؤشر على سمو الروح الوطنية على التعصب الطائفي والقومي والمناطقي؟


 

Counters