| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الخميس 30/9/ 2010



نستثمر في البنيان ولا نستثمر في الإنسان

د. رياض الأمير 

خلال فترة قصيرة واحدة أثارني كما أثار كثيرين غيري موضوع بناء مسجد في نيويورك قرب مركز التجارة العالمي الذي هدته اكبر جريمة إرهابية قامت بها عصابات القاعدة تحت نداء "الله اكبر". والثاني إنشاء جامع في إينوفيك، بلدة شبه معزولة عن العالم، يقيم فيها ما بين 75 إلى 80 مسلماً بكلفة أكثر من نصف مليون دولار وأيضا لكي يسمع فيها نداء "الله اكبر". يقف وراء "مسجد نهاية العالم طبيب وصحافي سعودي يقيم في كندا يشرف على مؤسسة خيرية إسلامية تحت شعار "السنة والصحابة والسلف الصالح".

لا غبار عليه عندما يحاول شخص أو مجموعة من الناس العمل على ما هو مفيد لنشر الدين ٬ ولكن هل لسبعين مسلما في بلدة عند القطب الشمالي تحتاج لنصف مليون دولار لإنشاء مسجد في الوقت الذي فيه أطفال المسلمين في السعودية وفي الدول العربية الغنية الأخرى لا يملكون مدارس تليق بتعليم القرن الحالي ؟

أما المسجد الثاني قرب موقع هجمات 11 أيلول في نيويورك الذي يقف خلفه الشيخ فيصل عبد الرؤوف وعلى الرغم عما يقول عنه بأنه يهدف إلى منع وقوع هجوم مماثل٬ فهل هذا المكان ضروري لمسجد ؟

كتب المفكر عزيز الحاج مقالا تحت عنوان (المسجد: نعم، لماذا في هذه البقعة بالذات؟!! ) جاء فيه :إن اختيار بناء ما يدعي ب"ببيت قرطبة" ومسجده في جوار موقع جرائم 11 سبتمبر بضحاياها ال3000 ، والإصرار على المشروع، رغم ان الاستبيانات تشير إلى أن أكثر من 60 بالمائة من الأميركيين هم ضد اختيار هذا المكان بالذات وليس ضد بناء مسجد ما في أي مكان آخر، يدل على نوايا التحدي والمجابهة الدينية، فضلا عن إرادة الممولين العرب في الربح السريع باستغلال المشاعر الدينية للمسلمين. أما جلب بعض عائلات الضحايا، وكسبهم للمشروع بطرق سوف تكتشف حقيقتها، فلن يغطي حقيقة أن عائلات غالبية الضحايا، والأميركيين عامة ترفض اختيار هذا الموقع بالذات".

و تأكيدا على ما يعيشه المسلمون في النمسا وفي بلدان الغرب عموما ما قاله الصحفي خليل حيدر في جريدة الوطن الكويتية:" إن العمل الإسلامي في أميركا وأوروبا بيد قيادات حزبية إسلامية مهاجرة، من الإخوان المسلمين وغيرهم، من أصول مصرية وسورية وفلسطينية وآسيوية، وبشكل عام من أتباع الإسلام الأيديولوجي الحزبي الذي يبطن غير ما يعلن، ويتحدث مع المسلمين بلغة ومع الغربيين بلغة أخرى".

وكتب الصحفي والإعلامي البارز عبد الرحمن الراشد في مقال له تحت عنوان (مور مع بناء المسجد!):" رأيي أن بناء المسجد حق طبيعي، لكنه في هذا المكان تحديدا فيه جرح لشعور الكثيرين من أهالي الضحايا وأبناء وطنهم، حيث قُتل ثلاثة آلاف أميركي على أيدي 19 مسلما، أذاعت «القاعدة» وصاياهم وتسجيلاتهم المصورة، وهللت لجريمتهم الجماعات الإسلامية المتطرفة".

سوف يلقى مسجد نهاية العالم وكذلك مسجد قرطبة في نيويورك الكثير من التبرعات من الأغنياء العرب ٬كما هو الحال في تبرعهم لعصابات القتل القاعدية التي تزرع الموت في العراق وفي اليمن وفي الكثير من بلاد المسلمين تحت نداء "الله اكبر" ٬ فهؤلاء الذين بنوا قصورهم في الدنيا يأملون بفعلهم هذا بان قصور أخرى تنتظرهم في الآخرة .فبدل من بناء مدارس لتعليم أطفال المسلمين التعايش مع الأخر وبناء أوطانهم للحاضر وللمستقبل يدعون لبناء ما يعلم فكر "السلف الصالح" الذي وضع أسسه ابن تيمية وتلامذته فيما بعده.
 

 

free web counter