| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الأثنين 2/8/ 2010



الحلم المسروق

د. رياض الأمير 

كان الأمل أن تكون الانتخابات التشريعية الأخيرة حجر الأساس لبناء نظام ديمقراطي معزز بممارسة سليمة لقوانين اللعبة ٬ ولسوء الحظ حرمت تلك الانتخابات الكثير من الوطنيين العراقيين من الوصول إلى البرلمان الجديد بفضل قانون الانتخابات الذي فصلته القوى القومية والطائفية حسب معيارها٬ كما لعبت دول الجوار ماديا وترهيبا في فوز عناصر ليس فقط لا تؤمن بالديمقراطية وإنما تعمل جاهدة على إجهاض أي خطوة في اتجاهها. فان في حصول جماعة مقتدى الصدر مثلا٬ على العدد الكبير من المقاعد في البرلمان الجديد وجعله لاعبا أساسيا يركض وراءه المتحاجون لكرسي الحكم إشارة واضحة بان هناك خلل كبير في وعي الشعب العراقي ٬ خلفه النظام السابق أو كونته البندقية و"التومان" الإيراني. فكيف يمكن تأهيل تيار سياسيا وهو الذي يقود ثلاثة مجموعات ارهابية لها تاريخ رهيب في قتل العراقيين وتهجيرهم.؟ فعصابات " الجماعات الخاصة " التي تضم كلا من عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، وكتائب حزب الله، ومجموعة "لواء اليوم الموعود" والأخيرة المجموعة التي خولها مقتدى رسميا لي تقوم بذبح العراقيين بحجة محاربتها الأمريكان لان إيران تحاربهم ٬ولربما جزاء تحريرهم له ولعائلته من النظام الصدامي القمعي الذي اغتال بعض منها ; أبوه وأخويه كما هو الحال عمه وعمته . فقد أصدرت كتائب حزب الله بياناً قبل يومين أكدت فيه تباهيها بما تقوم من إعمال إرهابية ٬ مشيرة إلى تصريحات الجنرال اوديرنو التي قال فيها: "إن قواته تعمل بجهود أمنية استثنائية تخوفاً من ضربات الاشتر وذوالفقار لكتائب حزب الله".
فالمجاميع الخاصة أيضا تستهدف المنطقة الخضراء بين فترة وأخرى وتنطلق صواريخها من منطقتي "ابو دشير والزعفرانية" وهما من الإحياء التي كانت مسرحا لنشاط ميليشيات جيش المهدي في السابق. فقيس الخزعلي قائد "عصايب اهل الحق" موجود في قم مع قائده مقتدى يتلقى توجيهاته من قادة الحرس الثوري واطلاعات لجولة جديدة من إرهاب العراقيين وتحقيق أهداف محددة لنظام طهران.
لقد حذرت مصادر أمنية عراقية من احتمالات تصاعد عمليات تلك المجموعات الإرهابية في نقل حرب إيران ضد المجتمع الدولي على الأرض العراقية وضد العراقيين وأمنهم بعد فرضت الأمم المتحدة عقوبات على النظام . إن استهداف المنطقة الخضراء التي يحكم منها بعض الموالين لطهران ليست موجهة للأمريكان بقدر ما هي موجهة للعراقيين جميعا في استهداف أمنهم ومركز قيادتهم . إن نشاط المجموعات الخاصة بجميع فصائلها تتناغم مع عمل عصابات القاعدة في العراق ٬ كما هو الحال في العمل الإجرامي الأخير الذي قامت به في منطقة الاعظمية بقتلها أفراد من الجيش والشرطة العراقية بمسدسات كاتم الصوت .وبعد الإجهاز عليهم تم حرق جثث بعضهم وزرع عبوات ناسفة في عجلاتهم ورفع علمهم الأسود الملطخ بدماء العراقيين .
فالعمليات الإرهابية تتصاعد على محورين الأول إلى تزايد عمليات تنظيم القاعدة باستهداف الصحوات واستعادة مناطق نفوذها في تلك المناطق التي واجهت فيها تحديات اجتماعية للحد من نفوذها في الرمادي وديالى ومناطق تكريت والموصل، وهي تستعيد هذه المناطق بشكل ملحوظ اثناء انشغال السياسيين العراقيين في صراعهم على المناصب، والمحور الثاني ما تقوم به المجموعات الخاصة ذراع إيران العسكري في العراق من استهداف المنطقة الخضراء آخرها عندما سقطت ثلاثة صواريخ كاتيوشا وراح ضحيتها 3 من المتعاقدين الأجانب و15 شخصا آخرين من العاملين في السفارة الأمريكية فيها.
إن إبقاء الوضع السياسي العائم بحالته الآن بين لا حكومة وحكومة منخورة من الداخل في أنها لتصريف أعمال اوجد ثغرة واسعة في امن المواطن العراقي الذي استغلته الجماعات الإرهابية المختلفة في توجيه ضربات موجعة للعراقيين وأخرها عملية الاعظمية وقبلها في كربلاء.
غياب السلطة أو تواطئها تجري عملية اغتيال التربية وتجميد العقل العراقي. ففي تقريرين نشرتهما عراق الغد الأول عن تصريح مسئول في وزارة التعليم عن قيام الاحزاب الدينية بفرض أجندتها لتغير المناهج الدراسية حسب هوائها تتقيأ فيه من مرضها الطائفي وحقدها على تاريخ العراق الحضاري ووحدة ترابه والثاني ما تقوم به بعض من رياض الأطفال من تربية النشء العراقي ٬أمل وطننا وصناع مستقبله ٬على خزعبلات التطرف الديني والطائفي٬ التي يرفضها علماء الدين المتميزين في تصرفات مثلها يوم بها الكبار.
ٲشغلت أحزاب الإسلام السياسي الناس ليس في بناء الوطن وإنما بالمناسبات الدينية حيث هناك 12 إماما معصوما صارت أيام مولدهم ووفاتهم وار بعينياتهم مدعاة لتنظيم مناسبات كبيرة ٬ لم يمر يوم بدون واحدة منها تتخللها ظاهرة المشي على الأقدام من مسافات بعيد ة تعطل دوائر الدولة وتغلق المدارس والكليات مع إشغال الأجهزة الأمنية بحجتها.
لقد أصبح المشي على الأقدام لزيارة الأمام الحسين التي كانت محصورة فقط في أيام عاشوراء ٬ اليوم بالاتساع مقترناً بكل مناسبة دينية٬ على الرغم من إنها مصيدة لأرواح العراقيين من قبل الإرهابيين.
كان النظام الصدامي قد انتزع الفرح من العراقيين أما الحالي الذي يقوده سياسيون غير أكفاء فقد انتزع الفرح والمستقبل والحلم بعراق جديد بعد عقود من نظام "القائد الضرورة " وحزبه.
 

 

free web counter