| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الأحد 28/2/ 2010



لماذا الاعتداء على مسيحيي العراق

د. رياض الأمير 

بعد سقوط النظام الشمولي في نيسان عام 2003 على يد قوات التحالف وليس للمعارضة العراقية دور سوى استلام الغنيمة ومنها تحرير مقتدى الصدر من جحره حيث أول ما قام به شن حرب شاملة ضد العراق الجديد ومكونات شعبه المختلفة. فقد بدٲت أن عصاباته الحملة على مسيحيي بغداد والبصرة، وكذلك على الصابئة المندائيين والأيزيدية ومن ثم تبعهم القاعديون والتكفيريون في الموصل.

إن مسيحيي العراق أصل البلد وسكانه الأوائل، تعرضوا لأقسى حملات المطاردة ٬التهجير ٬الاختطاف وحرق الكنائس على أيدي الإرهابيين منذ سقوط النظام السابق ولحد ألان. ففي الفترة الأخيرة عادت موجة منظمة مستهدفة مسيحيي الموصل ، حيث قام الإرهابيون التكفيريون بعمل إجرامي أسفر عن استشهاد ثمانية في غضون خمسة أيام، بينهم عائلة من ثلاثة أشخاص. وقبلها كانت حملة تطهير ديني متعمدة . إن السفاحين أعداء وطننا وامن شعبنا مستمرون في مشروعهم لتصفية وطننا وحرمان شعبنا من اخلص أبنائه على وحدة ترابه . إن ما يتعرض له المسيحيون العراقيون في شمال وطننا لا شك أنها سياسة مخطط لها لتفريغ العراق من حملة مشاعل التنوير وبناته عبر العصور لغرض سياسي وغلو قومي .

إن الاعتداءات التي تستهدف المسيحيين العراقيين موجهة للعراق كوطن وللعراقيين كشعب . ففي استهدافهم وهم أبناء العراق الأصليين والأكثر التصاقا وحبا وإيمانا بوحدته يعني استهداف وطننا بكل تراثه وتاريخ حضاراته.

إن هذا الاستهداف لا يتمثل فقط في تصفيتهم جسديا وإنما تعداه إلى التاريخ والجغرافيا٬ ٬ حيث انبرت أصوات نشاز معطوبة بمرض شوفيني وغلو قومي معتبرة وجود المسيحيين العراقيين في شمال وطننا وفي جميع مناطقه جديد على تاريخ العراق . إن تلك النبرات المتطرفة أما فارغة من علم التاريخ والجغرافيا أو متعمده طرد سكانه الأصليين من مناطقهم وإحلال آخرين لأغراض قومية بحتة ابعد من أن تكون دينية . أو إن ذلك كان غباء في التاريخ ٬ فعليهم أن يعرفوا إن مشاعل الحضارة التي أنارت طريق الإنسانية والتي استمدت نورها من ارض وادي الرافدين ساهم بها الكلدان والأشوريون الذين اعتنقوا المسيحية وكانوا الأوائل وانتشرت الأديرة والكنائس في ربوع شمال وادي الرافدين وهم كانوا مكملين ما بناه سلفهم بناة الحضارة السومرية والاكدية والبابلية بعصورها الثلاث في وادي الرافدين قبل أن تأتي الأقوام الأخرى إلى وادي الرافدين. وكان العرب الذين اعتنقوا المسيحية ونشروا الثقافة والعمران في ربوع عراقنا حيث كانت الحيرة مركزا ثقافيا وعلميا كبيرا لعدة قرون قبل الإسلام وحاضرة مدينة النجف ٬ وحسب التنقيبات الأخيرة كانت عامرة بالكنائس والأديرة. وإنشاء مدينة سامراء على يد الخليفة العباسي بعد شراءه أراضي دير كبير على ضفة نهر الفرات. وكانت بغداد وضواحيها مليئة أيضا بالأديرة والكنائس التي أمها المسيحيون العرب. وقد ساهموا بشكل فاعل في الحياة العلمية والثقافية وكذلك السياسية في الحضارة العربية والإسلامية. أما في العصر الحديث فقد كانوا في بلاد الشام حملة مشاعل التنوير ودعاة القومية العربية ودفاعا عنها. وفي تاريخ العراق الحديث ساهموا بشكل واسع في الحياة السياسية والعلمية والثقافية في عراقنا ولعب الكثير منهم دورا م بارزا في الأحزاب السياسية ٬كما هو الحال في مجال العلم والثقافة.

ان واجب الحكومة العراقية٬ ليس تكوين لجان وإصدار بيانات الاستنكار وإنما الوقوف بحزم للدفاع عن أصل العراق وشمعة تنويره. ان مطالبة بطريرك السريان الأنطاكي إغناطيوس يوسف الثالث يونان في رسالته إلى المالكي التي جاء فيها :"ألم يحن الوقت لكي تقوم حكومتكم في "دولة القانون" بالضرب من يد من حديد، فتعاقب المجرمين والمتواطئين معهم في الموصل؟٬ أننا لا نستخلص من عجزهم سوى التواطؤ في عملية تفريغ مدينة الموصل من المسيحيين القاطنين فيها منذ قرون"٬ صورة عن معاناة طيف مهم من أطياف شعبنا العراقي المختلفة .

إن واجب الفعاليات السياسية الوطنية٬ التي تستعد للانتخابات التشريعية٬ ليس فقط الدفاع عن وحدة العراق وبنائه الجديد في شعاراتها ٬ وإنما الدفاع الجاد عن أطياف شعبنا المختلفة ودعمها للمساهمة في بنائه كما كانت على ممر التاريخ .


 

free web counter