| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الجمعة 23/7/ 2010



هل تضيع "بغدان" بين دمشق وطهران؟

د. رياض الأمير 

أثبتت الأيام الماضية عن ارتهان الساسة العراقيين لغيرهم دون وطنهم وأبناء شعبهم. فقبل ان يجتمعوا في وطنهم وبين أهلهم لإيجاد الحلول لواقع العراق المريض ٬ اتجه ركبهم صوب طهران ودمشق فأصبحتا مربض الفرس. والكل ينشد ودهما من اجل أن يبقى رئيسا للوزراء أو يصبح رئيسا للوزراء. فوفد المالكي لم يفلح بلقاء مقتدى لكنه استطاع أن يحصل على دعم كاظم الحائري وعلي خامنئي لابقاء المالكي رئيسا للوزارة وهي واحدة من اساليب الضغط الهستيري للنظام الإيراني من اجل إبقاء المنصب في يد التحالف الموالي. ويوم أمس الأول كان لقاء علاوي بمقتدى الصدر في دمشق والذي جاء بإيعاز من طهران وتنفيذ دمشق. واللقاء بحد ذاته ليس خطأ ولكن الخطأ أن يتم تحت مظلة سورية٬ وليس تحت مظلة الوطن. ورداً على سؤال ٬ قال مقتدى بان مساعي كل الدول الشقيقة والمجاورة مشكورة ونؤيدها شرط "إلا تكون تدخلا"في الشأن العراقي بل مجرد المشورة والنصيحة!!!. وقراءة سريعة لوصف مقتدى لاجتماعه بعلاوي يصور جزء من المستوى السياسي الضحل لمقتدى ٬حيث يقول: "وألطف ما وجدت إن هناك في قلوب الأخوة في الكتلة العراقية محبة للشعب العراقي ومشروعاً لخدمة الشعب العراقي والتنازل بعض الشيء لأجل إنهاء الأزمة السياسية في العراق والوصول إلى حل لهذه العملية السياسية التي تعقدت والتي نأمل أن يكون هناك إسراع في حلها وتشكيل الحكومة". وكانت فرحة أياد علاوي بلقاء " جهبذ السياسة العراقية" ٬ مقتدى الصدر٬ كبيرة سجلتها عدسات الكاميرات في انه حسم دعمه ليكون رئيسا للوزراء وأسرع الخطى ل" بغدان" لكي يساوم المالكي على تقاسم السلطة وليس الاتفاق على وضع برنامج سياسي لمساعدة العراقيين في بداية بناء حياة جديدة.

لم يكن نوري المالكي موفقا في مناوراته السياسية في ممارسه الديمقراطية حيث أنها ليست فقط تصريحات وإنما ممارسة في تقبل الخسارة كما هو الحال الاعتزاز في الفوز. كان المفروض من سياسي حكم بلد الحضارات لأربعة سنوات بعد نظام شمولي ظالم أن يساهم في إنجاح التجربة العراقية ٬ وفي ذالك معيار الوطنية والإخلاص للعراق وشعبه . فالتشبث بالسلطة وعدم الاعتراف بتداولها اساءة للديمقراطية الوليدة في العراق. ذهبت أربعة أشهر من عمر العراق سدى في صراع عنيف٬ وان لم يكن دموي وقفت وراءه دول الجوار بكل ثقلها من اجل منصب رئيس الوزراء وتقاسم كراسي الحكم ٬ وكأنها هي الهدف وليس بناء وطن موحد لجميع أبنائه. ولازال الطريق غير معبد لتشكيل حكومة قوية.

إن الحراك السياسي المبني على استقطاب الأضداد لا يخدم بناء وطن ديمقراطي٬ وإنما معول لتهديمه. فقد أظهرت الفترة الأخيرة٬ بالإضافة إلى التكالب المحموم من اجل المكسب الشخصي ٬الحزبي ٬الطائفي والمناطقي هو السعي للحصول على منصب رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية وليس وضع برنامج سياسي من اجل إلحاق العراق بركب الدول وتهيئة الأمن للمواطنين وتعويضهم عن سنوات الحرمان السبعة الماضية وقبلها .
ان التصريحات التي يطلقها قادة الأحزاب الفائزة في تشكيل حكومة " شراكة" التي في حالة تشكيلها ستجلب الضرر الكبير للتجربة الديمقراطية الوليدة . فهي مفهوم خاطئ في بلد يريد بناء نظام ديمقراطي حقيقي بعد أربعة عقود من سلطة القائد الواحد والحزب الواحد. كان المفروض من قادتنا "الجدد" التحلي بقليل من روح الوطنية وممارسة الديمقراطية بحق في تقبل الخسارة والإشادة بالفائز لكي يمارس حقه ويختبر من قبل ناخبيه

لسوء الحظ الرغبة وراء الوصول إلى رئاسة الوزارة تدفع العديد من السياسيين الركض وراء مقتدى الصدر. وان كانت المصلحة الوطنية هي الأساس لكان هناك إتلاف يبقي الصدر وجماعته في الصفوف المعارضة كما تفعل الدول الديمقراطية الأوربية في إقصاء الأحزاب اليمينية٬ و يرفع أي التزام سياسي في إطلاق سراح مجرمي جيش المهدي وعصابات مقتدى التي ستعود إلى الشارع لتبطش بالمواطنين كما فعلت سابقا.
إن تأليف حكومة قوية ليست على أسس المحاصصة الطائفية والقومية وإنما٬ حسب الأهلية والكفاءة الوطنية العراقية تقابلها معارضة قوية أولى الخطوات في بناء عراق الغد.

إن دور المعارضة في البرلمان في مراقبة أداء الحكومة والمشاركة في توجيه سياسة الدولة لا يمكن أن يكون اقل أهمية للعراق ومستقبله من الحكومة نفسها ومنصب رئيس الوزراء٬ إلا إذا كان المنصب بحد ذاته هو الهدف.
ولكن أين مستقبل العراق من أولئك الذين يمتثلون لتوجيهات غير أمينة من خارج الحدود٬ يحبون أنفسهم والكرسي أكثر من مصلحة الوطن والشعب العراقي ؟

 

free web counter