| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. رياض الأمير

 

 

الجمعة 20/11/ 2009



نصف الحلول ليست حلول !

د. رياض الأمير

منذ سقوط النظام الصدامي في نيسان عام 2003 الذي تمنته الأغلبية الساحقة من العراقيين والنظام الجديد يقف على عكازين لم يستطع لحد الآن إثبات مقدرته على الوقوف السليم . إن جميع ما قامت به الطبقة الحاكمة العراقية بتحالفاتها الطائفية والقومية من قرارات كانت ولا تزال نصف حلول لما تمناه الشعب العراقي خلال أربعة عقود٬ بالإضافة إلى السنوات الست بعد سقوط الصنم. فالدستور نصف حل لانه على الرغم من انه خطوة للإمام نحو الديمقراطية ٬لكنه يضم بين دفتيه قنابل موقوتة تحتاج إلى إبطال مفعولها.

الفدرالية وضعت بشكل عائم تكرس مفهوم الدولة داخل الدولة الواحدة وغدا الجزء اكبر من الكل ٬ هو الذي يحكم وليس المركز. فكل العراق لإقليم كردستان والإقليم لحكومته٬ وحدة الأراضي العراقية وعراقية مدنه ( كركوك مثلا) .

بناء قوة أمنية تدافع عن امن العراقيين وتضمن سلامة وطنهم فكانت عبارة عن ترقيع بنيت على أساس المحاصصة الطائفية والقومية٬ نخر جسدها بالكامل٬ ضعيفة وفاسدة إداريا . والسلك الدبلوماسي العراقي الذي كان الأمل أن يمثل العراق بحضارته وتراثه وكذلك قيم شعبه وأطيافه وٳذا به عبارة عن مجموعات جاهلة غير ذات كفاءة ٬لا تصلح حتى لتمثيل مستودع للنفايات. سلسلة طويلة من القرارات غير الموفقة٬ اللهم عدا تلك التي تصب في مصلحة السياسيين وامتيازاتهم . كان قرار البرلمان الأخير حول الانتخابات ٬على الرغم من انه خطوة للإمام٬ جاء لمصلحة الأحزاب الحاكمة على حساب القوى الوطنية والديمقراطية العراقية وسكان العراق الأصلين من المسيحيين والصابئة المندائين والايزديين وغيرهم . وكان نقضه من قبل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قانونيا بنقضه الفقرة الأولى ٬ لكنه لم ينقض الفقرة الثالثة فيه.

يطبل البعض من المسئولين ضد الفساد الإداري والمالي في العراق الجديد٬ في الوقت الذي احتل فيه العراق المراتب الأولى في العالم مع السودان والصومال من ناحية الفساد الاداري. فقد وضعت في مصرف نمساوي واحد في حسابات مسئولين كبار في الدولة العراقية أكثر من مليار دولار .

كانت انتخابات بداية ونهاية عام 2005 التي جازف العراقيون بحياتهم من اجل إنجاحها وكانت خطوة نحو الديمقراطية ٬ولكنها زيفت تحت عمامة المرجعية واشتريت في سوق النعرة القومية . لقد كشف الدكتور فريد أيار عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات السابق عن أرقام مضلله وأموال كبيرة أهدرت، في تلك الانتخابات . وقد دخل البرلمان في ظل القائمة المغلقة عناصر رديئة لا يمكنها ان تمثل مصالح الوطن والدفاع عن شعبه.
نعم يحتاج العراق إلى ديمقراطية في الإدارة ولكن ليس على أساس تعدد مرجعيات القرار ٬ بين رئاسة الوزراء ومجلس الرئاسة برٶسه الثلاث المختلفة الولاء والعقيدة .
نعم يحتاج رئيس الوزراء إلى مجموعة من المستشارين الأكفاء ذوي الخبرة ولكن ليس إلى محكوم بجريمة التجارة بالبشر والمخدرات واليوم اصبح وكيل تهريب ما يسرقه رجال الحكم الحالي.

في الدول الديمقراطية يقسم السياسي المنتخب ليس فقط للدفاع عن مصالح وطنه وأمنها وإنما أيضا للحفاظ على المال العام ويكون مستعدا للنقد. فليس هناك سياسي معصوم من النقد ومن ضمنهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل مسؤولي الدولة. ولسوء الحظ ليس بينهم واحد قريب للزعيم عبد الكريم قاسم بوطنيته ولم يختاروا المحيطين بهم كأولئك الذين اختارهم قاسم برفقته.

حتى العلم العراقي اختير كنصف حل . لم يستطيع رجال الحكم الاتفاق على علم لوطنهم فهل هم جديرين بقيادته؟ لقد صرح مفيد الجزائري مسؤول اللجنة الثقافية في البرلمان العراقي وكذلك المسؤول عن مسابقة العلم الجديد الذي يرمز إلى العراق وتراثه وتعايش أبنائه بان الأحزاب الدينية وقفت ضد إقرار قانون العلم الجديد.

كان الفخر بالعراق ما بعد التاسع من نيسان في حرية الإعلام حيث انتشرت الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون٬ على الرغم من أن اغلبها ممولة من خارج الحدود٬ لكنها كانت خطوة أيضا إلى الأمام وٳذا بها تنحر على يد البرلمان العراقي ورجاله الأفذاذ في محاكمة الصحفيين وترهيبهم. وقد تساوى رجال العراق الجديد من عناصر الجماعات الإرهابية في نحر أكثر من مائتي صحفي في العراق. وقد أصبح نقد السلطة ورجالها من الجرائم الكبرى التي تنتظر صاحبها ٬إن لم تكن محاكمة ففي اتهامه بأنه بعثي وشوفيني وعميل . ووجهت المنظمة المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة ومقرها في باريس رسالة الى الرئيس جلال الطالباني لمناسبة زيارته الأخيرة إلى فرنسا لفتت فيها انتباهه الى التدهور المقلق الذي يشهده وضع الصحافيين والقطاع الإعلامي في العراق اليوم. وحذرت مراسلون بلا حدود في رسالتها تلك من مغبة تبنّي مشروع قانون حماية الصحافيين المطروح حالياً لتحسين ظروف عمل الإعلاميين في العراق. وقالت ان مشروع القانون ذلك الذي صادق عليه مجلس الوزراء العراقي في 31 تموز 2009 لا يزال ينتظر تبنّيه من البرلمان ٬ ولكنه لا يبدو ٲنه يضمن استقلالية وسلامة مجمل الصحفيين العاملين في العراق. كما أضافت المنظمة في رسالتها بأن المحترفين الإعلاميين يواجهون اليوم صعوبات جديدة فقد أصبحوا ضحية اعتداءات ترتكبها السلطات الرسمية أو السياسيون العراقيون بحقهم. وقالت أنها لاحظت ازدياد دعاوى القدح والذم المرفوعة ضد الصحف التي تندد بقضايا الفساد وقد بات استغلال النفوذ عملة سائدة في البلاد. وأشارت إلى انه في 11 تشرين الثاني 2009، حكم على الجريدة البريطانية ذي غوارديان بتسديد غرامة قدرها 100 مليون دينار لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد أن اتهمت بالقدح والذم على خلفية نشرها مقالة في 30 نيسان 2009 تندد بسلطوية رئيس الوزراء في الحكم . وفي 8 تشرين الثاني 2009، قرر البرلمان العراقي بناء على طلب اللجنة البرلمانية المكلفة بشؤون الثقافة والإعلام التقدّم بشكوى ضد جريدة المدى المستقلة عقب نشرها مقالة لوارد بدر السالم بعنوان "برلمانيون تحت الصفر" انتقد فيها امتيازات البرلمانيين. وشددت على إن هذه النزعة لمثيرة للقلق لأنها تترجم رفضاً لتقبّل الانتقاد وانتهاكاً لحرية التعبير المضمونة في الدستور العراقي في البندين 1 و2 من المادة 36. وبمناسبة زيارة الطالباني لفرنسا قام احد الصحفيين العراقيين بنصب مشنقة رمزية لنفسه، تعبيراً منه لواقع الصحافة العراقية التي تمارس ضدها الانتهاكات في العراق و الإنسان العراقي الذي يرزح تحت قهر الأجهزة الأمنية التي تشكلت بصورة غير الدستورية في العراق .

يجب ان لا تغطي عيون الوطنيين العراقيين الذين ناضلوا ضد الفاشية الصدامية ودعموا العراق الجديد السكوت عن تجاوزات رجال السلطة مؤسساتها وفي ذلك تقويم أدائهم وليس السكوت على ما يضعونه من نصف حلول لمشاكل وطننا وشعبنا.




 

free web counter