| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

                                                                                  الأحد 20/3/ 2011



مهزلة على المسرح السياسي العراقي

د. رياض الأمير 

ليس خافيا إن تطبيق الديمقراطية في العراق يتم تحت عمة الدكتاتورية بثوبها الديني الطائفي والعشائري القومي. وليس غريبا أيضا إن القادة الجدد يبتعدون رويدا رويدا عن تعهداتهم التي أعلنوا عنها في فترة المعارضة عن إيمانهم بالتبادل السلمي للسلطة والاعتراف بكل القوى الوطنية العراقية في ممارسة العمل السياسي, ولكن بعد الوصول إلى السلطة واستلاب أملاك الدولة وثروات العراق في عملية فساد مالي وأداري سجل العراق فيها رقما قياسيا التفت القادة الجدد إلى أكثر الأحزاب العراقية التصاقا بالعراق لسلبهم حقهم ,ليس في التظاهر أو تأيده وإنما من أن يكون لهم مقرا يخدمون مؤيديهم عبره بحجة أملاك الدولة في الوقت الذي فيه غدت أملاك الدولة مستباحة كما هو الحال ممتلكات المواطنين العراقيين المحسوبين على النظام السابق والتي أصبحت جزءا من أملاك القادة الجدد .

إن المداهمة العسكرية لمقرات الحزب الشيوعي وحزب الأمة العراقية من قبل قيادة عمليات بغداد تنم عن خلل في فهم الديمقراطية وممارستها وليس لحاجة وزارة الدفاع للبنايتين المذكورتين كما أعلن ,لان وزير الدفاع هو رئيس حزب الدعوة ذاته , القائد العام للقوات المسلحة وهو من وقع على أوامر الأخلاء الذي تم على أثر مطالبة رئيس حزب الدعوة بعدم دعم التظاهرات . إن التضامن الذي أبداه بعض المثقفين العراقيين مع الحزب الشيوعي العراقي أو حزب الأمة للسلوك المشين ضدهما لا يكفي .وإنما يحتاج إلى كشف زيف حزب الدعوة ونهجه قادته غير الوطني.

وبمناسبة الحديث عن حزب الدعوة ونوري المالكي الذي تحدث عن المظاهرات الأخيرة التي شارك فيها من انتخبه مجازفين في ظروف أمنية صعبة بحياتهم من الذين غرر بهم بعد خروجهم من اجل تحسين وضعهم الاجتماعي والأمني والأداء السياسي لمن انتخبوا , وعليهم أن لا يطالبوا بأي حق لان قادة اليوم الذين يحتمون بجبة رجال الدين هم الأولى في فهم حاجتهم وإدارة شئونهم. فالمالكي يقول:” إن من يهتف ومن يعارض ومن يطالب بإسقاط الحكومة يعني أنه يطالب بإسقاط الشعب وأرادته.“ بحجة إن الشعب هو الذي انتخب الحكومة ناسيا بان أولئك هم الذين كانوا يتحلون بحس وطني عندما انتخبوه. جميل أن يعتمد المالكي على الانتخابات اليوم ونتائجها ولكنه نسي ما قام به بعد إعلان نتائجها وعمله المستحيل من اجل الالتفاف عليها.

سربت أجهزة حزب الدعوة وأبواق حلفائه بان المتظاهرين بعثيين في حين أن اغلب العراقيين وفي طليعتهم الطبقة المثقفة ومن قارع نظام البعث وتحمل الكثير ,وقف إلى جانب المتظاهرين مؤيدينا حقوقهم المشروعة في إنهاء الفساد المالي والإداري وكذلك وصول وطنين عراقيين إلى إدارة العراق وليس وزراء على شاكلة “علي أديب ” وغيره.

ولم يتخلف حزب الدعوة عن حزب البعث في الالتفاف على شركائه وعزلهم أو إنهائهم سياسيا فقد سربت وثيقة عن توجه حزب الدعوة إلى محاصرة المجلس الأعلى سياسيا ، والانفراد بالقرار السياسي ( الشيعي ) وحصر دور المجلس الأعلى على الجانب العقائدي والديني وإقصائه من العملية السياسية . وليس بعيدا تصديق ذلك لان الخلاف بين الحزبين وقادتهما كبير, على الرغم من الحاضنة الإيرانية المشتركة ورعاية الولي الفقيه لهما الذي وحد خطهما حول إحداث البحرين. ليس هناك ادني شك بان مطالب شعب البحرين شرعية وتحتاج إلى دعم الخيرين في العالم العربي وفي العالم اجمع . كما هو الحال في استنكار أعمال القسوة التي نفذتها الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين ولكن دون مخالب النظام الذي لا زال يطالب بالبحرين ويعتبره جزءا من الإمبراطورية الفارسية. جاءت تصريحات نوري المالكي مطابقة لنشاز أبواق نظام ملالي طهران في الوقت الذي كان أولى به كرئيس وزراء عراقي إن يكون أيضا بنفس حماسه حول البحرين في الحديث حول وضع العرب الاحوازيين الذين تكبلهم قيود نظام الاستعباد الفارسي ويغتالهم رصاصهم . والبرلمان العراقي لم يتخلف عن رئيس الوزراء في موقفه من قضية البحرين على الرغم من اهميتها في قرار لا قيمة له ،خصوصا والعراق يعيش ظروف استثنائية كان من الممكن ان يلعب البرلمان فيها دورا حويا ولكنه متخم بذوي المصالح الخاصة يتعثر في إصدار التشريعات المهمة لتسيير العملية السياسية ومراقبتها من اجل إنجاحها. ٲؤلئك الذين انتخبوا المالكي والأكثرية من جماعته يرفعون صوتهم مطالبين بالإصلاح والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات . وهم ليسوا من البعثين او الذين يحنون الى نظامه القمعي وإنما طليعة شعب لم يرى من أحزاب الإسلام السياسي بعد أكثر من سبع سنوات من الحكم أي تغير في حالهم يذكر سوى ثراء الساسة وفقر المواطن . فهم يريدون من الذين أدلوا بأصواتهم لكي يصلوا البرلمان أن يجهدوا أنفسهم المضاعف لتحقيق ما وعدوا به وان يعملوا على مراقبة الحكومة والضغط عليها من اجل معالجة الملفات المهمة التي طالب الناخبون بها ٬لا أن يتفقوا على تعطيل البرلمان ومنح أنفسهم أجازة لم تفيد الشعب البحريني وإنما تضر العراقيين.

إن قادة أحزاب الإسلام السياسي لا يختلفون بعضهم عن البعض كثيرا في عدائهم للديمقراطية بعد أن ركبوا سلمها للوصول إلى السلطة, فكانت تصريحات محمد اليعقوبي صاحب حزب “الفضيلة” ومن بعده وكيل وزارة التربية الذي وصف المعلمين العراقيين ، كلهم بدون استثناء بأنهم “مطايا” اي حمير. وقبل ذلك قارن محافظ البصرة بين أهالي المدينة الذين يريدون التظاهر ضده، وبين عاهرات باريس فقال: ” أن العاهرات أشرف منهم”.

ولم يتخلف قادة الأحزاب القومية عن السرك السياسي العراقي, ليس فقط في إطلاق الرصاص على المتظاهرين واعتبار من ينتقد ضد طموح الشعب الكردي وإنما تعداه إلى رئيس الجمهورية الذي كان الواجب يكون لكل العراقيين. ان تصريح طالباني حول كركوك بانها “قدس كردستان” وداعيا التركمان إلى تحالف إستراتيجي مع الأكراد لتحريرها من الإرهابيين والمحتلين الجدد لقي رفضا . ان وصف طالباني سكان المحافظة الآخرين ,وهم العرب وإن لم يسمهم بأنهم إرهابيون ومحتلون جدد يجب ان تحرر المحافظة منهم، أي طردهم ما يدعو الى الاستنكار.

ان هذا التصريح من رئيس الجمهورية يعني تخليه عن حياديته في النزاع بين الأكراد من جهة-وبين العرب و التركمان من جهة أخرى ، فيما يخص مستقبل مدينة كركوك التي يجب ان تبقى عراقية . ان ذلك انتهك للمادة (140) من الدستور .وكان يفترض بالسيد جلال طالباني كرئيس للعراق أن يحمي الدستور ويمنع انتهاكه وخرق نصوصه شكلا ومضمونا. إن المادة 140 التي يتمسك بها القادة الأكراد والتي على أساسها يجب أن تتم تسوية مسألة كركوك والمناطق المتنازعة عليها ليس بتحالف طرفين وإنما بالاتفاق السلمي بين جميع الإطراف.

وليس غريبا ان يبدأ نواب عراقيون حملة جمع تواقيع لإقالة جلال طالباني كرئيس للجمهورية العراقية ، مطالبين البرلمان بانتخاب رئيس جديد، إثر وصف طالباني كركوك بالمدينة المحتلة . أليس هذا بعض مهزلة المسرح السياسي العراقي؟
 

 

 

free web counter