| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

الجمعة 19/9/ 2008

 

النظام الإيراني على خطى نظام صدام حسين

د. رياض الأمير

نشرت ثلاثة مقالات في غضون أسبوع، واحدة للدكتور عزيز الحاج "فضح التوسعية الإيرانية ودجل المحامين" والثانية للدكتور محمد الموسوي "فقراء إيران حطبا لـ القدر النووي الإيراني" والثالثة للدكتور سعد بن طفلة العجمي "العلاقة المتشندقة مع إيران" (
نشرت جميعها في عراق الغد)، لا يمكن أن يتهم كتابها بالطائفية ولا للعداء للشعوب الإيرانية ، ولكن يوحد بينها خط مشترك; سوء سياسة النظام الإيراني والمدافعين عن نهجه دفاع أعمى. فالأنظمة الشمولية متشابهة حتى التوأمة وكذلك المدافعين عنها .
وبعد صدور تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا يوم الاثنين الماضي ، أكدت فيه بان طهران واصلت برنامجها للتخصيب، وعرقلت مساعي الوكالة للتحقق من بحوث سرية إيرانية لتطوير أسلحة نووية.ردّت طهران عليه بإعلان عزمها على مواصلة تخصيب اليورانيوم. ومنذ إن دفعت حكومة طهران ميزانية الدخل القومي الإيراني باتجاه تعزيز قدراتها العسكرية وترميم الجيش ومؤسساته ودفعت بالجزء الأعظم منه للبرنامج النووي ودعم وتصدير الثورة . ولذلك أصبح محدودي الدخل وهم فقراء إيران الذين يمثلون 75% يئنون من شدة وطأة الفقر.
إن العراقيين يعرفون قبل غيرهم المعاناة التي يمكن أن تصيب الشعب الإيراني من جراء العقوبات الاقتصادية التي يفرضها المجتمع الدولي جراء سياسة التطرف التي ينتهجها نظام طهران بقيادة احمدي نجاد وركضه المحموم للحصول على السلاح النووي.
عبر قادة الدول الصناعية الثماني الكبرى في اجتماعهم الأخير في اليابان في الثامن من شهر تموز الماضي عن قلقهم الشديد من المخاطر التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني لاتفاقية الحد من الأسلحة النووية. وحثت المجموعة في بيان لها إيران على تعليق جميع نشاطات تخصيب اليورانيوم والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن حكومة احمدي نجاد مستمرة في خططها دون النظر للمخاطر المحدقة بالشعوب الإيرانية وشعوب المنطقة عامة. واضطرت إيران في عام 2003 بالاعتراف بأنها قد أخلّت بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاق الضمانات وأنها قد اتبعت لأكثر من 18 عاماً برنامج نووي سري، إضافةً إلى بناءها سراً منشأة لتخصيب اليورانيوم وفيها يتم أيضاً إنتاج مواد قابلة للانشطار النووي التي يمكن استخدامها في إنتاج سلاح نووي.

ففي الوقت الذي يحاول فيه المجتمع الدولي إيقاف جموح النظام الإيراني في برنامجه النووي حفاظا على أمن المنطقة وعدم جرها إلى منافسة في مجال التسلح بكل أنواعه وتحويلها إلى قواعد أجنبية، أكد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إن بلاده "لن تتراجع قيد أنملة في الدفاع عن حقوقها النووية ".وأضاف:" إذا ظننتم أن الأمة الإيرانية ستتراجع فأنتم مخطئون. نتحرك على الطريق النووي، في اتجاه الذروة." وشدد على:" أن القضية النووية هي التحدي الأكبر منذ بداية الثورة."
في واحد من أكثر تقاريرها انتقادا لإيران، قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها الذي نشر يوم الاثنين الماضي بأن تحقيقاتها المتعلقة بالجانب العسكري للبرنامج النووي الإيراني والأبحاث الإيرانية لإنتاج رأس نووي حربي وصلت لطريق مسدود، موضحة أنها لا تستطيع إصدار حكم حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني. وان إيران عززت أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، وأن عدد آلات الطرد المركزي ارتفعت من 3300 في أيار الماضي إلى 3820 مكون مغناطيس من النوع الذي يستخدم في بناء طاردات مغناطيسية من نوع "باك 2". وقد فشلت محاولة دول اللجنة الثلاثية الممثلة للاتحاد الأوروبي "E3/EU" للوصول إلى حل دبلوماسي مع النظام الإيراني حول برنامجه النووي. وقال مسئول السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي خافيير سولانا إن أحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يثير قلق المجتمع الدولي من برنامج إيران النووي.

فنظام الملالي يخصص ثروات إيران ومواردها لتصدير الإرهاب. فدعمه لأحزاب في الدول العربية ومليشيات وأحزاب عراقية ووصلت طلائع تمدده إلى دول افريقية، هذا بالإضافة إنتاج معدات نووية بدلاً من تأمين متطلبات البلاد الأساسية فعقب الزلزال الذي ضرب محافظة هرمزكان (جنوبي إيران) وأدى إلى مقتل وإصابة عشرات من المواطنين اعترفت وسائل الإعلام الحكومية بأنه تم إرسال طائرة عمودية واحدة فقط لإيصال الإمدادات إلى المنطقة المنكوبة.
نشرت وكالة "اسوشيتدبرس" في العاشر من أيلول الحالي كلمة للمفاوض النووي الإيراني السابق حسن روحاني هاجم فيها بعنف الرئيس محمود احمدي نجاد، فحمّلا إياه مسؤولية إفراغ جيوب الإيرانيين وجعل كرامتهم للبيع، واتهمه بإضاعة فرص ذهبية لتطوير الدولة في الأعوام الثلاثة الماضية. وسأل روحاني في اجتماع حزبي: "لماذا جيوب الناس فارغة وكرامتهم للبيع؟" ليجيب : "إن مواقف وشعارات متهورة، غير محسوبة، وغير مدروسة فرضت تكاليف عدة على الأمة". وأشار روحاني، إلى أن لدى السعودية فائضا يبلغ 870 بليون دولار بسبب ارتفاع عائدات النفط، فيما لا تملك الحكومة الإيرانية الكثير من المال وهي تنفق عائدات النفط على الواردات بدلا من كبح التضخم وإنعاش الإنتاج وتحسين الاقتصاد. وقال روحاني:" إن حكومة نجاد تبيع النفط الخام بـ120 دولارا للبرميل ومع ذلك فان الإيرانيين ازدادوا فقرا والاقتصاد ترنح أكثر".

اعترف علي صدقي، المدير التنفيذي للبنك المركزي الإيراني بتداعيات العقوبات الدولية المفروضة على إيران. وقال أمام الصحفيين: إن العقوبات المفروضة على "بنك ملي" خارج البلاد أثرت سلباً على نشاطاته حيث لا يمكن للبنك التعامل بعملتي الدولار واليورو في تعاملاته الخارجية. واعترف أيضاً بأن الركود الاقتصادي في البلاد تسبب في عدم وجود مصادر جديدة في البنوك الحكومية.
ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية دوليا وسعر الأرز ارتفع خلال ستة شهور إلى ضعفين وارتفاع أسعار كافة الخدمات العامة، قررت السلطات أن لا تزود الفلاحين العرب الأحوازيين ، هذا العام في فصل الزراعة الشتوية وخصوصا لزراعة القمح والشعير بالسموم الزراعية والأسمدة، بتداعيات الحصار الاقتصادي.
ورد على صدور تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين الماضي قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يوم الخميس18 من أيلول الحالي : „إن التهديدات بفرض مزيد من العقوبات على إيران لن تمنعها من مواصلة أنشطتها النووية السلمية“.

جاء في تقرير لصندوق النّقد الدولي بأن المواجهة بين الأسرة الدولية وإيران بسبب برنامجها النووي أثرّت على الاقتصاد الإيراني سلباً، ويمكن أن تهدد الاستثمارات والنمو الاقتصادي إلى حدّ أبعد إذا استمّر تصعيد الأزمة. وقال باتريك كلوسون، نائب مدير دائرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى:" إن تقرير الصندوق هو بمثابة رسالة إلى إيران بأن الأزمة التي ثارت بفعل برنامجها النووي تمثل مشكلة فعلا بالنسبة لها"، وأضاف: " تحيق بسياسات إيران الاقتصادية أخطار بالغة والشركات التي أبدت اهتمامات بالاستثمار قد لا تقوم بمتابعتها إذا لم يتم تسوية القضية النووية."
تشابكت أدوار النفط الإيراني منذ السبعينيات مع وضع اللبنات الأولى للبرنامج النووي. فلدى إيران مخزون من النفط مقداره 130 بليون برميل يشكل ما نسبته 10% من الاحتياطي العالمي، ومع الاستكشافات النفطية الحديثة في الأهواز العربية ارتفع الاحتياطي إلى 133 بليون برميل وهو ما يعني وصول إيران إلى مكانة الدولة الثانية في الاحتياطي العالمي بعد السعودية.وجنت إيران عائدات في السنة المالية 59 بليون دولار. وإيران تنتج أربعة ملايين برميل يوميا وتستهلك منها 1.4 مليون برميل، مما يعني أن لديها القدرة على التصدير لمدة 65 سنة بناء على كميات الاحتياطي المشار إليها.
وفيما يخص الغاز الطبيعي فإن لدى إيران احتياطيا مؤكدا مقداره 27 تريليون متر مكعب يعادل 16% من الاحتياطي العالمي ويمثل ثاني أكبر احتياطي في العالم بعد الاحتياطي الروسي، وتنتج إيران سنويا 79 بليون متر مكعب في وقت يبلغ فيه إجمالي ما تستهلكه 73 بليون متر مكعب.
يسوق النظام الإيراني النموذج الروسي القائم على إنتاج الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية، ومن ثم توفير النفط والغاز للتصدير، لكن مفاعل بوشهر إن كان فعلا لأهداف سلمية، لن تزيد طاقته الإنتاجية عن 7000 ميغاوات في حالة إكماله عام 2020، وهو ما سيوفر طاقة مقدارها 10% فقط مما تستهلكه إيران من الغاز والنفط. لذلك يمكن القول بأن النظام الإيراني يقوم بمراوغة إستراتيجية، وإن احتال بالحجة النفطية.
فبعد مراجعة واقعية لحاجة إيران من الطاقة والبني التحتية لشبكات الغاز والكهرباء واستنادا إلى ما تملكه من ثروات طبيعية واحتياطي نفطي كبير وكميات هائلة من الغاز تثير أكثر من علامة استفهام حول جشع النظام الإيراني للحصول على الطاقة النووية وتخصيب اليورانيوم وما يجلبه هذا المشروع من كلف باهظة وتعرض شعوب إيران للخطر. إن دخل إيران من النفط ومشتقاته يصل إلى 59.13 بليون دولار، وفي نفس الوقت لا زالت البنى التحتية لشبكة الكهرباء والغاز متخلفة عنها في بلدان إفريقيا الفقيرة. فبلد له تلك الإمكانيات المادية والثروة الطبيعية ويعيش حالة سلم منذ عقدين من الزمان، أي بعد إن تجرع السيد الخميني السم من اجل الموافقة على إنهاء حرب الخليج الأولى، لازالت الكثرة من الشعب الإيراني يقتلها البرد في الشتاء والحر في الصيف، خاصة في المناطق الفقيرة والنائية ، دون الطبقة الحاكمة التي تتمتع بدفء السلطة وامتيازاتها .
جاء في تقرير لصحيفة "الغارديان البريطانية" حول مشكلة انقطاع الكهرباء في إيران- ونشر بتاريخ الخامس من أيلول الحالي على موقع "
Iranpressnews"، : "أن البلد الذي يمتلك اكبر أهم اكبر ذخائر نفط وغاز العالم، يغرق في الظلام بسبب سوء التخطيط والفساد الإداري." وتضيف الصحيفة: "مدن إيران في الظلام، من الخليج إلى بحر قزوين، المنازل، أضواء المرور، المستشفيات ....الخ في الشتاء الماضي مرت أكثر من 11 محافظة في إيران، بوضع يشبه الفاجعة. التضخم حسب الأرقام غير الرسمية وصل إلى 30%، وسيزداد الوضع سوءا في المستقبل".
لهذا يمكننا أن ندرك لماذا يترحم أكاديميون إيرانيون على اقتصاد ما قبل الثورة الإسلامية الذي كان يحصل فيه الفرد على دخل سنوي يعادل نظيره الإسباني، وكان فيه دخل إنتاج النفط يقل عن دخله الحالي بأكثر من 35%.
أليس الأفضل الاستثمار في الاستخدام الناجع للاحتياطي الضخم من الثروات الطبيعية من النفط والغاز التي تكفي وتزيد لأكثر من ثلاثة عقود قادمة في بناء صناعة نفطية كبيرة متطورة وإنشاء شبكة لتوزيع الطاقة الكهربائية لعموم البلاد لدرء البرد والحر عن الشعوب الإيرانية وإنارة القرى المعدمة وتشغيل مصانع إيران تحتاجها بدل الركض وراء الطاقة الذرية المكلفة عنها من استخدام ثروات إيران من النفط والغاز، هذا بالإضافة إلى خطورتها على البيئة لإيران والدول المحيطة، إن كانت فعلا لإغراض سلمية؟
فاندفاع إيران في برنامجها النووي ، على الرغم لما تملكه من احتياط نفطي وغاز لا يخدم مصلحة الشعوب الإيرانية من الناحية الاقتصادية على المدين القريب والبعيد وكذلك من الناحية الأمنية ،ولحد الآن لم تستطع إيران أثبات، لا لدول الجوار ولا للمجتمع الدولي أنه للأغراض السلمية.

هل هناك أمل في التغير السلمي في نهج نظام طهران ؟ لا اعتقد لان مرشد الجمهورية علي خامنئي بارك احمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية من دون الحاجة إلى انتظار الانتخابات.

 

free web counter