| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. رياض الأمير

 

 

 

السبت 12/1/ 2008



عام 2007 بين التشاؤم والتفاؤل

د. رياض الأمير

نهاية العام أقف بين موقفين لصديقين؛ الأول متشائم بعض الشيء لما يجري في العراق وفي العالم والثاني متفائل بعض الشيء لما يجري في العراق ومحيطه العالمي. فالدكتور عزيز الحاج في تحليله لما يجري في وطننا وفي العالم عبر تجربة سياسي عريق وكاتب متمكن وقارئ للإحداث بعين الخبير ولذلك يأتي تشاؤمه الذي ما يبرره في الكثير مما ذهب إليه في مقالته " حصاد العام". والثاني الدكتور عبد الخالق حسين، كاتب حصيف عجنته الأعوام الأخيرة التي تزيد على عقد من الزمن وتفرغه للكتابة السياسية والبحث العلمي في أمورها جعل منه صوت يأخذ به ولذلك لتفاؤله ما يمكن الركون إليه في مقاله "من حصاد عام 2007" وكلا المقالين نشرا في عراق الغد. وعلى الرغم من تشاؤم الحاج وتفاؤل عبد الخالق حسين إلا إن الكاتبين اتفقا في تشخيصهما لعام 2007 في عدة مواضيع ذات أهمية كبيرة للعراق وللمنطقة، وللعالم اجمع ومنها الدور الإيراني والسوري في زعزعة الأمن في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط، خطر الإرهاب الذي لا يتوقف على العراق وإنما يتعداه إلى الدول المجاورة والبشرية قاطبة ....الخ وأود أن لا أكون توفيقيا بين الاثنين فيما ذهبا إليه، على الرغم من إن التوفيقية سياسة ناجعة في بعض الأحيان وفي السياسة تحديدا، فتشاؤم الحاج لم يكن دائما وانما وجد فسحة للتفاؤل كما فعل عبد الخالق حسين حول انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد حيث يقول:" إن فوز سركوزي في رئاسة فرنسا كان انعطافا هاما في السياستين الخارجية والداخلية لفرنسا، وخصوصا في إنهاء سياسة التأزيم المفتعل مع الولايات المتحدة، وفي الموقف الأكثر حزما من النووي الإيراني، والتحرك النشيط في لبنان، ودعم الوجود العسكري الفرنسي في أفغانستان في الحرب ضد الطالبان، والإرهاب الإسلامي العالمي. " وتشاؤم الحاج في العديد من النقاط الأخرى له ما يبرره ولكنه في غيرها ليست قضية سوف تخلف ضلالها على الواقع الدولي ، فيما يخص الشعبوية في السياسية الدولية ومثالها رئيس فنزويلا ، مثلا ، لان مثله مروا على المسرح الدولي وسقطوا ومثالهم صدام حسين . وحول الرئيس بوتين يقول الحاج:" راح بوتين يعود تدريجيا لخطاب ومواقف الحرب الباردة في التعامل مع الولايات المتحدة، وفي دعم أنظمة خطرة كالنظام الإيراني. إن روسيا تستعرض كل يوم عضلاتها بحجة أن واشنطن تهددها رغم علم بوتين بأن هذا هراء، حيث انقضى عهد الحرب الباردة وإن بين الدولتين لا تزال اتفاقات ونقاط مشتركة."
باعتقادي إن سياسة بوتين وهو الذي خرج من رحم الاستخبارات السوفيتية وذو نزعة تسلطية ورثها من تربيته في الجهاز المذكور والمفهوم السوفيتي نحو حرية الإنسان وممارسة الديمقراطية يقوم بذلك من اجل وضع اللمسات الأخيرة لبقائه الرجل الأول في الكرملين، وهذا ما يعتقده الحاج أيضا، كما وانه يعرف بان روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي الذي ترنح منهارا بالضربة القاضية في صراعه مع الغرب الديمقراطي. وروسيا ومصالح طبقتها الغنية الجديدة وشركاتها الكبيرة متعددة الجنسيات والمرتبطة بالاقتصاد العالمي والغربي تحديدا لا يمكنها أن تعرض ما حققته من مغانم في دخول حرب، ساخنة أو باردة مع العالم وفي مقدمته الولايات المتحدة، وكذلك لأن ليس هناك ورقة مخفية لقدرات روسيا العسكرية. ويقول الحاج متشائما :" إن العام الذي ينصرم لم يحمل للعراق أي أمل بالخلاص من محنته وآلامه، بل استمر تخبط الحكام، وصراع مليشياتهم الدموية الطائفية، ونهب المال العام، والانقطاع التام للكهرباء في العاصمة، واستمر وقوع الضحايا البشرية الغالية على أيدي التكفيريين المجرمين، وقوى بعثية لا تزال تحلم بالعودة بسفك الدماء، وعلى أيدي المليشيات الحزبية العاملة على تحويل البلاد إلى دولة دينية خامنائية، وهو ما يتحقق في الجنوب، وخاصة في البصرة حيث تقام طالبانية شيعية، تقتل النساء، وتضطهد المسيحيين والصابئة المندائيين، وتقوم بتهريب النفط، وتواصل تصفية حساباتها مع بعض، وإيران داخلة فيهم "عرضا وطولا" حتى تكاد البصرة أن تكون إمارة إيرانية. إننا نفكر بكل حزن بالضحايا المتساقطة يوميا، من عراقيين ومن زهرة الشباب الأمريكي الذين يقتلون، مع المدنيين العراقيين، بسيارات مفخفخة، وأحزمة ناسفة قاعدية، وعبوات إيرانية الصنع؛ نفكر بالمسيحيات والمسيحيين المطاردين المضطهدين على أدي عناصر مجرمة منحطة لا علاقة لها بالعراق، الذي ساهم مسيحيوه بنشاط في حياته السياسية، والعلمية، والفكرية، والفنية، والاقتصادية. " وحول الوضع عدا العراق يضيف الحاج :" أما إقليميا وعربيا، فهناك قضايا ساخنة جدا وهي،عدا العراق، أزمة لبنان المتواصلة بفعل إيراني – سوري وعملاء محليين لهما، ومخاطر النووي الإيراني مع تنشيط التخصيب الذي هو العنصر الحاسم في صنع القنبلة النووية، والدعم الروسي العسكري لحماية هذا المشروع بتزويد إيران بصواريخ أرض جو متطورة. إن إيران تظل الخطر الأول على العراق والمنطقة، ويخطئ حكام الخليج إن انخدعوا بالمناورات والزيارات الإيرانية المتعاقبة." وينتهي بالقول:" وهكذا، فليس في المنطقة ما يفرح ونحن نودع عام 2007." إن تشاؤم الحاج ما يبرره على الأرض بعد دراسة الخارطة السياسة والواقع العراقي والدولي ودراسته لهما وتحليلهما دون تكليف عبر خبرته السياسية. جاء ذلك على الرغم من إن نوع من الأمل قد ولد بعد إشاعة التحسن الأمني الملموس الذي أتي في النصف الثاني، وابتعاد خطر الصفحة الأخطر في مشهد العنف العراقي، وهي الاقتتال الطائفي وتلاشي احتمالات الحرب الأهلية والعودة الوجلة المتخوفة إلى مناطق الاختلاط السكاني، وبداية عودة بسيطة من المنافي القسرية داخل الوطن وخارجه، إلا أن الأهم الذي ظل ظاهرة انتفاضة أبناء المناطق غرب العراق والمناطق الساخنة عموما على هيمنة عصابات "القاعدة" ورفضاًً لدولتها الإسلامية المجرمة السفاحة. كما وان تشاؤم الحاج يأتي من خبرته السياسية الطويلة وتمرسه فيها لأن الحلول التي طالب بها أكثر العراقيين وطنية وإخلاصاً من اجل الخروج من الأزمة الحالية والمتمثلة في الاستفادة من تحسن الوضع الأمني لتحسين الوضع السياسي في إجراء المصالحة الوطنية الحقيقية وإشراك أكثر قطاعات الشعب العراقي، وهم المستقلين في المساهمة بصنع القرار بتشكيل حكومة من التكنوقراط بعيدا عن مبدأ المحاصصة الطائفية لم يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الأحزاب المهيمنة على السلطة. فالتطور الأمني وبدايات عودة اللحمة المجتمعية، لم يوازيها ويرافقها اقتراب بين القوى السياسية، رغم أنه برزت محاولات في الأشهر الأخيرة وجهود لتشكيل تحالفات جديدة وإعادة ترتيب للخريطة السياسية لكسر التخندق الطائفي وتشكيل جبهة مقابلة للقوى الحكومية، إلا انه لم يكتب لها النجاح لغياب البرنامج الوطني العراقي والنظرة اللبرالية لبناء عراق جديد.
ويتفق عبد الخالق حسين تماما مع الحاج حول الدور الإيراني والسوري في العراق قائلا في هذا الصدد:" فنجاح العراق الجديد هو خيبة أمل ومصيبة لهم. ونتيجة لهذا التحسن، ويأس إيران وسوريا في إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، واحتمال وصول الحريق الذي أشعلوه في العراق عن طريق دعمهم للإرهاب، على وشك أن يصلهم ويحرقهم، لذا أوعز حكم الملالي في إيران إلى عميلهم مقتدى الصدر بتعليق نشاط مليشياته لستة أشهر، وهناك أنباء عن تمديد هذا التعليق لستة أشهر أخرى تمهيداً لحلها وخلاص العراق من شرورها إلى الأبد." فكلا الكاتبين الحاج وعبد الخالق حسين والعديد من الكتاب والمفكرين العراقيين يشاطرونهما الرأي إلى ما ذهبا إليه حول الدور السلبي للنظام الإيراني. وعلى الرغم من ذلك وتصريح الكثير من المسئولين العراقيين المحسوبين على نظام طهران، عند حسن نواياها الحقيقة، بالإضافة إلى إن هناك انعطافا كبيرا لم يستغله النظام الإيراني لحد هذه اللحظة ولم يغتنم الفرصة لإظهار حسن النية والسلوك المتحضر لنظام يربط نفسه بالدين الإسلامي السمح. فقد جاءت تصريحات عديدة على لسان مسئولين وقادة ميدانيين أمريكيين كالكولونيل ستيفن بايلون الذي صرح للواشنطن تايمز بان المسئولين الأميركيين قد ذكروا بحصول انخفاض بما تقدمه إيران من أسلحة وتمويل للمتمردين العراقيين. ولاحظت الواشنطن تايمز ان الكولونيل بايلون عبر عن موقف مخالفا السياسة الأميركية التي تشكك بشكل متواصل بالموقف الإيراني، تجاه تقديم الأسلحة والأموال وتدريب الميليشيات العراقية، وقال بان المسئولين العسكريين الأميركيين بدءوا منذ شهر تشرين الأول الماضي بالإعلان عن تناقص تجهيزات الأسلحة الإيرانية والمساعدات الأخرى. وتقول الصحيفة إن هذا الإعلان الأميركي جاء بعد أسابيع فقط من إعلان وكالة المخابرات المركزية حول برنامج إيران النووي، ولكن وفي الوقت الذي يعتبر الجهد الإيراني واعدا، كما قال براون فان المسئولين العسكريين الأميركيين يبقون قلقين وفي جزء من أسباب ذلك بسبب بعض الإحداث المعاكسة على الأرض في العراق. ونقلت الواشنطن تايمز ما كشف عنه الكولونيل بايلون، من أن القوات الأميركية قد اعتقلت مؤخرا أفرادا كانوا قد تدربوا في إيران لفترات من 45 – 60 يوما. وقال بايلون :"نحن مستمرون تماما في مراقبة وانتظار ما نراه وما سيحدث ". إن الموقف الأميركي المتمثل في وكالة الاستخبارات المركزية وكذلك القادة الميدانين في العراق يختلف عن موقف الإدارة الأمريكية من إيران. ولأن كان لدي نظام طهران النية الصادقة فعلا لاستغل ذلك من اجل إثبات بان برنامجه النووي للإغراض السلمية وكذلك إيقاف تدخله في الشئون الداخلية لكل من العراق ولبنان وفلسطين وغيرها من الدول المحيطة. كان المفروض على طهران أن تنتهزها وأن تخرج بمبادرة ليس فقط لتحسين علاقاتها مع الدول الأخرى ومن ضمنها الولايات المتحدة وإنما صورتها أمام الرأي العالمي. إن عدم استغلال تلك الإشارات الإيجابية يسئ لإيران وينعكس على الوضع في المنطقة وفي العراق تحديدا، حيث كان على أصدقاء إيران في الحكومة العراقية أن يدفعوا حكام طهران أن لا يفوتوا الفرصة للاستفادة من أي حسن نية لدي الدول الأخرى التي تقف طهران موقف العداء لها. كان المفروض بحكام طهران التحلي بروح المسئولية أمام الشعوب الإيرانية وعدم القيام بما يعطي الأميركيين انطباعا خاطئا عن مخططات النظام. قد خرج الأمريكيون وقالوا بصوت واضح بأنهم لا يعتقدون أن إيران تعمل حاليا على صنع سلاح نووي، كما جاء في إعلان التقييم الذي أصدرته وكالة المخابرات المركزية فى تنقيح تقييمها عن البرنامج النووي الإيراني والذي ذكر بتأكيد بدرجة عالية بان إيران قد عزفت عن برنامجها النووي ألتسليحي في سنة 2003 في ضوء الحرب لإسقاط نظام صدام حسين. وعلى الرغم من إن المرء لا يمكنه أن يركن إلى ما خرجت به "سي أي آي "، ولكن تصريحهم ذلك أحرج الإدارة الأمريكية الحالية، ومن جانب آخر يمكن أن ينظر إليه على أنه فعل بحسن نية في الخروج على الملأ والإعلان عما توصوا إليه، حسب قناعاتهم ولم يبقوه في السر من اجل أن لا يكون سببا لحرب لا مبرر لها سوف تنعكس نتائجها على المنطقة والعراق تحديدا. قال الرئيس بوش في مقابلة مع وكالة رويترز انه يتوقع خلال رحلته للمنطقة (التي بدأت هذا الأسبوع) والتي ستشمل دولا عربية وإسرائيل، الإجابة عن تساؤلات حول تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي قال إن طهران أوقفت برنامجها النووي العسكري عام 2003 وأضاف انه سيوضح للدول التي يزورها "أن إيران لا تزال تشكل خطرا"، وان الدولة التي تستطيع وقف برنامج يمكن أن تستأنفه مرة أخر. وفي هذا السياق رفض المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في خطبة له في مدينة يزد : المقترح الأمريكي والروسي بتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم بعدما بدأت موسكو إمداد محطة بوشهر الإيرانية بالوقود النووي الشهر الماضي. وقال أيضا : "عدم إقامة علاقات مع أمريكا إحدى سياساتنا الرئيسية، لكننا لم نقل أبدا إن تلك العلاقات ستظل مقطوعة إلى الأبد." وأضاف خامنئي: "إن إقامة تلك العلاقات الآن يضر بنا، لذا علينا إلا نفعل. وعندما يأتي اليوم الذي تكون فيه العلاقات مع أمريكا مفيدة للأمة سأكون أول من يوافق عليها."
ولا زالت إيران لا تملك الرد على الاتهامات بشأن جهودها في برنامجها النووي واثبات انه للإغراض السلمية. وكذلك تدخلها في الشئون الداخلية لكل من العراق ولبنان وفلسطين. إن نظام طهران لا زال يبعث برسائل واضحة للمجتمع الدولي بأسره عن طريق عدم تقديم الضمانات المطلوبة حول برنامجه النووي وكذلك لا زالت قضية التعاون السري بينه وبين تنظيم القاعدة مستمرة ، حيث لا زال النظام يحتضن العديد من قادة التنظيم الإرهابي على أراضيه ولم يعالجها لحد هذه اللحظة. ففي الوقت الذي يدعي انه يقدم الدعم للحكومة العراقية التي في غالبيتها من أصدقاء النظام الإيراني فان الكثير من قادة المنظمة الإرهابية طليقين في إيران وأحرار يصدرون فكرهم وإجرامهم إلى الشعوب الأخرى وبالتالي سيعود في نهاية المطاف خطرهم على الشعوب الإيرانية أيضا. إن القيام بتسليمهم للدول التي اقترف التنظيم بحقهم أبشع الجرائم كالشعب العراقي والكثير من شعوب أوربا والشعب الأمريكي، أو على الأقل وضعهم تحت الإقامة الجبرية إشارة واضحة يمكن أن يقدمها النظام للعالم اجمع. أن في ذلك ليس فقط تحسين صورته واستغلال الفرصة الذهبية الحالية وإنما تساعد على الحفاظ على امن المنطقة وتجنب الشعوب الإيرانية مآسي الحروب والحصار. وآخر ما قام به نظام ملالي طهران من تصعيد متعمد عن تحرش زوارق سريعة تابعة للحرس الثوري الإيراني، في مضيق هرمز فجر الأحد الماضي وتهديد بنسف بوارج أميركية. نتيجة ذلك وضعت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" فرق البحرية الأميركية في منطقة الخليج في حال تأهب، فيما هددت الخارجية الأميركية بالرد على أي تهديد لقواتها أو حلفائها في المنطقة. وفي الوقت الذي نفي فيه الحرس الحادث، مؤكداً أن عناصره لم تتعرّض لأي بارجة أميركية في المضيق، اعترفت الخارجية الإيرانية بالحادث، لكنها خففت من أهميته. وقال الناطق باسم الوزارة محمد علي حسيني إن "الحالة التي وقعت يوم السبت مماثلة لحالات سابقة وهي مسألة معتادة وطبيعية".
ولربما تفاؤل الدكتور عبد الخالق حسين جاءا متسرعا أو من قبيل الأمنيات التي يتمناها كل وطني عراقي حيث يقول :" ومن علامات تحسن الوضع الأمني ونجاح بناء القوات العراقية المسلحة والاعتماد عليها، سلَّمت القوات البريطانية الملف الأمني في البصرة إلى الحكومة العراقية في هذا الشهر، كما سلمت الملف الأمني في محافظة ميسان من قبل. وهذا دليل على جاهزية القوات العراقية واستعدادها للقيام بمسئولية حفظ أمن المحافظة."
ولسوء الحظ جاءت تصريحات مدير شرطة البصرة عن اغتيال أكثر من 140 امرأة عراقية على يد الجماعات التكفيرية، هذا بالإضافة إلى تقسيم مدينة البصرة بين الأحزاب الدينية ومليشياتها. وعلى الرغم من اتفاقي مع عبد الخالق حسين حول التنافس الشريف من اجل الوصول أو البقاء في السلطة حيث يقول :" وقد أثبت رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي صموده رغم الحملات الدعائية المضادة له من قبل أعداء العراق وشركات الترويج الغربية المدفوعة الأجر في حملات دعائية تسقيطية مفضوحة، حيث كان مردود هذه الحملات معكوس على مروجيها، إذ أساءت لهم أكثر مما أساءت للسيد المالكي." إن الواقع يظهر العكس، حيث يرى العديد من العراقيين أن ما حصل في بغداد من مسرحية استقبال المالكي بعد عودته من لندن أعاد لذاكرة البغداديين تلك الاحتفالات التي كانت تنظم في زمن النظام الصدامي الساقط، لا سيما وأن الإعلام الحكومي نقل بشكل مباشر جانبا من تلك الاحتفالات التي أثارت عددا من التساؤلات، حيث كان حكام العراق الحاليين، ومنهم المالكي وجماعته يستهجنوها. كما وان تفاؤل عبد الخالق حسين حول هزيمة الإرهاب سابقة لأوانها حيث يقول: " كذلك من علامات هزيمة الإرهاب هذا العام، هو مغادرة الكثير من الإرهابيين العرب إلى ديارهم وهم يجرون أذيال الخيبة والفشل، حيث راحوا يمارسون إرهابهم في بلدانهم، لأنهم صاروا لن يجيدوا وظيفة أخرى غير ممارسة الإرهاب، كما نلاحظ تأثير ذلك في تصاعد الإرهاب في الجزائر في الآونة الأخيرة. وهذا درس للحكومات العربية التي سكتت عن تدفق الإرهابيين من بلدانهم إلى العراق، أن في نهاية المطاف لا بد وأن ينقلب السحر على الساحر، وتشجيعهم للإرهاب في العراق سيجلب لهم الدمار في نهاية المطاف. وهذا الذي حصل. خلاصة القول، لقد تحققت في عام 2007 انتصارات رائعة على مختلف الأصعدة وخطىَ العالم خطوة أخرى نحو الأفضل وخاصة في مجال دحر الإرهاب والتقدم في جميع المجالات.... وإذا كان انتصار الديمقراطية يخص الشعب العراقي وحده أكثر من غيره، فإن دحر الإرهاب يهم سلامة العالم والحضارة البشرية عامة، ولذلك فدحر الإرهاب مسألة حتمية لأنه مسئولية تقع على عاتق المجتمع الدولي وبالأخص الدولة العظمى أمريكا التي تمتلك القدرة في تحقيق ذلك. ولهذا السبب، فإن عام 2007 كان عام بداية الانتصارات الرائعة للعراق وللعالم أجمع، ولذلك نحن متفائلون بالمستقبل."

نعم هناك جماعات كثيرة من عصابات القاعدة قد هربت إلى خارج حدود العراق وهي تشعل الآن النار في أماكن انطلاقها الأساسية، لكن العدد الكبير لا زال يسوم العراقيين عذاب خيبة الأمل في نجاح الخطة الأمنية، كالتفجير الانتحاري في الزيونة الذي أستهدف عناصر جهاز المخابرات العراقي في مجلس للعزاء كانت حصيلته 34 شهيدا و38 جريحا. عدا تفجير منطقة الأعظمية الموجه ضد رجال الصحوة والعديد من تفجيرات الانتحاريين المجرمين الأخيرة التي راح ضحيتها العشرات من العراقيين وأخيرا الاعتداء على عدة كنائس في بغداد ومحافظة نينوى. كما واني اتفق مع الدكتور عبد الخالق حسين بان مسئولية محاربة الإرهاب يجب أن يتحملها المجتمع الدولي كله وكل شريف على كرتنا الأرضية، أينما كان، ولا يخص الولايات المتحدة وحدها، لان عصابات الإرهاب العالمي موجهة ضد البشرية جمعاء والحضارة الإنسانية عامة، مهما رفعت من شعارات " التحرير والمقاومة وغيرها من زيف الأقوال والأفعال). وإلى نهاية العام 2008، مع الأمل أن يزول تشاؤم الحاج ويكون تفاؤل عبد الخالق حسين ما يدعمه.
 


 

Counters