| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رزاق عبود

razakaboud@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 30/7/ 2008



بصراحة ابن عبود

سؤال للدكتور كاظم حبيب:
هل صحيح ان في كل عراقي يسكن صدام حسين؟؟!!

رزاق عبود

قبل فترة كتب البعض، وتندرعليّ ، وعارض، واستكبر مقولة الشعب العراقي "العظيم". ومنهم استاذنا الدكتور كاظم حبيب. كما كررالكثير من الكتاب، والمتحدثين، للاسف، ان "في كل عراقي يسكن صدام حسين". ويقصدون العنف، والوحشية، والقمع، والغدر، والخيانة، والسادية، والتسلط، والتعنت، والقتل، والفردية، والديكتاتورية، والدموية، والسادية، والتعطش للدم، و.. و.. وغيرها من الصفات الهمجية التي ميّزت شخصية الفاشي صدام حسين.

فهل هذه فعلا سمات كل عراقي؟؟؟!!

في اليوم الاخير لايام الثقافة العراقية. التقليد السنوي الجميل لنادي 14 تموز في ستوكهولم، و المخصصة هذا العام لتمجيد اليوبيل الذهبي لثورة 14 تموز المجيدة. كان المحاضر يوم 14 تموز 2008 هو الكاتب المعروف الدكتور كاظم حبيب، الذي شتم الحاضرين (عن غير قصد) بهذه الفرضية الظالمة مرة اخرى. وطبعا صفق له البعض بحماسة البلاغة التي تعوّد خطبائنا على خداعنا بها كما يفعل سياسيو الغرب، وكنت اظنها بدعة عربية قبل ذلك. نسي الكتاب، والمتحدثون الذين يكررون هذه العبارة الظالمة، بحق العراقيين. ان الامور لا تعمم، واننا عندما نقول "العراق العظيم" لا نقصد "عراق صدام" كما كان يردد الديكتاتور المقبور. والشعب العراقي العظيم لا نقصد به الثلة المجرمة التي تحكمت برقاب العراقيين منذ 8شباط 1963 حتى 9نيسان 2003 وبعدها باشكال، وصور مختلفة، وبمسميات اخرى، وبدرجات اقل، وغير مباشرة.

نحن نقصد الشعب العراقي العظيم الوريث لاقدم، واعظم الحضارات البشرية. وقاهر الطوفان، والطاعون، والغزوات، والاحتلالات المتعاقبة. نقصد الفلاحين الذين فرضوا على الانكليز حكما وطنيا بقوة المگوار الذي انتصر على المدفع ( الطوب احسن لو مگواري) نقصد الشعب العراقي الذي خرج صباح الرابع عشر من تموز ليحمي ثورته، ويشل تحرك القطعات المعادية للثورة وكانت اكبر بكثير من امكانيات الثوار. الشعب الذي شل الاسطول الامريكي السادس، الذي نزل في لبنان، وقوات الليفي البريطانية التي نزلت في الاردن لاجهاض الثورة، واعادة العراق (الحصان الجامح) الى اسطبل النفوذ الانكلو امريكي، وحلف بغداد، وحكم نوري السعيد. الشعب الذي اسقط قبل ذلك معاهدة بورتسموث، وفرض انتخابات ديمقراطية نسبيا عام 1954 وتضامن مع مصر ضد العدوان الثلاثي، ومنع نوري السعيد من اين يكون العراق الطرف الرابع في العدوان، كما تسعى امريكا الان، ليكون العراق منطلق عدوانها وتأمرها على دول الجوار وقوى التحرر في المنطقة. الشعب الذي فرض مجلس الاعمار، و"خبز الاعاشة". الشعب الذي خرج عام 1961 يطالب بالسلم في كردستان. الشعب الذى حمى التأميم عام 1972. الشعب، الذي لم يحم صدام، وساهم فعليا بسقوطه. عندما نقول الشعب العراقي العظيم نقصد مهدي الخالصي، وعبدالجبارعبدالله ، ومحمد سلمان حسن، وعبدالفتاح ابراهيم، ويوسف سلمان، والاب انستاس الكرملي، وعزيز شريف، والرصافي، ومظفر النواب، والجواهري الكبير، نقصد بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، وسعدي يوسف، ومحمد سعيد الصكار، وعبدالوهاب البياتي، ورشدي العامل، ومصطفى جمال الدين، وهادي العلوي، وغالب طعمة فرمان، وزينب، وناظم الغزالي، ومحمد الكبنجي، ويوسف العاني، وقاسم محمد، وجواد سليم، وفائق حسن، وفؤاد التكرلي، وخضير عبدالامير، وعبدالله كوران، وبي كه س، ومهدي المخزومي، وابراهيم السامرائي، والاف مؤلفة من المبدعين، والمناضلين، والشهداء في سبيل عراق خال من العنف، والاقتتال من كل مكونات الشعب العراقي.هذا الشعب الذي يرفض ان يموت، يرفض ان يستسلم، يرفض ان يشوه تاريخه. فتصدى للطائفية، والطائفيين، مؤخرا، وافشل مخططاتهم لرسم العراق بخارطة طائفية، بغيضة.

ان شخصية صدام حسين ليست عراقية، ولا تميزالعراقيين. انها فريدة في اجرامها مثل ناظم كزار. تلتقي في همجيتها، مع عصابة تاريخية من القتلة، والمجرمين من الحجاج، وهولاكو حتى عيدي امين مرورا بستالين، وبول بوت، وهتلر، وموسيليني، وفرانكو، وباتيستا، وبينوشيت، وغيرهم ممن غرقوا بدماء شعوبهم. في مسيرة التاريخ العالمي يغافل هؤلاء المجرمون التاريخ، ويعتلوا سدة السلطة ليرتكبوا المجازر بما تسوله لهم نفسياتهم المريضة، وعقدهم البائسة. وانت تعيش في المانيا يا استاذنا، لا يمكن ان نحرم الشعب الالماني مثلا من صفة العظمة، وهو يفتخر بماركس، وبريخت، ونيتشة، وغيرهم. لايمنعهم ان النمساوي المعقد هتلر قادهم، وقاد العالم الى دمار الحرب العالمية الثانية، ولا يتحمل الشعب الجيورجي جرائم ستالين بحق رفاقه، وشعوب الاتحاد السوفياتي، والعالم باسره. والحديث يشمل موسوليني ايطاليا، وفرانكو اسبانيا. وغيرهم ممن تحتقرهم شعوبهم، وتنظر اليهم كلطخة عار كريهة تشوه تاريخهم. انا اعرف انك تقصد النزعة التهميشية، والفردية، والقسوة، وغيرها من صفات العنف الفردي. وهذه لا يختص بها الشعب العراقي. بل ان مراحل التطور الاجتماعي هي التي تفرض نمطا من التعامل، والسلوك البشري. ففي الوقت الذي يصفق فيه مثقفونا لاوربا متناسين تاريخها الاستعماري، يقوم مثقفوا اوربا بتعرية التاريخ الدموي الاستعماري المخزي لبلدانهم. اوالمديح المج، والاشادة النشاز الان لامريكا، ومشروعها "الديمقراطي" المحمول على دبابات الاحتلال العسكري، وهم يعرفون جيدا تاريخها الدموي، واهدافها في غزو العراق، واحتلاله، الامر الذي يصرح به حتى مرشح الرئاسة الديمقراطي، ومسؤولين سابقين، وحاليين كبار في المؤسسة الامريكية ومن الحزبين.

العراق، والعراقي فيه قيم انسانية رائعة كثيرة تطغي على ما يشذ احيانا. فصفات،الطيبة، والنخوة، والكرم، وحسن الضيافة، واحترام الغريب، وعزة النفس، وتقدير المبدع. هذه القيم الجميلة هي ما يميز، ويجمع العراقيين، وما يتفاخرون به، وليس جرائم صدام. ان سرسري مثل صدام لا يمكن ان يكون صورة لكل عراقي. فكثيرا ما نسي العراقيون جراحهم في سبيل المصلحة العامة. وكثيرا ما هبوا لنجدة بعضهم رغم كل الفوارق، والاختلافات. ومن المؤسف ان تخرج هذه الشتيمة من الشخص الذي شاهد، وعاش، وخبر الكثير، وهو يتحدث عن شخص عراقي (عبدالكريم قاسم) عرف بالتسامح حد السذاجة. بل ادى به مبدأ "عفا الله عما سلف" ان يكون صدام حاكما للعراق، وعلى مدى سنوات اذاق فيها العراقيون الذل والهوان.

مع كل الاحترام والتقدير للمحاضر كاظم حبيب، وكل العظمة لشعب تموز، وثورته العظيمة!!


15/7/2008

 


 

free web counter