| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رزاق عبود

razakaboud@hotmail.com

 

 

 

الخميس 18/11/ 2010

 

يا مسيحيون العراق لا تحبوا اعدائكم!

رزاق عبود

تقول القصة ان ابن الله يسوع، وهو مسمر على صليبه يتضرع الى ربه قائلا: " يا ابتي اغفر لهم فهم لا يعرفون ما يفعلون". وربما كررها الراهبان الشهيدان الاب ثائر، والاب وسيم اللذين ذبحا في كنيسة سيدة النجاة في بغداد. اعادها ايضا الاب الناجي من المذبحة في صلواته بعد الحادثة، على جثث الضحايا، وهو يودع صديقيه، ورفيقيه، وعشرات من ضحايا ارهاب التعصب في نفس الكنيسة.

ترى هل فعلا ،لا يعرف القتلة ماذا يفعلون؟! هل توهموا؟ هل اخطأوا المكان؟ لا، والف لا، لقد اقتحموا كنيسة، وليس مسلخا. لقد ذبحوا اناسا، وليس خرافا! لقد قتلوا بدم بارد مدنيين وليس عسكريين. قتلوا متعبدين، مصلين، متضرعين الى نفس الاله الذي ذبحوهم باسمه! قتلوا بوقاحة رجال دين، واطفال، ونساء، وشيوخ، وشباب. حاصروهم، واحتجزوهم، وارعبوهم، وابادوهم في بيت من بيوت الله. انهم يعرفون بالضبط ما يفعلون يا ابونا !.

يعرفون جيدا، ان النبي الذي يتبعون تعلم على يد قساوسة حران. يعلمون ان ورقة بن نوفل عم خديجة زوجة محمد  كان قسا نصرانيا، وهو معلمه الاول.

يعرفون ان نبيهم ارسل اوائل المسلمين الى النصراني النجاشي ملك الحبشة، الذي اواهم، وحماهم، وساندهم، واكرمهم.

يعرفون ان محمد قد قال: "من اذى ذميا فقد اذاني". يعرفون ان ربهم اوصى من قتل نفسا بغير ذنب كأنما قتل الناس جميعا. وان دم البرئ اشرف من حجر الكعبة.

يعرفون ان كتب اليونان، والرومان ترجمها المسيحيون لتقوم على اساسها الحضارة الاسلامية.

يعرفون ان اطباء الخلفاء كانوا مسيحيين. يعرفون انه لولا الاب انستاس الكرملي لضاعت علوم العربية في قرون الظلام العثمانية.

يعرفون ان رواد النهضة الحديثة في العراق تعلموا في المدارس المسيحية واليهودية.

يعرفون ان من ادخل الصحافة والطباعة الى العراق كانوا مسيحيين.

يعرفون ان من قتلوهم بغدر، وخسة، ودناءة، هم احفاد اقدم حضارة بشرية.

يعرفون ان كل الانبياء المذكورين في قرآنهم هم انبياء ايضا للنصرانية.

انهم لا يحتاجون لتضرعاتك وغفرانك سيدي الاب، لانهم لو كانوا قد ظفروا بك لقتلوك. لو عادوا من جديد لقتلوك مع الاخرين وسيضربوك على الف خد تديره لهم. فهؤلاء مهنتهم القتل وشرفهم الذبح. هؤلاء سفلة! لقد لطخوا جدران الكنيسة البيضاء بدماء الابرياء. ومزقوا الاجساد والجدران برصاصهم الحاقد. لقد ملأوا مستشفيات العراق، وغيره بجرحى غزوتهم الجديدة على ابناء العراق الاصلاء. هؤلاء بلا خلق، ولا ضمير، ولا انسانية، ولا دين. حولوا المعبد الى مذبح، قلبوا الشموع الى دموع. دنسوا الماء المقدس ولوثوا ارض الكنيسة. دموع العذراء اغرقت ارض الكنيسة الطاهرة. رأأس المسيح تدلى صارخا، متأوها، متلوعا، يبكي دما. جسده الطاهر ينزف في كل كنيسة ومحلة عراقية. فهؤلاء الاوباش يريدونه مع محبيه ان يظل ابدا حاملا صليبه متعثرا في عراق الالام. اسكتوا التراتيل بتفجيراتهم. اصمتوا التهليل بزخات رصاصهم. حقائبهم السوداء مثل قلوبهم، وافكارهم فجروها مع اجسادهم القذرة المفخخة بسموم الحقد، وضيق الافق، والعصبية. يتسلون بقتل الاطفال، يرقصون على صوت الصراخ والعويل. عاثوا في الكنيسة كما الارواح الشريرة، والحيوانات المفترسة، والكائنات الهمجية. ملأوا جو الكنيسة الرهباني بالرعب، والرهبة، والخوف، والموت.

لا يا ابتي لا تطلب العفو، والغفران لهم، فان ارواح الشهداء الطائفة في فضاء الكنيسة تحتج، وتقتل من جديد. كنيسة سيدة النجاة صارت مقبرة على ايدي البرابرة. قتلوا الاسرى، والاطفال، والنساء الحوامل، وانت تدعو لهم بالمغفرة!

صدق، وانا اسمعك ارى صور الشهداء تتحرك ملتاعة، ودموع المسيح تسيح دما، ورأس مريم العذراء يسقط في حضن ابنها.

لقد قتلوا الناس، واعادوا قتلهم، ومثلوا بجثثهم. خمس ساعات من الرعب، والقتل، والفزع، والدماء، والصراخ، والخوف لا تسمح بالعفو، والغفران، ولا حتى النسيان.

المحبة، والاخوة، والسلام اهم صفات، ودعوات، ووصايا المسيح، وابنائه، وتابعيه للبشر. لكن هؤلاء ليسوا بشرا. لقد دنسوا الكنيسة، وشوهوا القداس، واسكتوا الصلوات، وقتلوا السلام، وصرعوا المحبة. يفرغون بسادية عمياء رصاصهم في اجساد المؤمنين الابرياء، وهم يصرخون بهستيرية: " الموت للنصارى الكفرة"!!! وانت تدعو لهم بالغفران!

لا يا سيدي، لا يا ابتي، لا يا صديقي، لا يا اخي. هؤلاء لا يستحقون حتى تراب حذاءك.اعرف انك لست ساذجا، ولا كاذبا، ولا مدعيا، بصلواتك، وتذرعاتك. لكنك واهم، بطيبتك النصرانية، واهم انهم بشر، كما توهموا، وتوهم قبلهم الغزاة العثمانيين، وبكر صدقي، وغلاة القوميين، وغيرهم ممن سبحوا بدم المسيحيين العراقيين، انهم يستطيعون افراغ العراق من اهله.

لا تحبوهم، لا تحبوا اعدائكم! لا تديروا لهم الخد الاخر! لا تطلبوا الغفران لهم! فهؤلاء كالعقارب اذا لم تدعسها بقدمك لدغتك! وكفاكم، وكفانا، وكفى كل العراقيين لدغا من العقارب "البشرية".

ويبقى السؤال المحير كيف، ولماذا، ومن المسؤل عن تمكن المغول من اكتساح بغداد من جديد؟؟؟؟!!
 


15/11/2010
 

 

free web counter