| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رزاق عبود

razakaboud@hotmail.com

 

 

 

                                                                                الأربعاء 12/9/ 2012

 

بصراحة ابن عبود

والي بغداد كامل طلفاح الزيدي يغلق بيت الجواهري!

رزاق عبود

في هجمة بوليسية، وحركة همجية، وتوجهات ظلامية، وخطوة لا دستورية، قامت ميليشات والي بغداد الطائفية، بالهجوم المباغت على مقر اتحاد ادباء وكتاب العراق الذي تاسس عام 1959 وكان اول رئيس له شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري. قدمت لهذه الهجمة البربرية ذرائع مفتعلة، وحجج لا علاقة لها بالواقع، وادعاءات مفبركة. ادعوا ان الحملة ضد "المحلات" غير المجازة. مقر اتحاد الادباء ليس "محلا" بل جمعية ثقافية، وجزء اساسي من المجتمع المدني. بل هو اهم مؤسسة ثقافية اجتماعية غير حكومية. قالوا ان الغزوة جاءت تلبية لشكاوي، ونداءات الاهالي فاستجاب الخليفة لنداء وامعتصماه! مع ان مقر الاتحاد ليس في منطقة سكنية، ولم يشتك احد من نشاطاته. الاتحاد مجاز قانونيا، واجريت انتخابات ،مؤخرا، افرزت هيئة ادارية تحظى بقبول، واحترام كل مثقفي العراق. في تلك الانتخابات لم يستطع اسلامي واحد الفوز بمقعد في الهيئة الادارية، فاستعانوا بالملا كامل الزيدي للثأر لفشلهم، وفرض سيطرتهم على الاتحاد وفق الطريقة الاسلامية. ان الاساليب، التي اتبعت، والهروات التي استخدمت، واعقاب البنادق التي هشمت رؤوس، واكتاف زوار النوادي، والعاملين بها، واطلاق الرصاص فوق رؤوسهم، والصفعات، والركلات، والاهانات، "المؤدبة والقانونية جدا" ليس لها علاقة بالقانون، كما يحاول محامي الشيطان عبدالكريم البصري مسؤول الرياضة، والشباب في مجلس ولاية بغداد تصويرها. تكسير القناني، وتهشيم الزجاج، وخلع الابواب، وكسر الشبابيك، والعبث بالاثاث، وتحطيم الموجودات، ليس عمل قانونيا. لماذا جرى على شكل غارات على الطريقة الصدامية؟ لم يهاجم مقر الاتحاد خلال حكم صدام ولا مرة واحدة. اصحاب المحلات، والنوادي، والجمعيات "الغير شرعية" يمكن استدعائهم، تحذيرهم، تبليغهم بغلق ابوابهم، او تجديد اجازاتهم. بذا تكون اجراءات قانونية، اما الهجوم على طريقة "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" السعودية. اللجوء لاساليب الزرگات البوليسية، ليس له علاقة بالقانون يابلطجية دولة القانون. ثم اذا كان القرار صادر من مجلس محافظة بغداد لماذا يا ترى استخدم لواء المنطقة الخضراء التابع للمالكي مباشرة؟ ولماذا بلغ جميع من شملتهم المداهمات بانها امر من رئيس الوزراء؟! في كل مكان دخلوه سواء كان نادي، او مقر اتحاد، اونقابة، او محل بيع مشروبات، او حفلة غنائية، اعلنوا انهم ينفذون اوامر رئيس الوزراء. اين الفصل بين السلطات اذن؟ واين حدود السلطات المحلية؟  هل حصل انقلاب ونحن لا نعلم؟ من هو رئيس الوزراء ياترى المالكي ام الزيدي؟ عندما حذرنا، مع الكثيرين ان ما جرى في البصرة، وبابل، والكاظمية، وبغداد سابقا، هي محاولات جس نبض، هي مخطط مرسوم لقضم الحريات المدنية، والحقوق الانسانية شيئا فشيئا. اتهمنا بالمبالغة وتضخيم الامور. لكن غارات البدو المسلحة لا تضع مجالا للشك.

ان تصوير مقر الاتحاد، وكأنه بار لبيع المشروبات هي اهانة للثقافة، والمثقفين في العراق، وتجني على الواقع، وتحريف الحقائق، وتسفيه العمل الابداعي، واساءة واضحة لغير الاسلاميين، والاقليات الدينية في العراق. مع ان بيع المشروبات ليس عيبا الا في عرف الجهلة. وصل الامر بالمتهور والي بغداد الملا عثمان الزيدي، ان يصف مئات المتظاهرين من صفوة مثقفي العراق ب "ثلة من المخمورين"! مسبة من شخص قضى حياته قبل "توبته" خادما صداميا، وزائرا دائما لمجالس الكاولية. ان المغالطات، التي طرحت، والادعاءات، التي عرضت، والتبريرات التي سيقت، والمظاهرات الغوغائية، التي دبرت لدعم الغزوة، والفتاوي المستعجلة التي ارتجلت، تؤكد ان الامر مبيت، وانها خطة منظمة، ومدروسة لاسلمة المجتمع العراقي بالقوة، وفرض دولة دينية تتعارض مع بنود الدستور. بحجة الاغلبية المسلمة، والتقاليد، والاعراف الدينية، وكأن اغلبية العراقيين، والحاكمين منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة، لم يكونوا مسلمين.

الاسلاميون عاشوا، ويعيشون في دول اوربا، وامريكا، وغيرها حيث الحريات الشخصية مصانة، والحياة المدنية محترمة. لم يجبرهم احد على ارتياد البارات والنوادي، ولم يفرض احد عليهم شرب الخمر بالقوة، ولم يمنعوا من الصلاة، او الصيام، ولم تغلق جوامعهم، ولا حسينياتهم، التي تتكاثر كالفطر لتتحول مقارا للتزوير، والطلاق الشكلي، وتهريب البشر، وتزويج القاصرات، والتجارة بالمسروقات. تركيا دولة اسلامية، واندونيسيا اكبر دولة اسلامية، وحتى الباكستان لم تحدث فيها مثل هذه الغارات الهمجية على حياة، ومنظمات المجتمع المدني، والتجاوز على حقوق، وحياة، وحرية، الفرد، والاقليات غير المسلمة. هل في دستور دولة القانون تطبيق قوانين صدام، وحملته الايمانية، التي وصفوها انها "عبثية" عندما كانوا باعة متهجولين على ارصفة سوريا؟ لماذا هاذ العبثية اذن؟ هل من الاسلام، والدستور منع المسيحيين، والصابئة، وغيرهم ممارسة حياتهم الاجتماعية بشكل طبيعي، كما كفلها لهم الدستور؟ الخطوات القادمة هي الغاء الاعراس، واحتفالات التخرج، وتحريم التبرج، ومنع الاحتفالات، وعقوبات الرجم، وقطع الايدي في الساحات العامة. لماذا لا تاخذهم الغيرة على الشباب الذين تسحقهم المخدرات الاسلامية من ايران؟ لماذا لايحاربون تجار الاغذية الفاسدة، والحبوب المسممة؟ لماذ لا يضمنوا انتظام الحصة التموينية، ومفرداتها؟ لماذا لا يوقفوا خطف الاطفال، وتهريب الفتيات الى الدول المجاورة؟ لماذا لا توقف التجارة بالاعضاء البشرية؟ لماذا لا تبنى دورا للايتام، او تقديم مساعدات للارامل؟ لماذا لا يحارب الفساد، والمفسدين؟ لماذا لا يوضع حد للتزوير، والمحسوبية، والرشاوي؟ لماذا لا تحارب البطالة بدل غلق محلات الناس، وقطع ارزاقهم، وضمهم الى جيش العاطلين؟ لماذا لا يمنعون الجنود، والمستشارين، والشركات الامنية من حفلاتهم الماجنة؟ لو "ابوي ما يگدر الا على امي"؟ الشريف الرضي جامع كتاب نهج البلاغة قال كلاما في الخمر. ابو نؤاس الشيعي قال كلاما في الخمر حتى الحبوبي تغنى بالخمر! الشبيبي، وجمال الدين لهم قصائد خمرية. لماذا لا تهاجم بيوتهم، وتمزق صورهم، وتحرق كتب اشعارهم؟ لماذا لا يتم وقف هروب الارهابيين من السجون؟ لماذا لا توقفوا الاختراقات في الاجهزة الامنية؟ لماذا لا تقضوا على تهريب الاثار، والاموال، والوثائق التاريخية العراقية؟ لماذا لا تبنوا مدارس للاطفال السائبين في شوارع بغداد؟ والاهم من كذلك لماذا لا تحموا سكان بغداد من الارهاب اليومي الذي يقطف حياة المئات يوميا؟ ام ياترى انتم من يقف وراء هذه الجرائم المروعة؟!

هؤلاء السلفيون الذين يحكمون بغداد الحضارة، والمدنية، بغداد التاريخ، والثقافة، بغداد الشعر، والعلم، بغداد المسرح والسينما، والموسيقى، بغداد الچالغي والمقامات، بغداد النوادي والمنتديات، وصالونات الادب والثقافة، بغداد الرسم والنحت والجداريات، بغداد المتاحف والمكتبات، بغداد المقاهي، والسهرات، والندوات، بغداد الاسواق، والمهرجانات، بغداد العلم والابداعات، بغداد الوثبة والانتفاضات، هؤلاء لا يعون، بل سيتعلمون، ان بغداد لن تتحول الى قندهار.

 

9/9/2012
 


 

 

 

free web counter