| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

نعيم آل مسافر

 

 

                                                                                الأربعاء 9/3/ 2011

 

حسون
وبراغماتية عصفور الماء

نعيم آل مسافر
 

عندما أضرم النمرود النار، لإحراق النبي إبراهيم عليه السلام.. كان أغلبية القوم يساعدونه في ذلك.. فبعضهم يجمع الحطب وكل ماهو قابل للإشتعال.. والبعض الآخر كان منشغلاً بتحضير المنجنيق، لقذفه بالنار.. حيث كانوا لا يقتربون منها لشدة إشتعالها.

ومن يدري ؟ ربما كان أكثرهم غير موافقين على قتل إبراهيم.. أو على طريقة القتل البشعة هذه، على الأقل.. لكن الجميع سكتوا.. لأنهم كانوا مصابين بوباء (قلوبنا معك ونارنا عليك).. هذا الوباء الذي يتفشى في أوساط الشعوب المقهورة من قبل الحكام الظلمة كالنمرود وغيره. لذلك لم يسجل لنا التأريخ أن أحدا من قوم النمرود اعترض على إحراق إبراهيم.. وساد العقل الجمعي الذي كان يسير الجميع، لارتكاب ذلك الفعل الشنيع.

ويروى أن عصفوراً صغيراً.. كان منهمكاً بحمل قطرات الماء بمنقاره من النهر.. لكي يأتي بها ويلقيها على النار لغرض إطفائها.. ولم يثنه بعد المسافة بين المحرقة والنهر.. عن تكرار محاولاته.

ولكي لا ينعته معشر العصافير بالجنون.. ربما منعته زوجته العصفورة الصغيرة، من هذا العمل غير المجدي.. حفاظا على نفسه وبيت الزوجية.. وقالت له : إن تربيتك لعصافيرك الصغار.. ومحافظتك على العش من النار.. خير لك من القيام بهذه المحاولات البائسة.. فلا تتدخل في شؤون السلاطين.

وربما منعه أصدقائه العصافير، عندما حاول شحذ هممهم لإطفاء النار.. وقالوا له : إن كلام زوجتك صحيح.. لمَ تتدخل بما لا يعنيك ؟ وأظنهم سخروا منه أشد سخرية.. عندما أصر على موقفه بمحاولة إطفاء نار النمرود، بحمل قطرات الماء بمنقاره.. ولما يئسوا منه اكتفوا بتحذيره من الوقوع في النار. وظنوه ابراغماتي.

كان الناس يتحلقون حول النار الكبيرة المضطرمة.. من حمالين للحطب، ومشرفين عليهم، ومشجعين أو متفرجين.. مع قلة من المشفقين.. ينظرون إلى العصفور وهو يحاول.. وكانوا يضحكون منه.. وربما رماه بعضهم بحجر أو سهم.. لثنيه عن المحاولة.

وأستمر العصفور بنقل قطرات الماء.. مصرا على محاولة إطفاء النار بهذه الطريقة.. بينما استمر القوم بإضرام النار وتحضير المنجنيق لإلقاء إبراهيم عليه السلام فيها.
وبرغم عدم تكافؤ القوى بين العصفور والنمرود وقومه.. تدخلت يد الغيب لتكون النار برداً وسلاماً على إبراهيم.. وبذلك نجحت محاولات العصفور، التي بدت للوهلة الإولى أنها يائسة.

وعليه فإني سأصر على المطالبة بدم ( حسون ) * .. وكل دم عراقي بريء، أُريق ولم يطالب به أحد.. لأحاول من خلال ذلك إعزاز الدم العراقي، الذي صار رخيصاً جداً.. بل أرخص من كل شيء.. لأنه يراق وبشكل يومي.. مثلما حاول ذلك العصفور.. لعل يد الغيب تتدخل وتوقف النزيف.

وهنا أسأل معاشر الناس والعصافير:
لو أن زوجة العصفور وأصدقائه.. حاولوا إلقاء قطرة ماء على النار المشتعلة.. بدلاً من ثنيه عن المحاولة ؟ لشكلوا غيمة كبيرة تمطر على النار وتطفئها.

ولو أن الناس لم يحضروا للتفرج أو جلب الحطب.. لما اشتعلت النار.. ولما كان هنالك نمرود.. ولو حاول احدهم إلقاء قبضة من التراب على النار، بدلاً من رمي العصفور بالحجارة لتدخلت يد الغيب وأطفأت النار.

فلنحاول جميعاً ولو بمقدار قطرة الماء، التي حملها العصفور بمنقاره.. إيقاف نزيف الدم العراقي.. وجعله قيمة عليا وخط أحمر لا يمكن تجاوزه لأي سببٍ من الأسباب.. فلن يتحقق شيء مما نصبوا إليه من حياة حرة كريمة، ما لم يصبح الدم العراقي عزيزاً مهاباً مصانا..

وللحديث بقية.
 

*  لمزيد من المعلومات راجع مقال:
١- مات حسون وتحقق ما تريدون.
٢- بمناسبة عيد الام أم حسون تخاطب العالم
 

free web counter