| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نعيم آل مسافر

 

 

 

                                                                                الأربعاء 6/4/ 2011

 

حسون والاول من نيسان

نعيم آل مسافر  

أصبت قبل فترة بوعكة صحية دخلت على اثرها المستشفى .. وطلب مني الطبيب ان ارتاح نفسيا ً .. وقال ان راحتك النفسية ستعجل في شفائك .. وبما أني لا احب المكوث في المستشفى .. حيث تعودت على كثرة الحركة والعمل ولقاء الأصدقاء ..
فقد طبقت تعليمات الطبيب حرفيا ً.. بل بالغت في ذلك .. وبالطبع لم يكن في المستشفى تلفزيون وستلايت .. لأسمع الاخبار المزعجة التي تعكر المزاج.. وهذا يستدعي ان لا توجد خدمة إنترنيت في المستشفى .. هل نحن في دولة نفطية لتتوفر كل تلك الوسائل في مستشفياتنا الحكومية؟

كما طلبت من اهلي عندما يزورونني ان لا يخبروني بأي خبر. سواء كان مفرحا ً او محزنا ً .. وان يوصوا الكادر الطبي بذلك.. وأن يوصوا كل من يأتي لزيارتي ، من الاقارب والاصدقاء .. وانا بدوري اغلقت الهاتف الخلوي كي أتجنب الاتصلات التي قد تأتيني بالأخبار .. وبذلك انقطعت عن العالم..

وبعد ايام قلائل زارني احد الأصدقاء .. وصديقي الطيب هذا اعرفه جيدا ً .. لا يستطيع ان يخبئ خبرا ً يسمعه ابدا .. وان خبأه فيمكنك قراءته في عينيه الوديعتين .. وان لم يخبرك باخباره فإنه يموت هما ً وكمداً .. كما ان أخباره صادقه لانه مولع بجمع الاخبار.. وإخبار كل من يعرفه بها.. وهذه هوايته المفضلة .. فقد كان يتصل بي في اوقات متأخره من الليل ليخبرني بأخبار ، احيانا ً تكون تافهه.. وعندما ألومه على ذلك .. وأقول له اما كان يمكنك ان تصبر حتى الصباح ؟ فيقول بخجل :
- لو صبرت حتى الصباح فقد أموت .. وانت لا ترضى لي بالموت..
فأغفر له إزعاجه وأعود إلى النوم..

عندما زارني في ذلك اليوم في المستشفى .. تشاءمت كثيراً من زيارته .. لانه لابد ان تكون عنده حزمة من الاخبار ، يريد إلقائها عليّ دفعة واحدة.. فقلت في نفسي إنا لله وإنا إليه راجعون.. وبمجرد جلوسه بجانبي نظرت في عينيه فرأيت الشريط الإخباري .. وكان ال ( عاجل عاجل ) بالاحمر ، يكاد ان يخرج من عينيه .. وأحسست ان بوده البوح بها.. وحبا ً به وخوفا ً عليه، ان لا يموت هما ً وكمدا ً .. رحمت بحاله .. وقلت له هات ما عندك من اخبار.. فقال لا انت مريض، وقد ابلغوني ان لا اسمعك اي خبر.. فقلت له تكلم يمكنني تحملك لعدة دقائق.. فاطلق العنان للسانه الجامح كفرس بري .. وتكلم وكأنه احد مذيعي او مذيعات قناة الجزيرة.. وهو عادة يبدأ أخباره بعبارة :
- ما تدري؟؟؟
ان ام حسون فكت حزنها .. وخرجت من بيتها تطوف في القرية تزغرد .. لان الحكومة القت القبض على قتلة ولدها حسون.. وانهم دعوها لينفذوا حكم الاعدام بالجناة امام عينيها.. فقلت له :
- ها ؟ ما معقولة !!!
وانه قد تم القضاء على الارهاب تماماً بالبلد.. وذلك بإلقاء القبض على جميع الإرهابيين .. من خلال تعيين وزراء أمنيين اكفاء.
وان الفساد المالي والاداري قد تم القضاء عليه نهائيا ً .. وقضي على الروتين في الدوائر .. حيث اصبحت حكومتنا غير بيروقراطية .. ولو راجعت اي دائرة تنجز معاملتك بيوم واحد بعيدا عن الروتين .. ودون ان يأخذوا منك فلسا ً واحدا ً ..
وان الكهرباء أصبحت لا تنطفئ دقيقة واحدة.. وذلك لان الحكومة استأجرت مولدات ضخمة على شكل بواخر تغذي البلاد من الشمال إلى الجنوب .. الى ان يتم انشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية في كل محافظة..
وان الكتل السياسية تنازلت عن المحصاصة وحلت الحكومة .. وشكلت حكومة جديدة من التكنوقراط.. واصبح ليس مهماً ان يكون الوزير من هذه الكتلة او تلك.. او من هذه الطائفة او تلك.. او من هذه القومية او تلك..
وانه تم امتصاص البطالة بتوفير فرص العمل للعاطلين .. وتم تعيين جميع الخريجين ..
وان البطاقة التموينية اصبحت تأتي كاملة.. بل تم اضافة مواد جديدة لها.. ولكثرتها لا استطيع عدها ..
وبعد ان جعلني أقول :
- ها ؟؟؟ ما معقولة !!!
عدة مرات لا اتذكر عددها .. قلت له : أخبارك سعيدة جداً .. وأسعدها على قلبي.. خبر الثأر لحسون .. وفرح أم حسون بذلك.. لأني دخلت المستشفى بسبب حزني عليها..
فانفجر ضاحكا ً وقال :
- انها كذبة نيسان ...


وللحديث بقية..

 

 

free web counter