| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نعيم آل مسافر

 

 

 

                                                                                السبت 11/6/ 2011

 

عروس العراق

نعيم آل مسافر    

حدث إعتداء على احدى النساء في مدينة الرمادي ، ايام خلافة الامام علي (ع) . وذلك من قبل المعارضة السياسية المسلحة آنذاك.

ولما تناهى خبر الإعتداء إلى سمع الخليفة ، قال : لو ان المرء مات كمدا ً بعد ذلك فلا لوم عليه.

والجميع ليسوا بعيدين عن هذا الشعور العالي بالمسؤولية والرقي الانساني الذي تطمح اليه البشرية جمعاء .. لان من لا ينتمي اليه بالدين او العروبة فإنه ينتمي اليه بالإنسانية. وهكذا سمو أخلاقي ارث انساني اصيل ، ولا يختص بفئة او دين او طائفة معينة دون أخرى.

فماذا فعل المعنيون وكيف تصرفوا عندما سمعوا بانتهاك حرمة عروس التاجي ، التي لا أريد ذكر تفاصيلها البشعة ، حيث يصعب إيجاد كلمات تعبر عن تلك التفاصيل.. كما أنها عرضت على التلفاز ، بشكل مقرف يندى له جبين الحيوانية ناهيك عن الانسانية .. وشاهده الناس على عدة قنوات فضائية ، واعترف به مرتكبوه بالسنتهم الحداد غير المتلعثمة .. وأعترفت به قسمات وجوههم غير النادمة والتي جفت تماما ً من اي ذرة من ماء الحياء .. ورأى الجميع في عيون المجرمين الصلفة تفاصيل تلك الحادثة .. وكانت التفاصيل التي تظهر على شاشات عيونهم ، اكثر وضوحا من كلماتهم المتقطعة التي تظهر على شاشة التلفاز .. والتي يبدو انهم تدربوا عليها في السابق كثيرا ً كي يوصلوا رسائل معينة لأسيادهم خارج السجن ، ليهبوا للدفاع عنهم ومحاولة أخراجهم بإحدى الصفقات السياسية الكثيرة ، حتى يعودوا لمثلها بجرأة وصلافة اكبر . فقد سئم هؤلاء من السجن المزوّد بمكيفات الهواء التي لا تنقطع عنها الكهرباء ليل نهار .. مما يحدوا بهم الاتصال ليلا ً بالسجانين ليطفئوا مكيفات الهواء ، التي تكاد تجمدهم من البرد في هذا الصيف القائظ.

لحد الآن لم اسمع بان احد المسؤولين مات كمدا ً ، عندما سمع اعترافات المجرمين بتلك الحادثة البشعة.. او حاول التعبير عن مشاعره بصدق .. ولم اسمع ان بيرية ً أو عقالا ً أو أي غطاء رأس آخر محترم نكس حدادا ً على معاناة الضحايا التي تنوء بحملها الجبال ، أو أقسم بعد التنكيس أن لا يعود الى الرأس مرة أخرى حتى يوضع حد لتلك الجرائم .. لا أدري ألا يوجد غطاء رأس محترم على رأس فيه شيء من الغيرة ، لا سامح الله؟؟؟

وبما ان أحدا ً من المعنيين لم يمت كمداً .. فمما لا شك فيه انهم جميعا ً سيعيشون كمدا ً بعد حين .. لأن سلطة القوة او قوة السلطة زائلة لا محال .. فلو دامت لصدام لما وصلت اليهم ..

ولا ادري اين النساء اللاتي يشكلن ثلثي المجتمع العراقي من ذلك؟ وهن اكثر المعنيات به. اين تجمعاتهن ومنظماتهن الكثيرة التي نسمع عنها؟ يحيرني صمتهن المطبق امام جريمة عروس التاجي !!! التي كان يمكن ان تحصل لأي عروس عراقية. لماذا لا يطالبن بحقوقهن في إيقاف هذه الجرائم؟ علماً ان هذه الجريمة ليست الاولى كما أنها ليست الاخيرة. ولكنها حظيت بالقبض على مرتكبيها وحظيت بالتغطية الإعلامية. ربما لعمق المظلومية او لأسباب اخرى يعلمها الغيب.

لا ادري هل ان ثلثي المجتمع يتوقعن من الثلث الثالث غير الحاصل على حقوقه اصلا ً ان يعطيهن حقوقهن. الا يعلمن ان فاقد الشيء لا يعطيه؟؟؟

كما ان الأجدى بالقنوات الفضائية التي عرضت اعترافات المجرمين مشكورة ، ان تعرض مشاعر و مطاليب ذوي الضحايا لتعميم الفائدة والمعاملة بالمثل .. وهذا من دواعي الاعلام الحيادي الحر. او عرض انطباعات ذوي المجرمين .. فيجب عليهم محاولة توضيح موقفهم من تلك الجريمة .. كي تشيع في المجتمع ثقافة التسامح واللاعنف ، ولكي تشيع ثقافة ألا لا تز وازرة وز اخرى فلا يؤخذ بريء بجريرة مذنب .. وان لم يعلنوا براءتهم فهم شركاء في ذلك .. وهذا ليس تجنيا ً عليهم وانما هذا ما يقره العقل والمنطق .. يجب على كل بيت أو طائفة او فكر او حزب انتج مجرما ان يراجع نفسه ويتبرأ من أفعاله ، والا فانه شريك في عمله الذي يقترفه .. وبدون ذلك لن يصل الجميع الى بر الأمان.. فقوانين الفيزياء تقتضي ان لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه بالاتجاه .. ولا اريد هنا ان أحرّض على العنف والكراهية والانتقام .. لان هؤلاء ألقتله لا ينتمون لأي دين او طائفة او عرق من مكونات الشعب العراقي .. وهذه ليس مثالية او تنزيه في غير محله للشعب العراقي .. انما قراءة حيادية للواقع .. حيث لم نسمع يوما ان ايا ً من تلك المكونات ادعى علنا ً انتمائهم اليه ، سوى بعض السياسيين والوعاظ الذين يدافعون عنهم ويطالبون بهم بحجج وذرائع واهية لتحقيق مصالحهم الخاصة ..

فهؤلاء القتلة لا ينتمون إلا لأنفسهم ورغباتم المريضة التي انساقوا وراءها ، والفكر الاجرامي الذي اعتنقوه.. ولا اريد ان اقول ان العرض التلفزيوني كان ليس لسواد عيون الضحايا وانما لسواد عيون أغراض واجندات مدفوعة الثمن. فهذا رجم بالغيب قد تسفر عن كنهه الاحداث في قادم الأيام.

لا نتوقع من المسؤلين الموت كمداً ولا نطالبهم بما هو اقل من ذلك بكثير. ولا نطالبهم بإنزال القصاص العادل بالجناة - وان كان فيه حياة لأولي الألباب - لأن القصاص لا يكون ناجعا ً ان لم ينفذ ببقية المجرمين .. وإن لم يقم المعنيون بإتخاذ تدابير ووسائل تقف حائلا ً دون تكرار ذلك .. وربما نتوقع منهم المساومة على اطلاق سراح المجرمين مقابل مكاسب سياسية..

كما لا نطالبهم بتزويد الضحايا بالكهرباء كما يزودوا بها المجرمين.

لكننا نريد ان يعلموا ان الجناة سيلقون قصاصهم العادل على ايديهم او على ايدي غيرهم ، وسيمر عليهم ما مر على ضحاياهم . كما ان من سمع بذلك ورضي به ستترتب عليه الكثير من الامور جراء رضاه .. خصوصا من هو في موقع المسؤولية ، ويتمكن من القيام بالكثير من الامور التي ترفع جزء ً كبيرا ً من المظلومية.

والبقية تأتي

 

free web counter