| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. نبيل الحيدري

 

 

 

                                                                                الجمعة 13/7/ 2012



أحزاب الإسلام السياسى تقود الردة الحضارية للأمة

نبيل الحيدرى

لازال صعود الحركات الدينية للأحزاب السياسية للحكم فى مصر وتونس يثير جدالا واسعا فى قدرتهم على التنمية والإزدهار والحقوق والحريات والحداثة بعد تجربات سيئة مثل إستبداد ولاية الفقيه الإيرانية والأحزاب الطائفية فى العراق وغيرها .

فى حلقة السبت 2/ 5 /2012 وفي برنامج توفيق عكاشة على قناة الفراعين المصرية كانت صريحة فى فضائح الاخوان المسلمين وحركة النهضة بالادلة والفيديو، وذلك عندما عرض فيديو فظيع عن قطع راس مواطن تونسي وذلك بواسطة متشددى الإسلام السياسى التونسى، وهم يكبرون ويصلون على محمد ويتلون القران... ويرددون (السلام على رسول الله رافع راية الإسلام والمسلمين، وذالّ الشرك والمشركين. اللهم نستغيثك من ذنوبهم ونتوب إليك من شركهم، بنحر هذا المشرك المرتد اللهم عليك بالمرتدين وانصر جندك وانصر دينك وارفع راية لا إله إلا الله، اللهم عليك به وبالمرتدين والمشركين وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، اللهم عليك بالمرتدة وعليك بالمرتزقة ولله الحمد والمنة، وارفع رايتك بنحر هذا الكافر المرتد..) ثم نحروه وقطعوا رأسه وفصلوه عن جسده بمنظر بشع وحشى مقزز ومفزع جدا بلا إنسانية ولا رحمة... فيما سمّوه تطبيق الشريعة الإسلامية، والإسلام منه براء حيث قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أدعوا إلى السلم كافة) وقال الله تعالى لرسوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقد عفى النبى عن مشركى قريش الذين حاصروه وطردوه وحاربوه وكسروا رباعيته ورموا الدماء على وجهه وسلطوا الخيل عليه وكان يرجع مضرجا بدمه قائلا (اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون)، لم يحقد ولم ينتقم بل عفى وسامح فعندما فتح مكة قائلا (إذهبوا فأنتم الطلقاء) وجعل الراية رحمة لا نقمة، بشعار واضح (اليوم يوم المرحمة اليوم ترعى الحرمة)، رافضا من كان يحمل شعار الإنتقام (اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة)، وأخذ الراية منه مستبدلا الملحمة بالمرحمة، والنقمة بالنعمة، والإنتقام بالعفو والرحمة، ولم يعاقب أحدا منهم قائلا (بعثت رحمة للناس جميعا) مستلهما من قوله تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (وأن تعفو أقرب للتقوى) (ويدرؤون بالسيئة الحسنة) (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة إدفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم)، وقد عفى النبى عن هند والوحشى الذى قتل عمه حمزة، وهبار الذى روع زينب بنت النبى فأسقطت جنينها،

وطالبوه بالدعاء عليهم فقال (لم أُبْعَث لعّانا بل رحمة للعالمين، وإنما أقول كقول يوسف الصديق (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) وهكذ الفرق الشاسع بين ثقافتين ومنهجين

ملكنا فكان العفو منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذى فيه ينضح

كذلك عرض عكاشة مستندا خطيرا مختوما وممضيا من مرشد الاخوان وهو يوزع الدولارات علي احدى الوحدات كرشوة انتخابية، وكيف نفذ الاخوان المسلمون مع اعضاء حماس الهجوم علي سجن ابو زعبل واخراج المساجين المحكومين. وكذلك عرض عكاشة بالفيديو المحامي الذي تم تعذيبه من قبل جماعة الاخوان في ميدان التحرير وبشكل مروع فظيع، فأين هذا من الإسلام وروحه والقرآن الكريم ومبادئه، وأخلاق الرسول والقيم الإنسانية .

هذا هو حكم الأحزاب الدينية المعاصرة التى ركبت موجة الثورات الشبابية لاحقا لتصل إلى السلطة وتحكم وفق مفهومها للحاكمية والخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة فى القصاص والحدود والديات وقطع الأيادى والرؤوس وقمع الحريات والفكر والإبداع .

إلتقيتُ براشد الغنوشى مرارا فى حوارات بلندن فرأيته يخطب أمام الناس بخطاب عام جميل فى التسامح والرحمة ولكنه يقول عكس ذلك فى المجالس الخاصة ويؤمن بثقافة العنف والتطرف وتطبيق الشريعة بالقوة والحدود وكيفية التعامل مع الآخر... لذلك كان من المتوقع لتونس الجميلة أن تقمع بها الحريات ويسود التطرف وترهيب نساء الجامعات وتقطع رؤؤس من يخالفهم كما فى الفلم الذى عرضه عكاشة فى تونس وغيره كثير .

إن حكم الإسلاميين اليوم فى أحزابهم السياسية وفكرهم الظلامى فى توهمهم الإسلام السياسى وتطبيقاتهم الرديئة مما يرجعنا إلى الردة الحضارية للأمة وتخلفها فى العادات والطقوس والخرافة والدجل إلى القرون الوسطى وحكم الكنيسة فى محاكم التفتيش وصكوك الغفران وقمع الحريات وقتل المبدعين والمفكرين كغاليلو وتكفيرهم باسم الإله بينما الله منهم براء لأن الله للعالمين جميعا (إن الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (ما جعل عليكم فى الدين من حرج) وقول النبى (جئتكم بالرسالة السهلة السمحاء) وقد ورد العقل والفكر فى عشرات الآيات حتى التفكير فى النص الإلهى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) والتدبر فى النفس والكون والآيات  .

الإسلام يدعو للعلم وأول آية (إقرأ) لكنهم يدعون للجهل، الإسلام يدعو للرحمة وهم يدعون للعنف، الأمم المتقدمة تقدمت فى الحريات وحقوق الإنسان والإعلان العالمى لحقوق الإنسان بينما لازالوا يعيشون ثقافة الإماء والعبيد واستغلال الإنسان واستعباده، بينما الأمم تتطور ونتراجع حالمين باللجوء للغرب حتى من الإسلاميين وقياداته الذين لجؤوا إلى لندن وفرنسا وواشنطن حتى قالوا (فى الغرب إسلام بلا مسلمين وعندنا مسلمون بلا إسلام) ولازلنا نفتخر بالجهل والخرافة وتصنيفات عنصرية حتى بين الرجل والمرأة، وتقديس رجل دين -الذى فشل فى المدارس الإبتدائية- والرجوع إليه كمرجع فى كل شاردة وواردة حتى فى غرفة المنام والحمام ليفتى برضاع الكبير وتفخيذ الطفلة الرضيعة ونكاح الميتة وداعا بعد وفاتها ساعات، وما المرأة إلا متاع الفراش ويحق للرجل جمع الأربع ماعدا المتعة والمسيار والإماء رغم أن النساء شر كلهن ونواقص الخلق والدين والإيمان والحظوظ وحسنها إذا أحسنت التبعل وخدمة زوجها ولايجوز خروجها ولو مات جميع أهلها وسافر زوجها لأن الملائكة تلعنها... بينما كانت زوجات النبى يشاركنه الحرب والسلم والتجارة والسياسة كذلك كانت خديجة تاجرة مرموقة.. وفتواهم بأقوام تسع لاتعاملهم ولا تزاوجهم ولا تختلط بهم..فى عنصرية واضحة لأن أكرمكم أتقاكم ولافرق بين أسود وأبيض وعربى وأعجمى.. ونمتلك المليارات ويوازيها الفقر يجاوز 40 بالمائة وتصرف الملايين لفئة فى البطن والجنس حتى صرنا عالة على الأمم من أصغر الأمور وبدؤوا يشرعون قوانين ضد حرياتهم لتجاوز المتطرفين الإسلاميين والعمليات الإنتحارية... بينما تصرف الأمم المتحضرة على التعليم والدراسات والأبحاث أعلى الميزانيات ولكن ميزانيتنا العلمية هى النسبة الأقل لأنا نتوهم عندنا كل شئ ولا نحتاج إلى غيره فلن نسع إلى التقدم والتعلم، ومن النادر أن يقرأ الكتاب حيث كتاب الطبخ هو الأكثر بيعا فى معرض الكتاب، وهكذا يكون الصغير عندنا كبيرا والكبير صغيرا ولا نعرف المهم والأهم والأولى

وتعظم فى عين الصغير صغارها وتصغر فى عين العظيم العظائم

هكذا صار العراق متخلفا منكوبا من الأحزاب الدينية الطائفية المتخلفة جدا فى مقارنة مع الخمسينات والستينات والسبعينات... كما وصلت ما يسمى بالدول الإسلامية فى طالبان وإيران وباكستان والسودان

فإذا كانت الصغار مثل إطلاق اللحية وحف الشوارب محور الإيمان والكفر بينما كان الرسول يطلق شعر رأسه ولا يلتزم به الفقهاء المعاصرون بحجة أن العرف للنساء فى إطالة شعور رؤوسهن، فأين العرف فى غيره وأين التطور والحداثة والتكنلوجيا وتغير الزمان والمكان فى الأهم والمهم والأولويات لتقدم الأمة ونهضتها... ولذلك علينا توقع الردة الحضارية والثقافية للأمة فى التخلف والجهل من موجات حكم أحزاب الإسلام السياسى فى المنطقة... وعلينا أن نردد ما قاله المتنبى مستهجنا ومستنكرا

غاية الدين ان تحفوا شواربكم يا امة ضحكت من جهلها الأمم ؟


 

free web counter