| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. نبيل الحيدري

 

 

 

الجمعة 11/2/ 2011



ثورة الشباب الشرفاء تصنع خارطة جديدة ومستقبلا واعدا

نبيل الحيدرى

كانت السياسة الأمريكية قد وضعت خريطة جديدة للشرق الأوسط ومعالمها، وتحدث عنها سرا وعلنا شخصيات أمريكية كثيرة خصوصا الصقور وأصحاب القرار، والملاحظ فيها تقسيم جديد مبنى على القومية والطائفية كتقسيم العراق إلى ثلاث أكراد وسنة وشيعة وهو ما طرحه جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكى الحالى فى أيار 2007 كما طرحه رفيقه لزلى جليب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية. وقد هيأت من قبل أحداث سبتمبر فرصة عظيمة للإدارة الأمريكية فى التدخل مباشرة سواء بإذن من الأمم المتحدة لتغيير نظام طالبان الرجعى والمتخلف فى أفغانستان، أو بدون موافقة الأمم المتحدة لإسقاط نظام صدام الإستبدادى (حتى على حزبه وتصفية الكثير من رجالاته)، بحجج واهية غير صادقة كامتلاكه أسلحة الدمار الشامل وعلاقته بابن لادن وأحداث سبتمبر، علما أن النظام فى أواخر أيامه كان ضعيفا جدا حيث اقترح بعض العسكريين العراقيين تغييره وقلبه بسهولة من الداخل لكن الإدارة الأمريكية قد رفضت ذلك المقترح كليا ورأت المجئ بجحافلها وقواتها لأنها تملك مشروعا كبيرا آخر للشرق الأوسط الكبير حتى نشرت الوثائق الأمريكية بعد أحداث سبتمبر طلب جورج بوش الإبن بغزو العراق فقيل له (لا علاقة لصدام بأحداث سبتمبر) كما تبين كذب ما ادعاه تونى بلير عن أسلحة العراق وسرقته نصا بحثيا من أحد الطلبة الأكاديميين. لكن هذا المشروع الأمريكى قد فشل لأنه بنى على معلومات خاطئة واعتمد على عملاء معروفين غير وطنيين ولم يحقق نصرا لا فى أفغانستان حتى أنهم لم يقبضوا على ابن لادن ولازالت الفوضى والخراب والفساد بل تجرى المفاوضات حتى مع طالبان نفسها، وأما فى العراق الجريح فقد أسقطت الدولة والجيش وكل المؤسسات وتدمير البنية التحتية وتحول العراق إلى أكبر بلد فسادا فى العالم وتحولت بغداد إلى أسوأ المدن معيشة عالميا وانتشرت المليشيات وفرق القتل الممنهج والسجون السرية والفتن الطائفية والتى لم يعرفها العراق فى تاريخه بين طوائفه المتحابة والمتزاوجة، إضافة إلى ملايين الشهداء والأرامل واليتامى والمفقودين والمسجونين والمهجرين إلى خارج الوطن وانعدام أبسط الخدمات كالماء والكهرباء وانتشار المخدرات المصدرة من إيران، وأكثر من 40 بالمائة دون خط الفقر لا قيمة له بينما المئات من الإسلاميين أصحاب الشهادات المزورة والذين كانوا يعتمدون على المساعدات الإجتماعية صاروا أصحاب المليارات والعقارات والصفقات فى كثير من دول العالم من سرقة المال العام فى فترة قصيرة لا مثيل لها عالميا، ومن هنا فشلت الديمقراطية الأمريكية فى العراق وأفغانستان لأنها تفكر بمصالحها دون مصالح الشعوب فبينما تدعو إلى الديمقراطية لكنها تدعم عملاءها المأجورين الفاسدين والمستبدين الذين سرقوا البلاد والعباد دون أدنى خدمات للوطن والمواطن وحريته وكرامته وحقوقه
أما فى الجانب الآخر فإن الشباب الشرفاء بداية من تونس قد قاموا بثورة عظيمة فقد أشعل البوعزيزى نفسه وتحرك الشباب الواعى والمهمش من خلال الوسائل الحديثة والألكترونية ليتحرك الشعب التونسى بمختلف قئاته فى مظاهرات سلمية أسقطت دكتاتورا مستبدا وحزبا كان يستولى على السلطة والمال والقرار من خلال الأجهزة الأمنية القمعية، وهرب ابن على متنقلا فى طائرته حيث يرفض استقباله حتى أسياده الفرنسيين إلى عهد قريب. وكانت الثورة التونسية منارا للشعوب العربية المقهورة والمضطهدة وبدأ الشباب المصرى يخرج بالمظاهرات السلمية الحضارية وقاد الشعب المصرى بالملايين لكن النظام كشف عن أنيابه وكشف سوأته التى كان يحكم بها فى أساليبه الأمنية بأبشع صورها فقد قتل وجرح واعتقل كثيرا من هؤلاء الشباب بل سحب شرطته وفتح سجونه وأحرق مؤسساته وأرسل بلطجيته ولصوصه وخيله وجماله ضد الشباب الشريف الأعزل حتى قتل المئات وجرح الآلاف واختفى الآلاف، وشتان بين أشرف الناس من شبابهم العزل وأساليبهم الحضارية وبين أسوأهم من اللصوص والبلطجية والعصابات الحاكمة وهى تظهر جرائم وفساد المسؤولين السابقين وضرورة عزلهم وإحالتهم إلى القضاء خصوصا وزير الداخلية السابق ونائب الحزب الحاكم وامبراطور الحديد والإنتخابات البرلمانية المزورة وكثير من المؤسسات الحاكمة يالزور والإرهاب.
هؤلاء الشباب فى الثورتين التونسية والمصرية ألهموا الشباب الشرفاء فى الدول الأخرى كالجزائر والعراق واليمن والأردن وسوريا والبحرين وغيرها للتحرك ضد الفساد والظلم وسرقة المال العام ونقصان الخدمات الضرورية، والمتوقع سقوط عروش وطغاة ومستبدين كثيرين كما هو الأمل أيضا فى العراق الجريح والمنكوب حيث يعيش الشعب تحت ظل الإحتلالين الأمريكى والإيرانى وسرقة الإسلاميين المرتبطين بإيران وغيرها للمال العام فى بلد غنى ولكن شعب فقير جدا جدا، وهاهى المظاهرات تخرج يوميا فى مختلف المحافظات، بعد مظاهرات الكهرباء التى أسقطت وزير الكهرباء، مطالبة بأبسط حقوقها وكرامتها وحريتها رغم قمع الأجهزة الأمنية والمليشيات الحاكمة لإرهابه واستعمال الرصاص الحى حتى استشهد البعض من قبل الطغاة الإسلاميين الحاكمين بالحديد والنار فى عراقنا الجريح.
أثبتت الثورات أن الأنظمة المستبدة الحاكمة من خلال الأجهزة الأمنية القمعية هى واهية وضعيفة جدا وما أسرع سقوطها وتهاويها أمام حركة الشباب الواعى والشريف وبطرقهم الحديثة الرائعة
هذا ولم تكن الأحزاب الموجودة فى الساحة ومنها الإسلامية لها أى دور بالثورة بل ربما كانت تسخر بحركة الشباب وتستهزئ بهم، وربما تحرك بعضهم فى اليوم الخامس من الثورة المصرية وتفاعل معها ربما ليحقق أغراضا شخصية ومن هنا يظهر تهافت خطابها الإسلامى فهى تنفى الحوار مع النظام ثم تظهر على شاشات التلفزيون بلقائها مع عمر سليمان نائب الرئيس فى وقت تدعى عدم اللقاء قبل تنحى الرئيس، ومن هنا يظهر ضرورة الوعى فى عدم استغلال الإسلاميين للثورة فى مصالحهم بحيث يتحول النظام الإستبدادى إلى نظام أكثر استبدادا وظلما وفسادا كما هو الحال فى طغيان الأحزاب الإسلامية الحاكمة فى العراق وكذلك حكم ولاية الفقيه وجبروتها فى إيران وهى آخر من يحق له الكلام عن الثورات وقد قمعت ثوراتها وشعوبها بوحشية وظلم وقتل رهيب
من هنا يصنع الشباب الشرفاء الواعون والمتحضرون خريطة جديدة جميلة للشرق الأوسط، وهى مختلفة كليا عن الخريطة الأمريكية، وتصنع مستقبلا زاهرا واعدا بالحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان

 



 

free web counter