| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نعيم الزهيري

 

 

 

الأربعاء 5/1/ 2011




العامل الطبقي اساس لوحدة العمال، وللتآخي القومي والطائفي في العراق

نعيم الزهيري

قطن منطقة ما بين النهرين وما حولها ومنها العراق بحدوده المرسومة بعد الحرب العالمية الأولى أقوام عديدة شكلت البنية السكانية للعراق ، وعبر الأمتداد التاريخي الطويل تكونت بين هذه الأقوام روابط أقتصادية وأجتماعية وحتى نفسية وعادات وتقاليد مشتركة وتعززت هذه الروابط وتطورت أكثر فأكثر في مجرى التطور التأريخي للمجتمع وأتخذت مواقف موحدة أحيانا ضد العدو المشترك.

ويحدثنا التأريخ غير البعيد عن الموقف الموحد للشعب العراقي المكوَّن من تلك القوميات والاديان والطوائف والمذاهب المختلفة ضد معاهدة 1930 وفي وثبة كانون 1948 وأنتفاضتي 952ــ 1956والأئتلاف في جبهة الأتحاد الوطني النضالية في آذار 1957 التي مهدت لثورة الرابع عشر من تموز 1958 بالتعاون مع الجناح العسكري الذي هو الأخر ضم العناصر الوطنية العراقية دون تميز في القومية أو الدين ولم يكن عبثا أو حدثا طارئا أن ثبت في الدستور المؤقت للجمهورية العراقية , ولأول مرة أن العرب والأكراد شركاء في الوطن ــ العراق. والمعنى الكبير للأستقبال الرائع من قبل جماهير البصرة وممثلي المحافظات الأخرى ..وممثلي الأحزاب الوطنية ، والحكومة للزعيم الكردي البارز المرحوم ملا مصطفى البارزاني ورفاقه لدى عودتهم من غربتهم التي دامت أكثر من عشر سنوات وكذلك المظاهرات الصاخبة في بغداد والمدن العراقية الأخرى ضد الحل العسكري للمسألة الكردية وشعار السلم في كردستان والشعارات الأخرى التي تؤكد وتمجد الأخوة بين العرب والكرد وسائر القوميات العراقية الأخرى . والأبرز من ذلك سني الكفاح المسلح في شمال وجنوب العراق وحيث أتحدت البنادق بفوهة واحدة ضد نظام بغداد الدكتاتوري الغاشم كما وأن أنتفاضة آذار المجيدة هي الأخرى دليل بارز على ألتحام قوة وجماهير شعبنا ووقوفه وقفة رجل واحد ضد عدو مشترك واحد .

وفي الجانب المقابل فأن الانظمة الشوفينية لم تفرق بين أبناء القوميات في الاعتقال والسجون والحجز والأقامة الجبرية مثلما لم تفرق أدوات دمارها في قتل المواطنين فالرصاص والنابالم والكيمياوي وغيرها من أسلحة الدمار والقتل الجماعي لم تفرق بين عربي وكردي وأشوري وكلداني وارمني وتركماني مسلما شيعيا او سينيا كان مسيحيا ام صابئيا أم ايزيديا ام غيرهم ، بل الكل سواسية في الأبادة ...والحصيلة فقد تبلور قطبان رئيسيان متنافران قطب الدكتاتورية المعادية لمصالح الشعب ومن التف حولها وتعاون معها من عملاء ومنتفعين وخونه ومأجورين ، ليس على أساس قومي أو طائفي ، وقطب الشعب المكافح من أجل الديمقراطية والتقدم الأجتماعي . هذا من الجانب الأشمل الأعم وهو الجانب الوطني الذي حواه أناء واحد هو العراق. أما على النطاق الأضيق لكنه الأعمق ونقصد به الجانب الطبقي فأن يد الأستغلال لم تفرق بين المُستَغَلين، وبذلك فأن وعاء الطبقة العاملة العراقية قد وحّدَ الى حد بعيد نضال العمال ضد مستغليهم دون الألتفات الى الهوية القومية أو الدينية .
ناهيك عن تضامن الطبقة العاملة مع الفلاحين في نضالاتهم المطالبية ،ومع القوى الوطنية في النضال الوطني ...

منذ أن بدأت الطبقة العاملة العراقية بالتبلور في أوائل عقد العشرينات حيث ظل الريف المصدر الرئيسي لرفدها بأبنائه الذين يهاجرون من ظلم الأقطاع وجوره ، فالفلاحين يتركون أرضهم ومزرعهم وبيوتهم ويتوجهون الى العمل في المدينة هربا من ظلم الأقطاع , فالأستغلال والأضطهاد وأعمال السخرة والأبتزاز تمارس ضد الفلاح بشكل طبقي لا بشكل عنصري أو عرقي . والحرفيون في المدينة ينحدرون الى طبقة العمال، بعد خراب ورشهم وكساد منتوجاتهم بسبب المزاحمة الأجنبية والوطنية الحرة أيضا لمنتوجاتهم. لقد بدأت أفواج الفلاحين المهاجرين من الريف قاصدين المدينة للعمل كعمال في السكك الحديدية والطرق وأستخراج النفط ومعامل الطابوق والنسيج والسجاير وغيرها . وهنا نستخلص بأن الواقع الاجتماعي للشعب العراقي أنعكس على تكوين الطبقة العاملة العراقية, وبالتالي فأن الطبقة العاملة هي الفئة الأجتماعية الوحيدة التي تجمع في صفوفها عمالا من مختلف القوميات والطوائف الدينية، فمثلا بلغ عدد العمال الكرد في مؤسسات السكك الحديد 23% من مجموع العاملين ..أن العمل المشترك والأستغلال المشترك من مصدر واحد ساعدا على ظهور وتنمية وتعزيز روح التآخي القومي في نفوس العمال العراقيين ومن جانب هام آخر أيضا هو أن الجمعيات الحرفية والأتحادات والنقابات ضمت بين صفوفها المواطنيين دون تمييز منذ بدء تشكيلها فجمعية أرباب الصنايع وجمعية تعاون الحلاقين وجمعية عمال الميكانيك وجمعية عمال المطابع وغيرها كأول تنظيمات عمالية حرفية وما بعدها من اتحادات ومنظمات مهنية لم تشترط الهوية القومية والطائفية والمذهبية ولم تكن في نضالاتها كذلك مقتصرة على فئة دون أخرى لأن مطاليبها الأساسية واحدة ..ومن هنا فأن العمل المشترك وبالتالي التضامن والتنسيق أحيانا كان أساس توحيد صفوف العمال فمثلا أضراب عمال السكك الأول 1927 أشترك فيه كل العمال , وأضراب عمال السكك الشهير في الشالجية تضامن معه عمال نفط كركوك وعمال نفط خانقين الذين أرسلوا مذكرات أحتجاج وأصدروا بيانات تضامنية، وعندما أنفجر أول بئر للنفط في كركوك في 13/10/1927 وأدى الى وفاة عشرين عاملا دون تمييز وبنفس القياس قيست كل النضالات الأخرى للعمال العراقيين . وفي عقد الثلاثينات صدر قانون العمل 72 لسنة 1936 كمكسب أول للعمال لم يشر أو يميز فيه بين العمال .. ولدى تشكيل أتحاد العمال العراقي السري, وما بعده العلني المعترف به رسميا من قبل حكومة ثورة 14 تموز وكذلك الأتحادات الفلاحية والنقابات المهنية والمنظمات الجماهيرية الأخرى لم تشترط في عضويتها الهوية القومية أو الطائفية... وشكلت تلك المنظمات باكملها سياجا قويا لحماية الجمهورية الفتية ومسيرتها التقدمية التي افتتحتها . من هنا فان وحدة العمال العراقيين والتنظيمات المهنية والجماهيرية الاخرى ، غدت مثار حقد وغضب المتامرين وحجر عثرة في طريق تنفيذ خططهم المشؤمة ، فعملوا بكل الوسائل والطرق لتفتيت تلك الوحدة بتنصيب قيادات هزيلة تأتمر بامر السلطة واصحاب رؤس الاموال والاقطاعيين . فمسيرة المليون في ايار 1959 احتفاء ً بعيد العمال ارعبت الرجعية والمتآمرين وشركات النفط وحكومة البرجوازية الوطنية ونقصد بها حكومة عبد الكريم قاسم ، فاعدوا العدة لتمزيق تلك المنظمات بدء ً بتزوير اراداتها وبالاخص اتحاد العمال كـ ( رأس رمح الحركة الوطنية ) ومن ثم يسهل تحطيم المنظمات الاخرى . وبالفعل تم ذلك ، فتحت قيادة الاجهزة الحكومية تعاونت قوى الردة وزورت ارادة العمال في المؤتمر الثاني ، وابعدت صادق الفلاحي وعلي شكر وغيرهم من القياديين الذين ارعبوا حكومة النظام الملكي وهم من مؤسسي الاتحاد في العهد الملكي ، وجاؤا بأخرين يأتمرون بأوامر الحكومة البرجوازية ومندوبي المتآمرين .. اما قائد الطبقة العاملة الفعلي فلم يفعل شيئا ً سوى الاحتجاج الباهت . وقد اطلّت علينا صحيفة اتحاد الشعب ، انذاك ،بعنوان كبير ( خسرنا الانتخابات وربحنا المعركة )!!؟

،وبعدها سَهُلَ تزوير اتحاد الجمعيات الفلاحية ، فنصِبَ عراك الزكم على رأس الاتحاد وابعد المناضل كاظم فرهود ابو قاعدة .المعروف بتاريخه النضالي المشرف . .. وبتحطيم ذلك السياج الجماهيري المتين وتجريد قاسم من مناصريه ، وهو الذي سَهّلَ ذلك ، نجح الانقلاب الاسود في شباط 1963 فقتل قاسم ولكن قتل الالوف على يد الانقلابيين وذبحت الجمهورية ومكاسب الشعب!ِ ؛ وتوالى تحطيم ارادة العمال وتزويرها وابدلت بسهولة القوانين التي ترعى مصلحة العمال بقوانين جائرة ...

والان، وبعد سقوط الصنم الاكبر جرى بعض الانفتاح (على الورق) وبدأت محاربة التنظيمات المهنية والجماهيرية وبالقوة الغاشمة فيطلق الرصاص على المتظاهرين وعلى المضربين اما شراء الذمم والفساد والمحسوبية والتزوير فحدث دون حرج، وسيادة الظلامية بكل مرافق الحياة ، ناهيك عن القتل على الهوية الدينية و..و.. والكثير من الواوات ....

فـهــل نستفيــــد من تلــك الـــــدروس؟ عسانــا !!






 

 

free web counter