| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجاح يوسف

 

 

 

 

الثلاثاء 28 /11/ 2006

 

 

عندما غرقت بغداد في ظلام الطائفية

نجاح يوسف

بغداد مدينة السلام ..هكذا كان يطلق عليها قديما.. لكنها لم تعد كذلك اليوم.. فسماؤها ملبدة بغيوم الحقد والضغينة, والإرهابيون والميليشيات المدججين بالمفخخات والهاونات وبجميع الأسلحة المختلفة يملؤون الدنيا زعيقا, يبشرون سكان بغداد بالموت والثار , وينشرون الموت في أزقتها وشوارعها وأسواقها ومساجدها, لا فرق من يقتلون , طفلا كان ام إمراة, عجوزا أم شابا , لا فرق .إنهم يقتلون من اجل خراب العراق واهله ومستقبله.. لكن كيف ينام ساستها ليلهم ؟ وهل يتحسسون فعلا آلام ومشاكل ناسها كما يدعون؟ أشك في ذلك , وإلا لجلس الجميع حول طاولة مستديرة والتحفوا بضمائرهم وعراقيتهم ووجدواعلاجا ناجعا وسريعا لجراحات وماسي الناس..

فإطلاق تسمية الحرب الأهلية على ما يحدث في العراق اليوم ليس دقيقا, فالحرب الدائرة هي حرب طائفية لم يعرف تاريخ العراق الحديث مثيلا لها, واسبابها وعوامل تأجيجها أصبحت أيضا معروفة , فكل القوى السياسية الدينية منها واللبرالية والتي رسخت تقسيم المجتمع العراقي إلى سنة وشيعة وأكراد ,ومنذ ان كانوا في المعارضة للنظام المقبور لها بصماتها الواضحة في دفع الأمور بهذا الإتجاه الخطير, إلى جانب المحتل والذي كان عرابا للتقسيم الطائفي وكذلك مجرمي النظام المقبور وحلفائهم التكفيريين الوافدين من الخارج ..

فهل فات الوقت وأصبح الحل بعيد المنال؟ وهل سيفيضان دجلة والفرات بدماء العراقيين, وتتحقق آماني أعدائه في تقسيمه وتفتيته ؟ أسئلة جدية تحتاج ليس فقط إلى اجوبة ولكن إلى فعل جاد من الجميع حكومة وأحزابا وبرلمانا وجامعة عربية وامم متحدة .. فالأحزاب الإسلامية المعنية بدورة القتل اليومي والطائفي , والتي ما زال حبر توقيعها على وثيقة مكة لم ينشف بعد, عليها ان تعي مسؤوليتها الكبرى عن ما يجري في العراق من حرب طائفية مقيته وقتل عشوائي, وتهديد وتهجير متبادل, وإعتداءات بربرية على أبناء وبنات الطوائف والأديان الصغيرة , والهجرة الواسعة للعراقيين , وزرع اليأس في نفوس أبناء شعبنا..وعليها ان تعي حقيقة ان التاريخ سوف لن يرحمها والشعب العراقي لن يسامح من ساهم ويساهم في سفك دم العراقيين وينتهك حرياتهم واعراضهم..

فإذا كان العراقيون, الذين هم أصحاب القضية لا يبالون بما يحدث أوما يخطط له اعداء وطنهم وشعبهم في الخفاء والعلن, فهل يا ترى تبقى هذه الغالبية العظمى من الشعب صامتة وأسيرة وهم نزول الحلول عليها من السماء أو تأتيها الحلول من الخارج؟ فالقوى الديمقراطية والعلمانية بشكل عام والتي لم تتلطخ سمعتها بهذا النهج الطائفي المدمر والذي يهدد كيان العراق كله عليها التحرك على جبهتين وبشكل متزامن ..فهي من جهة عليها رص صفوفها وطرح رؤيتها وحلولها للأزمة المستفحلة وتوعية وتعبئة الشارع العراقي وتحذيره من مغبة الإنزلاق في نيران هذه الحرب الطائفية المدمرة , لا بل وضع المرجعيات الدينية الشيعية والسنية أمام مسؤولياتها في إدانة هذا النهج ورفع يدها عن دعم تلك الاحزاب الإسلامية التي تدعو للطائفية والتناحر والفوضى والفساد , وتساهم ميليشياتها في جرائم القتل العشوائي وانتهاك حريات الناس وحرماتها .. بالإضافة إلى ذلك عليها الضفط على جميع القوى السياسية, حكومة وبرلمان من اجل دفع عملية المصالحة الوطنية إلى امام وخلق ظروف طبيعية تخفف من التوترات وتدفع الأمور إلى التهدئة مما يساهم في ايجاد ارضية مناسبة للخروج من عنق الزجاجة والتوجه لبناء البلد الذي مزقته تلك الحرب البشعة.. ومن جهة ثانية على تلك القوى دعوة الأمم المتحدة للمشاركة الجادة وعقد مؤتمر شامل تحت رعايتها لجميع القوى السياسية دون تهميش او إقصاء للوصول إلى صيغ مناسبة لإنهاء هذا الإحتقان الطائفي, وتطبيع الأمور وترتيب البيت العراقي بما يعزز من دور المؤسسات الحكومية وحل جميع الميليشيات الكثيرة والمتعددة المذاهب ونزع سلاحها , كما ينبغي على الحكومة العراقية والأمم المتحدة الضغط على دول الجوار بالكف عن التدخل بالشأن العراقي ودعم الإرهابيين والميليشيات.. فالمنظمة الدولية عليها إلتزامات امام الدول المنضوية تحت رايتها, إذ لا يكفينا فقط نشرها البيانات وأرقام الضحايا بل العمل الفاعل من أجل ايقاف هذا الجنون الذي يعصف بالعراق وأهله.. وهذا يتطلب من سياسيينا المخلصين الضغط على المحتل أيضا من اجل تنفيذ التزاماته تجاه شعبنا حسب قرارات الأمم المتحدة وتحديد جدول زمني لمغادرته أرض العراق, وتغيير سياسته العرجاء في العراق والمنطقة..

ومهما حاولت زمر الإرهاب من صداميين وتكفيريين والميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون زرع الفتنة بين الشعب الواحد وتأجبج المشاعر الطائفية المتخلفة أملا في تحقيق مآربها المناهضة لطموحات شعبنا الذي عانى كثيرا من جرائمها وانتهاكاتها , فإن قوى شعبنا السياسية الخيرة وكافة ابناء شعبنا الصامد ستنتصر في نهاية المطاف..