نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجاح يوسف

 

 

 

 

الثلاثاء 26 /7/ 2006

 

 

وجهة نظر

من اجل حل شامل للوضع الأمني المتردي في العراق


نجاح يوسف

الذي يراقب المشهد السياسي العراقي والأمني لابد وأن يصيبه اليأس والقنوط من إمكانية ايجاد مخرج من الأزمة المستفحلة , لاسيما وقد مرت اكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام المقبور والوضع الأمني يزداد سوءا رغم تضاعف عدد أفراد الجيش والشرطة ووجود 150 الف من قوات المتعددة الجنسيات المزودة بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية والتكنولوجيا المتطورة.. والكل يعلم بان جميع الملفات المهمة الأخرى ( السياسية والإقتصادية والإجتماعية) مرتبط نجاحها وتطورها ارتباطا وثيقا في السعي الحثيث من جانب القوى السياسية التخلص من أرق الملف الأمني الثقيل وفرض الامن والاستقرار في ربوع الوطن .. وذا اردنا فعلا لا قولا فقط كبح جماح الإرهابيين وإفشال مخططاتهم , وحل الميليشيات الارهابية المسلحة الكثيرة المنفلتة وتدخلها الفظ في خصوصيات الناس مما يتعارض تعارضا صريحا مع فقرات الدستور, فلابد من استخدام آليات جديدة, واجراءات جادة وفعالة, وربما تكون هذه الاليات غير مرغوب بها من قبل العديد من القوى السياسية ..

والذي دفعني لتقديم هذا المشروع هو الحرص الشديد على وحدة وسلامة العراق والعراقيين اولا , وثانيا لم أجد مع الأسف الشديد ,ولحد الان أي مشروع وطني شامل وموضوعي لحل هذا الملف المهم , بل نجد مشاريع ترقيعية , لا تخرج عن إطار وضع خطط أمنية مخترقة أصلا من قبل الإرهابيين والميليشيات نتيجة اعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية في قبول طلبات التطوع في القوات المسلحة التي هي شر البلاء وأحد الأسباب المهمة التي تزيد الوضع الأمني تعقيدا..مما يعزز الفكرة بأن تلك المشاريع الجزئية المطروحة ما هي إلا غطاء لترسيخ مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية واستخدامها وقت ما تشاء تلك القوى السياسية من خلال رجالاتها في القوات المسلحة المتعددة وضمن الميليشيات المسلحة لفرض إرادتها على المجتمع بأسره.. وبإختصار فإن معظم الأحزاب والحركات المشتركة في الحكومة الحالية ليست من مصلحتها حل الميليشيات لأنها تستمد قوتها وعنتها منها , إن لم تكن تستلم تعليماتها المباشرة من رجالاتها ..

ما العمل إذن؟
الحل الذي سأطرحه يمثل باعتقادي حلا شاملا وجذريا, لمسألتين مهمتين :

1- تشكيل جيش وطني عراقي

2- التخلص التام من مبدأ المحصاصة الطائفية والإثنية

وبالطبع لا يمكن لأي خطة عمل أن تنجح إن لم تكن هناك رغبة حقيقية وايمان راسخ بالحلول المطروحة لدى المعنيين وأقصد هنا القوى السياسية في البرلمان وخارجه ..فالقضية الأولى والمهمة هي استعادة مكانة واهمية القوات المسلحة كونها حامية للدولة الدستورية وشعبها وتدافع عن استقلال العراق وحدوده وتعجل بخروج قوات الإحتلال من بلادنا.. وللقيام بهذه المهام النبيلة لابد من ..

1- التخلص تماما, وعلى مراحل, من قبول طلبات التطوع العشوائي المبني على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية , وهذا يعني حل جميع التشكيلات العسكرية ( الجيش والشرطة ..الخ) التي تشكلت على أساس طائفي وعرقي ودمجها بتشكيلات اخرى لا تدخل ضمن هذه التقسيمات الخطرة على وحدة الشعب العراقي..وبذلك تتشكل لدينا وحدات عسكرية عراقية وطنية شاملة , حيث سيكون منتسبيها من كافة فئات الشعب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه..
2- إعادة العمل بأسلوب الخدمة الإلزامية والبدء بدعوة المواليد الجديدة للخدمة العسكرية ولفترة سنه واحدة او 18 شهرا على اكثر تقدير..يتلقى فيها المكلف تدريبات عسكرية على احدث الأسلحة , إلى جانب تثقيفه بمواد الدستور والدفاع عن الوطن..وينسب إلى الوحدةالعسكرية التي تستجيب إلى اختصاصه لا غير..وبذلك فسوف نخلق جيشا وطنيا جديدا ونمتص جزءا من البطالة الحالية من خلال دفع راتب رمزي وقدره 100 دولار او اكثر للمكلف, إلى جانب القضاء على مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية من خلال المعايشة المشتركة لجميع فئات الشعب العراقي في هذه الوحدات العسكرية ..ويمكن تطبيق هذه المبادئ على وحدات الشرطة والأمن وغيرها..
3- إعادة اعداد كبيرة من ضباط الصف الجيش العراقي القديم والشرطة إلى الخدمة ( جندي اول , نائب عريف , رئيس عرفاء..الخ) بعد التأكد من ولائهم للوطن وعدم اشتراكهم في قمع الشعب , وإعادة تثقيفهم بحماية الدستور والدفاع عن النظام الديمقراطي وصيانة حدود الوطن وسيادته..والسبب يعود إلى ان هؤلاء هم كوادر عسكرية تدريبية جيدة , وهم الذين يقومون بمهمة تدريب الجنود المكلفين على السلاح بدل من اناطة هذه المهمة لقوات المتعددة الجنسيات ..وبذلك نضمن ولاء الجيش للوطن ونعزز روح المواطنة لدى قواتنا المسلحة..
4- الاستفادة من خريجي الجامعات العراقية العلمية منها خصوصا, وذلك بفتح دورات للضباط الاحتياط لمن يرغب في ذلك مع تقديم حوافز مادية لهم , ودون النظر إلى قومية ودين وطائفة المتقدم ..ويكون مبدأ الولاء للوطن والدستور هو المقياس للقبول , إضافة للوضع الصحي والبدني المناسب للمتقدم.. ويمكن للمتقدم ان يستمر في الخدمة إن رغب في ذلك او الخروج منها بعد انتهاء دورته والتي تقرر فترتها القيادة العسكرية المشكلة..
5- يكون الإشراف والتدريب والقيادة لهذا الجيش بأيدي عراقية وطنية نزيهة لم تشترك في قمع الشعب أبان حكم صدام المقبور ولم تتلطخ ايديها بدماء العراقيين, كما ومن الضروري جدا تسليحه باحدث أنواع الأسلحة للدفاع عن الوطن..
6- يتم تعيين وزيرا للدفاع من الضباط الأركان الأكفاء والوطنيين ويتم تشكيل مجلس الأمن الوطني من كبار الضباط وممثلي القوى السياسية يأخذ على عاتقه فرض الأمن والنظام وحل الميليشيات المسلحة والقضاء على البؤر الإرهابية مع الحفاظ على سلامة وامن المواطنين ..
7- فتح الكلية العسكرية وكلية الشرطة وكلية الأركان وإعادة النظر بشروط القبول فيها بحيث يكون مبدأ الإخلاص للوطن والنزاهة واحترام الدستور هو الساري في قبول المنتسبين ..
8- حل جميع الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب والجماعات السياسية , مع ضرورة عدم دمجها بالقطعات العسكرية والأمنية , وإيجاد فرص عمل شريفة لمن يستحقها ..كما يجب إعادة تشكيل قوات الحدود على نفس الأسس السابقة..

وقد يحاجج البعض بان الدولة ليست قادرة على دفع رواتب هذا العدد الكبير من المكلفين واحتياجات الجيش الجديد..فهذه الحجة مرفوضة أساسا لأن الهدر المالي الحالي , والنهب الحاصل في الثروة النفطية والفساد يفوق بكثير متطلبات هذه المهمة الجليلة..

أما في مجال التخلص من مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية . فإن الشوائب التي علقت بالدستور العراقي قد رسخت ذلك المبدأ المقيت والمعرقل للتطور الذي ننشده لبناء مجتمع عصري. كما انتقصت كثيرا من مبدأ المواطنة الذي عليه يتم بناء الدولة العصرية ..لذا يجب على اللجان التي ستشكل لإعادة النظر في فقرات الدستور, تخليص الدستور العراقي من كل الفقرات التي تتعارض مع لائحة حقوق الإنسان العالمية , او تلك الفقرات التي تعيق التطور الحضاري للوطن والمجتمع , وخاصة تلك التي تنتقص من حقوق المواطنة وحقوق المرأة , أو الفقرات التي تتحمل أوجه التأويل, أو التي تتعارض مع حرية الفكر والبحث العلمي ..

كما يتطلب تحقيق ذلك أيضا تظافر جهود كل الوطنيين , إذ انها مسؤولية الجميع , من أجل تشكيل جبهة مشتركة لإحياء مبدأ المواطنة ورفض جميع أشكال التصنيف الطائفي والعرقي, من خلال القيام بحملات توعية ونشاطات متنوعة في داخل البرلمان وخارجه لتعميم هذا المبدأ والعمل به..

أعي تماما بان هذا المشروع سيواجه الكثير من الشكوك والاتهامات والعراقيل وخاصة من قبل القوى السياسية التي لا يروق لها عودة الامن والاستقرار لبلادنا.. وستوضع العديد من المشاكل والعراقيل امامه مستخدمين الحجج العقيمة من اجل اجهاضه.. ولكن عند طرح المشروع للنقاش سيضع الجميع امام مسؤلياتهم ويتبين للشعب حينذاك, الوطنيون المخلصون عن غيرهم..